Sunday 21st March, 1999جريدة الجزيرة 1419 ,الأحد 4 ذو الحجة


أمان الخائفين
حين يتحقق الحلم
د, هناء المطلق

يقول احد الكتاب إنها لمصيبة ان لم تتحقق أمنياتك,, ومصيبة ان تحققت,, وأريد ان أتبقى مع الأخيرة.
لماذا يبدو الحلم احلى من الحقيقة؟, لماذا تفقد الاحلام اثارتها حين تتحقق؟.
ربما لأن جنون التوق اليها قد اختفى؟.
ومحتوياتها التي كانت تشعل تحرقاتنا اليها تصير جسداً بارداً مملاً؟.
أعتقد ذلك, فلقد انزلنا الحلم حين تحقق من (عالمه) هو الى (عالمنا) نحن, وحين اقول عالمه فأنا اقصد عالم الخيال، العالم الازلي الدائم الاخضرار حيث الصورة هناك تتشكل وتتشكل معبئة بطاقات سحرية دائمة التفجر.
فالصورة في اللاشعور وفي الخيال طازجة دائماً حرة أبداً لا تموت، بل تتشكل مثل جن الوديان المسحورة, تغير نفسها من شكل الى آخر امام اعيننا المفتونة لتخطف منا الجنود فنعود اليها، نعود حيث ينهكنا عالم البشر الشاحب.
ولقوانين الخيال او بالاصح علاقتنا بخيالاتنا تطبيقات عملية واضحة في حياتنا، فكثيرا ما نقول: تلقي الصفعة أهون من توقعها ,وذلك لأن الخيال يميل الى تضخيم تفاصيل ما نتوقعه أو ما نحلم به أو ما نتمناه أو ما نخافه.
وعادة ما يستغل الناس خاصية الخيال هذه لأجل اثارة الرعب في الآخرين او اثارة الفرحة فيهم دون ان يبذلوا هم في الواقع من الجهود ما يكفي لاثارة هذا الكم من الخوف او الفرح ولكنهم فقط عرفوا كيف يسوسوا خيال المتلقي كمكبر لأجل تضخيم ما يريدون تضخيمه, اي تركوا الامر لقوانين الطبيعة.
وعلم النفس يسوس خاصية الخيال هذه لأجل انجاح تعاملاتنا مع الآخرين, فحين تريد ان تنقل خبراً سيئاً، سقوط في امتحان مثلا، الى شخص جزوع وتريد ان تخفف عليه وقع الخبر، فعليك ان تقول له إنك تحمل له خبراً سيئاً ثم تسكت قليلاً.
وقد تضيف مثلا بأن عليه ان يقبل الأمر بشجاعة ثم تسكت لحظة تاركاً زمام الأمر لخياله ولقوانين التضخيم والمكبرات لتفعل فيه فعلها وسوف تقفز به خاصية التضخيم بسرعة الى اقصى الحدود وهي عادة: هل مات احد؟ اخبرني بسرعة تكلم.
حينها سوف تدخل بثقلك لتقول له إن الامر ليس كذلك ولكنك للأسف لم تنجح (لا تقل سقطت).
وسوف تفاجأ كيف ان صاحبك الجزوع قد وجد الأمر سهلاً هيّناً بالمقارنة مع ما أوصله اليه خياله, وكيف استقبل خبر السقوط بشكل أهدأ كثيراً مما كان سيحدث لو انك نقلت اليه الخبر (حاف) ودون ان (تروّعه), ومع ذلك فأنا احذرك من فعل ذلك حين تنقل لشخص خبرا حلوا، فعليك ان تنقل له الخبر مباشرة, ذلك لأنك ان قلت له: لديّ خبر حلو، فسوف يقفز الى اقصى السقوف ويتخيل اشياء كبيرة في جمالها بسبب الخاصية التضخيمية للخيال فيفسد عليك مفاجأتك لانه سيراها تافهة.
فعلى عكس الخبر السيىء تعمل خاصية التضخيم هنا ضدك لأن الشخص سوف يتوقع الكثير,, وبالتالي لن يسعده ما ستقوله له بالقدر الذي تصورته انت، لأنه سيبدو له صغيراً بالمقارنة مع ما جاء به خياله.
رجوعأعلى الصفحة
الاولــــى
محليـــات
مقالات
المجتمع
الفنيـــة
الثقافية
الاقتصـــادية
القرية الالكترونية
منوعــات
عزيزتي
ساحة الرأي
الرياضية
تحقيقات
العالم اليوم
مئوية التأسيس
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved