يبدو ان الصرب سواء في صربيا أو في كيانهم الانفصالي في جمهورية البوسنة والهرسك، يريدون بسياساتهم ومواقفهم المتشابهة في اقليم كوسوفو وفي البوسنة ان يشعلوا نيران الحرب في منطقة البلقان برمّتها.
ففي كوسوفو يواصل الجيش الصربي فرض قتاله غير المتكافئ على جيش تحرير كوسوفو الذي يقاتل دفاعاً عن حياته وعن حياة شعب الاقليم ذي الاغلبية المسلمة من العرقية الالبانية.
وأدى تعنت رئيس صربيا ميلوسيفيتش ورفضه لخطة مجموعة الاتصال الدولية الخاصة بالحل السياسي في الاقليم، أدى الى فشل المحادثات التي عقدت في اطار مؤتمري رامبوييه وباريس الامر الذي دفع الامور بقوة نحو الخيار العسكري الذي لم يعد امام حلف الناتو أي خيار آخر بديل له ما لم يتراجع ميلوسيفيتش وقيادة صربيا عن هذا التعنت الذي يدل على عدم حسن تقدير للعواقب الوخيمة للقتال إذا اندلع في كوسوفو بين جيشهم وقوات حلف الناتو.
والايام القليلة القادمة - كما قال وزير خارجية بريطانيا - ستشهد بدء الضربات الجوية الموجهة ضد الجيش الصربي في كوسوفو اذا لم يتراجع قادة صربيا عن موقفهم الرافض لخطة السلام.
وما يحدث من جانب الصرب في كوسوفو يتكرر - الآن - من جانب الصرب فيما تسمّى جمهورية الصرب الانفصالية في البوسنة والهرسك إذ إن رئيس هذا الكيان ذهب على رأس وفد الى لاهاي طالبا اعادة النظر في القرار الذي اصدرته لجنة التحكيم الدولية بشأن تدويل ادارة مدينة برتشكو التي هي في الاصل مدينة بوسنوية ، والقرار يبقيها ضمن أراضي جمهورية البوسنة وان اخضعها الى ادارة مشتركة من الصرب والبوسنة والكروات.
ويريد الصرب في كيانهم الانفصالي بطلبهم اعادة النظر في قرار لجنة التحكيم، يريدون بذلك ضم مدينة برتشكو الى جمهوريتهم الانفصالية !
تماما مثلما يتمسك صرب صربيا بضم اقليم كوسوفو الى ما تبقى من يوغسلافيا السابقة متجاهلين بعنجهية حقوق السكان من الاغلبية الألبانية المسلمة، بل إنهم رفضوا قبول مجرد حكم ذاتي موسع لهؤلاء السكان طبقا لما ورد في خطة السلام التي وقّعتها مجموعة الاتصال الدولية.
وصرب البوسنة يدركون جيدا، مثلما يدرك اخوانهم في صربيا ان أي تعديل لقرار لجنة التحكيم بما يفيد ضم برتشكو لكيانهم الانفصالي يعني حتما، انتشال عملية السلام التي اقرها اتفاق دايتون في البوسنة والهرسك وعودة البلاد كلها الى حرب جديدة لايعلم الا الله وحده مداها الجغرافي ، أو حجم خسائرها في الارواح والممتلكات.
ان الصرب في صربيا وفي البوسنة يتصرفون بدون أدنى تقدير للمسئولية او للعواقب التي يمكن ان تؤدي اليها سياساتهم الرعناء ومواقفهم البليدة.
الجزيرة
|