الجزيرة تناقش مزايا ومعوقات دراسات الجدوى بالمملكة دراسات الجدوى,, ضرورة استثمارية أم ترف فكري؟! |
* تحقيق : عذراء الحسيني
عندما يقدم اي شخص على شراء سلعة ما، يمارس بالغريزة اسلوب المفاضلة بين الأصناف المختلفة المعروضة واسعارها تمهيدا لانتقاء الافضل تبعا للجودة والسعر، كذلك فان ما يعترضنا يومياً من متطلبات الحياة غالباً ما نتعامل معه بعدة احتمالات يمكن تشغيلها ضمن عدة حلول تسمى البدائل المتاحة نتوصل لبعضها بمجهوداتنا الذاتية ولبعضها الآخر بمشورة اهل الخبرة وتضعنا هذه الحلول في حيرة من امرنا لاتخاذ القرار السليم حول ارشادها اذ انه في بعض الاحتمالات يمكن ان يكون الاختيار السيىء بمثابة الكارثة ولا سيما اذا قابلها حالات اختيار مثلى تعود بافضل النتائج, وذلك باتباع الطرق والتقنيات العلمية في هذا المجال ان صرف قليل من المال لصنع قرار سليم مبني على دراسة الجدوى الاقتصادية لمشروع ما بغية التماس وضعه فيما اذا كان مرغوباً به ام لا هو افضل بكثير من المجازفة بأموال كبيرة قد تعود بالندم على صاحبها ولكن ما هو السبيل للتعرف على القرار الرشيد والحكيم,,؟ وما هو دور العلم في رفع درجة ومستوى مهارة هذا الاختيار؟
ونظراً لأهمية دراسة الجدوى على المشاريع الاقتصادية بالنسبة للمستثمر السعودي بصفة خاصة وعلى الاقتصاد الوطني بصفة عامة كانت لالجزيرة لقاءات مع الجهات المعنية بهذا الموضوع والمتمثلة بادارة البحوث والدراسات بالغرفة التجارية والمكاتب الاستشارية المؤهلة بدراسة الجدوى للاطلاع على ذلك الموضوع الحيوي الهام, الاستاذ حمد العوفي صاحب مكتب للاستشارات المالية قال: ان دراسة الجدوى الاقتصادية تهدف الى الوقوف على مدى النجاح المتوقع مع التأكد من انه ليست هناك عوائق جوهرية لتنفيذ الفكرة الاستثمارية والعمل على تقليل المخاطر التي يمكن ان تنتج من اقامة المشروع, واضاف بأن الجدوى تهدف الى مساعدة المسؤولين على اتخاذ قرار مبدئي بقبول فكرة المشروع او رفضها وتوضح أبعاد الفكرة الاستثمارية وما يصاحبها من مزايا للمستثمرين وللمجتمع من مختلف النواحي وما يقابلها من مخاطر وعقبات وبعبارة اخرى الهدف من الدراسة هو معرفة مدى العائد الذي سيحققه المشروع بعد تنفيذه اخذا في الاعتبار كافة المعلومات التي توفرت عند الدراسة.
المحاور الرئيسية
وعن أهم الاسئلة التي يجب ان تتعرض لها دراسة الجدوى الاقتصادية في التقييم الكامل وقبل البدء في تنفيذها قال الاستاذ فيصل المحيميد مدير مركز البحوث والدراسات بالغرفة التجارية الصناعية بأن هناك عدة جوانب تسعى دراسة الجدوى الى تناولها للاجابة عن عدد من التساؤلات او الفرضيات وتشمل مجموعة من الدراسات الفرعية في الجوانب الاساسية المرتبطة بايضاح الحاجة الى المنتج او الخدمة التي سوف يوفرها المشروع والنواحي النظامية التي تسمح باقامة المشروع والنواحي الفنية التي يتوقف اقامة وتشغيل المشروع عليها والمؤشرات المالية المبينة للاستخدامات والموارد الرأسمالية وتكاليف التشغيل واخيراً المعايير الاقتصادية الموضحة للعائد من المشروع, واضاف المحيميد بأن دراسة الجدوى التمهيدية تناقش الفكرة الاساسية للمشروع وتعمل على معرفة مدى ارتباطها بالواقع او البيئة الاقتصادية والاجتماعية لفئات المستهلكين المتوقعين وخصائصهم وعاداتهم الاستهلاكية كما تجيب على التساؤل الخاص بماهية المنتجات البديلة او المنافسة للمنتجات التي يتوقع ان ينتجها المشروع، وما هي مصادر هذه المنافسة؟ هل هي من انتاج محلي او مستورد؟ وما هي مستويات الاسعار السائدة في السوق ولا بد ان تتناول الدراسة مستويات الطلب على المنتجات البديلة او المنافسة وما هو حجم الطلب المتوقع مستقبلا؟ كذلك لا بد ان تتناول الدراسة البدائل المتاحة من الطرق والوسائل الفنية للانتاج والآلات والمعدات التي سيستخدمها المشروع وهي الجوانب التي تساعد على تحديد الحجم الاقتصادي للمشروع هل هو مشروع صغير او متوسط او كبير؟ وايضا حجم القوى العاملة ومدخلات الانتاج المختلفة اللازمة للمشروع ثم تستكمل الفرضيات اللازمة للتعرف على الجدوى الاقتصادية للمشروع من خلال تحليل التكاليف المختلفة وصولا الى بيان المؤشرات المالية والاقتصادية الدالة على مدى جدوى المشروع اقتصادياً وفنياً.
اما عن اهمية دراسة الجدوى بالنسبة للمستثمر السعودي وانعكاس ذلك على الاقتصاد الوطني قال الدكتور شوقي قدو من مركز الشرق الاوسط للاستشارات الصناعية الاقتصادية بأن دراسة الجدوى الاقتصادية لاي مشروع يقوم به اي مستثمر في اي بلد شرط لا غنى عنه وخطوة لا بد من القيام بها قبل البدء في ضخ اي اموال بالمشروع او عقد اي ارتباط لتنفيذه هذا في البلدان المتطورة صناعيا واحصائياً ومعلوماتياً حيث يستطيع المستثمر ان يصل الى ما يحتاجه من بيانات ومعلومات سوقية وتقنية ومالية بسهولة ودقة وحداثة وبالتالي فان المستثمر في البلدان حديثة العهد بالتطور الصناعي كما في المملكة ودول الخليج العربي الاخرى بحاجة اكثر الى دراسة الجدوى التي تتطلب بحثاً عن المعلومة اصعب واشق مما هو عليه في البلدان الصناعية, ان عدم توفر احصاءات منشورة مجمعة وعلى مستوى المنشآت ولكل قطاع صناعي او تجاري او زراعي على حدة وميل بعض المنشآت الى السرية والتكتم والتردد في نشر ما لديها من معلومات والخوف الذي لا مبرر له من اعلان هذه الارقام يجعل مهمة الباحث في المملكة ودول الخليج مثلها مثل باقي الدول التي لم يتطور فيها الوعي الاحصائي بالقدر الذي هو عليه في الدول المتقدمة ولدينا في المملكة شواهد عديدة على المنشآت التي اقيمت بدون الاستناد الى دراسة جدوى فقد وجدت من العثرات والمشاكل ما اعاق تطورها بل وقضى على بعضها.
الطلب على دراسات الجدوى
وعن الجهات التي تطلب دراسات الجدوى قال الاستاذ فيصل المحيميد بأن هناك العديد من الجهات ومن ابرزهم:
- المستثمرون وراغبو الاستثمار.
- الوزارات المسؤولة عن تنظيم الانشطة الاقتصادية مثل: وزارة الزراعة والكهرباء بالنسبة للقطاع الصناعي ووزارة الزراعة والمياه فيما يتعلق للقطاعات الزراعية والحيوانية والداجنة والسمكية ووزارة التجارة بالنسبة للقطاع التجاري والانشطة الخدمية بالفنادق والسياحة والمطاعم.
- الغرف التجارية والصناعية بالحصول على دراسات الجدوى في اطار برامجها للترويج للفرص الاستثمارية وتوسيع دائرة الاستثمار للقطاع الخاص الذي تمثله.
- الجهات المعنية بتمويل المشروعات مثل البنوك وصناديق التنمية الحكومية التي تتولى توفير الدعم المالي للمشروعات.
- الجهات المعنية بشؤون البيئة للتعرف على التأثيرات البيئية للمشروع.
- الشركات والمؤسسات المنتجة للسلع المعمرة من الآلات والمعدات للتعرف على امكانية تنفيذ انتاجها وتسويق منتجاتها للمشروعات المنتظرة.
دراسات قادمة من الخارج
وبسؤال اذا ما قدم احد المستثمرين دراسة جدوى لمشروع كان قد جاء به من الخارج لأحد المكاتب السعودية لاعتمادها وتصديقها مقابل اتعاب فهل يسمح بذلك؟.
اجاب الدكتور شوقي قدو قائلاً: أولاً لا اشك في ان الاغلبية الساحقة من زملائي الاستشاريين المحليين يترفعون عن مثل هذه الأتعاب, وثانياً ومع اقرارنا بأهمية دور الاستشاري الخارجي لما تتمتع به المكاتب الاستشارية الدولية من خبرات ومعارف هي حصيلة التطور الذي تشهده الدول المتطورة وقدرة الاستشاري الخارجي في الجوانب الفنية والتقنية للمشاريع ورغم ذلك كله فان الدور الذي يلعبه الاستشاري المحلي الذي يقوم بواجبه المهني بالشكل المطلوب ولا سيما استمرار تطوير نفسه وتطوير العاملين معه ومتابعة تأهيلهم واتاحة الفرص امامهم للتدريب والاطلاع والتعمق, ان دور مثل هذا الاستشاري المحلي لا يقل بل يزيد على دور الاستشاري الخارجي, ولا نغفل ادعاء الاستشاري الخارجي بقدرته على تفهم ظروف العمل المحلية كما ان حاجة المستشار السعودي للاستشارة الخارجية نابعة من حاجته الى المعارف والعلوم والتقنيات والاساليب الاكثر تطوراً وحداثة قد يمده بها الاستشاري الخارجي, ولعل وصول الاستشاري المحلي الى المستوى المطلوب لا يتطلب تضحية وجهدا وانفاقا من المستشار نفسه فقط بل يتطلب كذلك دعم الهيئات العامة والمؤسسات والافراد والمستثمرين المحللين للاستشاريين السعوديين والاصرار على اشراكهم في اي مشروع وعدم السماح للمستشار الخارجي بتقديم كامل الخدمة لدراسة اي مشروع بدون اشراك المستشار السعودي.
المعوقات لدراسة الجدوى
وفيما يتعلق بأهم المعوقات التي قد تواجه المكاتب الاستشارية لدراسة الجدوى اجاب الاستاذ حمد العوفي: هناك على سبيل المثال:
- النواحي الفنية والتسويقية المتعلقة بالمشروع.
- مدى توفر الكادر المؤهل الذي سيقوم بالدور الجيد للعمل.
- عدم توفر المعلومات الضرورية واللازمة للدراسة.
- صعوبة تفهم المجتمع لنوعية المشروع المراد تنفيذه, قلة التكاليف (الأتعاب) مقارنة بحجم العمل المطلوب لتعدد المكاتب.
|
|
|