قالوا: السيل حرب للمكان العالي (1) او بان علاني من دوني ، أو قول ثالثهم ايليا ابو ماضي
والأرض للحشرات تزحف فوقها والجو للبازي وللشاهين |
علما بأن القمة تدين غالبا للسفوح والا فكيف سيكون الشابي فوق القمة الشماء اذا لم تكن هذه القمة معتمدة، ومتكئة ومتوسدة على الجذور والسفوح، كيف سيسكن اذا قال
سأعيش رغم الداء ، والاعداء كالنسر,, فوق القمة الشماء!! |
وفي الطرف الاخر ,, يبقى الشعراء والآخرون، فرحين بما آتاهم الله من البلاغة حين يزحفون فوق الارض، ويلتصقون بها، هازئين بالقمم .
كما يقول الفيتوري بل يتجاوز الأمر ذلك الى بث روح التخاذل والوصاية والتحذير من الارتفاع ، الذي - وبقوة الجاذبية، سيسقط الى الارض - كتفاحة العم اسحاق نيوتن .
ماطار طير وارتفع,. الا كما طار وقع,, !! |
من محفوظ القوم، هذا المقطع ,, بل من المشهور، والمعروف من الوعي بالضرورة!!
حتى الوصاية,, لم يتركها المجانبون فهاهم يحذرون بقولهم
بقدر الصعود ,, يكون الهبوط فاياك ، والرتب العالية وكن في مكان اذا ما سقطت تقوم، ورجلاك في عافية!! |
هنا ارفع راية الحيرة ، راية الدهشة، من هذه النصوص التي تتراوح بين مع/ او ضد ، الارتفاع،تدركني لذة البحث، فأصل الى اللا شيء ويبقى في البال استفهامات شتى، وخير العلم ما سكت عنه، ولكن قبل الانصراف، اجدني ، حافظا لنص يقبل ظهر الورقة ، ان لم يرم بها في مهاوي الردى، نص مهرب من ذاكرة الاذكياء، الذين تعرفهم بلحن القول وتحسبهم رقودا وهم ايقاظ:
يقول واحدهم
رأيت الدهر يرفع كل وغد ويخفض كل ذي زنة شريفه كمثل البحر يغرق فيه در ولا ينفك ,, تطفو فيه جيفه وكالميزان يخفض كل واف ويرفع كل ذي زنة خفيفه!! |
يبقى انت ايها القارىء - أمرتفع كالجيفة، او منخفض كالحشرة؟! ام لا هذا ولا ذاك، حينها تكون من انصار د, جابر عصفور الذي يعتبر مثل هذه الشواهد (من القياس الخادع او التخييل ، وهو موضوع الشعر والخطابة في نفس الوقت، ذلك لان الشعراء، والخطباء يجعلون اجتماع الشيئين في وصف علة لحكم يريدونه، وان لم يكن كذلك في المعقول، ومقتضيات العقول) (2) بقى ان اقول: هناك اقوال ترتفع كاللهب,, واخرى تتساقط كالمطر,, واللهيب والمطر ضدان!!
هامش:
1 - جواهر الادب للهاشمي ص 445/2.
2 - الصورة الفنية في التراث النقدي والبلاغي عند العرب د, جابر عصفور ص 75.