القرار بيدك,, أنت الوحيد القادر على إزاحة هذا الكابوس عن صدرك وعن كواهل الآخرين، فكر في المسألة جيدا، ولا تتسرع رجاء,, أنت لست وحدك، ان الآخرين أهم منك,, ألم تقل هذا في مذكراتك التي لم تنجز بعد؟!!
إذا أردت الامور متوجهة نحو جهة اخرى، فلا بأس، هيا هيا اخرج امتعتك، وارحل,, لا نريدك هنا,, نحن لا نقبل هذا الضياع اللا نهائي، وإذا اردتها معك فخذها واهربا,, هم لا يريدونها، وهي لا تريدهم,,!
اسندت الفتاة الجميلة ظهرها الى الجدار,, نظرت في وجهه المأكول، من غير ان تبتسم، وسألت بعد ان بلعت ريقها ثلاث مرات: ماذا قررت؟!
لم يدرك أبعاد سؤالها,, هل هو فعلا صاحب القرار؟!! تعجب من ثقتها بقراراته,, ومنذ متى كان قادرا على اتخاذ القرار المناسب في الوقت المناسب؟!!,,, إنها لم تدرك أبعاد المأساة,,حاولت معه مرة اخرى، وقالت بيأس شديد لماذا تصمت؟!! قل شيئا,, اعرف انني العبء الوحيد في حياتك.
العبء الوحيد في حياتي,,!! لو كنت انت العبء الوحيد لما اصبحت في هذه الحالة.
حاول ان يسترجع دماغه الذي طار، ولكنه كان اكثر من مأساة مدعوكة بمياه آسنة في المدينة التي استأثرت بترصده حيث ذهب,, وحيث أخرسته الى الابد,, وهم لا يعرفون انه اصبح اخرس,, كانوا يعتقدون أنه يمارس جنون الاحتجاج,, وهو لم يكتب لهم، لأنه لا يريدهم ان يسخروا منه، وينادونه بافلاطون الأخرس هذه المرة.
كانت مأساته أنه كما يقولون: كان يحمل السلم بالعرض,, يعترفون بكونه أفلاطون زمانه,, ولكن هذا الزمن يجبر أفلاطون على ان يهرب منه لو ظهر فيه,, ولتخلى بكل تأكيد عن مدينته الفاضلة,,!!
قالت بملل وكأنها تحدث نفسها: لقد مللت من الانتظار، في كل ليلة نحضر الى هنا، تنظر في وجهي,, ماذا قررت؟ لا شيء؟!! ا لماذا لا نهرب معا الى الى,, الى أي مكان تريده,, لقد مللت من صمتك,!!
هل اكتب لها مأساتي؟ عندما عندما أكون لوحدي احاول ان اتحدث، فلا اسمع الا اصوات اخرس، وتريدني ان أرحل,,!! ان نهرب معا,,!! أن نخرج من المدينة التي أكلت لساني,, ماذا حدث لي,؟!! إنني لم اعد اعرف شيئا,.
حملت نفسها عن الارض، وخرجت بعد ان هددته، وهي في حالة حزن عميق، قائلة: عندما تقرر الرحيل ستعرف اين ستجدني,, لن احضر الى هنا مرة اخرى لقد مللت,,! يجب ان تقول شيئا,, ان تفعل شيئا، وهذا هو الأهم,!!
عفر وجهه بالتراب,, بكى لأول مرة بكاء مرا، فتهالك كومة يابسة,.
قام من قرب الجدار، حاول ان يتذكر ما الذي حدث له ليلة أمس؟!!
كانت تجلس هنا، خرجت غاضبة, وانا كنت اخرس, لقد تماديت في صمتي,!!
هل فعلا كنت لا استطيع الكلام؟! جرب صوته في همهمات,, لم يقتنع بذلك,, نظر حوله في الجهات الاربع، وصرخ بأعلى صوته:
سأحارب كل الذين يحاربونني بلا سبب,,!! إنها لي,,!! هي تريد ذلك,! هيا اخرجوا الى هذا الفيل,, إلى هذا الجدار الكبير,, خفض رأسه وهمهم: الحمد لله، فأنا لست أخرس,, إنهم لم يسمعوني,, سأصبح فيلاً ,,قرع باب الجدار الآخر، تناولها من يدها، وخرجا إلى جدارهما، من غير اكتراث بالآخرين الذين تمتد ألسنتهم كرياح الخريف,,!!
|