منذ أن أمر الله جلت قدرته نبيه ابراهيم عليه السلام بدعوة الناس الى حج بيت الله الحرام وأفواج من الناس تأتي الى مكة المكرمة كل عام استجابة لنداء ابراهيم عليه السلام، وهدفها حج البيت والتقرب الى الله، واستمر الناس يحجون كل عام ومع مرور السنين والقرون شاب معتقداتهم كثير من الخرافات والبدع الضالة والشركيات، وبقي حال معظمهم كذلك الى ان أذن الله لدينه الحق ان يظهر فتتبدد الغمة وينجلي الحق ويزهق الباطل.
وفي هذه الأيام المباركة يتوافد على بلادنا اخوان لنا في العقيدة جاءوا من بلادهم البعيدة، وانفقوا الأموال الكثيرة في سبيل الله الذي لا يخيب من رجاه, وقد شرفنا الله نحن السعوديين بأن نكون في موقع المضاف، وان نتحمل المسؤولية تجاه استقبال ضيوف الله وخدمتهم وتقديم كل ما بوسعنا ان نقدمه تقرباً الى الله وتحقيقاً لارادته جل وعلا، وادراكاً منا لهذه المسؤولية العظيمة تجاه اخواننا في العقيدة اصبح لزاماً علينا ان نستقبلهم احسن استقبال ونرحب بهم احسن ترحيب ونقول لهم حللتم أهلاً ووطئتم سهلاً يا ضيوف الرحمن.
وما فتئت حكومتنا أعزها الله تعمل بكل طاقتها وتبذل ما في وسعها لتجعل الحج سهلاً ميسراً لأكبر عدد من الحجاج, فالكل يعرف المساحة المحدودة للمشاعر، والطاقة الاستيعابية لها ومع هذا فحكومتنا تنفق الاموال الطائلة كل عام في مشاريع التوسعات والخدمات التي ومنذ اكثر من خمسين عقداً تتواصل على مدار الساعة، فلم يحج حاجاً مرتين الا لاحظ التطور والتوسع في كل شيء, وهذا كله بفضل من الله وتوفيقه ثم باصرار المسؤولين في هذا البلد على ان تكون الأولوية للمشاريع الموجهة لخدمة المقدسات الاسلامية ولتلك التي تساعد على اداء حجاج بيت الله لحجهم بيسر وسهولة وفي امان تام.
ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل تسابقت مؤسسات الدولة فدعمت فروعها المعنية بالحج وبالخدمات الموجهة للحجاج فضاعفت من طاقتها خلال هذه الايام كما تفعل كل عام، وهدفها تذليل الصعوبات التي قد تعكر راحة ضيوف الرحمن او تمنعهم من اداء شعيرتهم على الوجه الاكمل، كما عملت وزارة الداخلية السعودية على تنظيم حجاج الداخل مواطنين ومقيمين كل ذلك سعياً منها الى تقليص السلبيات التي تنشأ بسبب الزحام الشديد في المشاعر, ولعل الاخوة المسلمين الذين يجدون في انفسهم شيئا بسبب تحديد النسب للحجاج القادمين من الدول الاسلامية يتفهمون ان ذلك الأمر انما جعل لمصلحة الحجاج وتسهيلاً لهم، وتبقى ان تعمل الدول المعنية على تطوير آلية تعطي اولوية لمريدي الحج من رعايها الذين لم يسبق لهم الحج.
ليعلم اولئك بأن الخدمات التي تبذلها الدولة رعاها الله رغم عظمها الا انها قد لا تصل احياناً المحتاجين لها بسبب الزحام الشديد، ورغم كل هذا فان الدولة لا تستطيع ان تعمل المستحيل، فتزايد اعداد الحجاج يتطلب توفير مساحات اضافية للمشاعر، وهذا امر ليس من السهولة تحقيقه، والذي يمكن تحقيقه هو ان يتفهم كل مسلم سبق له الحج ضرورة ان يعطي الفرصة لأخيه المسلم الذي لم يحج ليقضي فرضه في يسر وسهولة، وهذا من باب التعاون على البر والتقوى.
تقبل الله من الحجاج حجهم, وكل عام وانتم أيها القراء بألف خير.
د, عبد الله بن عبدالرحمن آل وزرة