منذ أكثر من عام وببالي فكرة رواية، وهي فكرة رائعة، طبعا لن احكيها لكم حتى لا تسرق فلست ممن يلقون افكارهم على قارعة الطريق.
فكرتي عذبتني لطول ما ألحت عليّ دون أن اقدر على اتمام الفصل الأول منها, ما كان العيب فيها، لا ولا في قدراتي بالتأكيد (فأنا كاتبة عظيمة).
العيب كان في ظروفي التي تلتهم وقتي وتضيع جهدي فأنىّ لي بمكان انزوي فيه بعيداً عن اعين وايدي الاهل والصديقات حتى افرغ من الكتابة؟! يبدو ذلك مستحيلا فحتى غرفتي لا يسمح لي ان أغلق بابها عليّ ساعتين متصلتين (خاصة ان كنت سأكتب).
هل بدأتم بالتفكير في حلول تساعدني؟ ارجو الا تفعلوا فالمشكلة لم تبدأ بعد لنقل انها ولدت مع دوللي كلكم تذكرون دوللي النعجة الا ان كانت دعاية الفياجرا قد انستكم ما قبلها, انا لما رأيت صورة دوللي فكرت، حلمت بدوللي بشرية تكون نسخة اخرى مني لتحل محلي حتى حين, ظل ذلك حلما الى ان قرأت في مجلة اجنبية عن ذلك الدكتور الذي غدا - لاحقا - شريكي في تحقيق امنيتي.
هو ايضا كان مبهورا بدوللي ويطمح ان يكون اول من يستنسخ واحدة آدمية ورغم ان ذلك محظور في بلده الا ان شهوة التجربة احرقته لن ادخل في تفاصيل يعتبرها صديقي الدكتور سرية فقط سأخبركم ان التقينا في ظروف معينة وصنعناها بعد ان اتفقنا ان آخذها معي عدة اشهر لتكون بديلتي ومتى انتهيت من كتابة روايتي اعيدها له ليتم عليها تجاربه, ماذا اقول لكم عنها؟ انها انا فقط هي اهدأ قليلا اكثر! طاعة لامي، أشد حنانا مع جدتي، خدومة لاخوتي صدوقة كما يتمنى ابي، ومجتهدة كما تريد استاذاتي (ذلك اني جعلتها تنوب عني حتى في المدرسة).
مذ جاءت اعتكفت انا في ملحقنا المهجور فيما صارت هي تزودني بالطعام والاخبار كل ليلة كان ذلك مسليا جدا اول ليلة كانت الاكثر اثارة ، لم استطع ان اخط حرفا واحداً ظللت انتظرها بلهفة آخر الليل لما سمعت خطواتها مقبلة غالبت ضحكتي, فتحت هي الباب ووقفت به ساكتة لدقيقتين متواصلتين في نظرتها الحادة شيء من غضب, كنت استحثها على الجلوس والكلام فلما جلست بكت طويلا ومن بين عبراتها تدافعت كلماتها: ابوك ما يطاق، امك ملحاحة، اخوتك يلزمهم اعادة صياغة، اما جداك فإلى المقبرة،,, ما فيهما ما يمكن اصلاحه، ضممتها بقوة: انتِ تشبهينني جدا.
لن اروي لكم تفاصيل الايام التالية فتلك اسرار عائلية!
لما شارفت على اتمام روايتي انقطعت بديلتي عن زيارتي ثلاثة ايام متتابعة.
قلقت عليها، لذا لما انتصفت الليلة الرابعة لم اطق صبرا ما ان اطفئت انوار المنزل حتى تسللت عبر الحديقة الى حجرتها (حجرتي) دنوت من نافذتها فسمعت همهمات غريبة الصقت اذني بها فالتقطت مفردات عجيبة بصعوبة ادركت انها تهاتف ,,, !!
وهنت اطرافي، احسست ان يدا من حديد تضغط صدري, انفاسي باتت تطلع بمشقة تكومت تحت الجدار تائهة بردانة: هذا - اذاً - الذي الهاها عن المجيء إلى؟!
موجة غضب عارمة استبدت بي وان اتساءل: ماذا افعل تخيلت اني اقتحم المكان واحطم الهاتف على رأسها دون نقاش، لكني لما تكاملت صورتها بخيالي ارتعت.
انتزعتني ضحكتها الفاجرة من خواطري تسمعتها حتى سكتت عن الكلام غير المباح وصكت السماعة.
عزمت امري ثم انتظرت حتىاستوت في فراشها بعدها طرقت النافذة، وطرقتها مرة اخرى لما طال انتظاري، بتردد ازاحت الستائر فطالعتني عيناها وجلتان تفرست فيها ثم حمدت الله سرا: الآن انا واثقة ان خطاياها لم تتجاوز الاتصال خوفها انبأني.
بدت مترددة وهي تساعدني للقفز من النافذة للدخول، ثم تمالكت نفسها واستفهمت مني عما اريد لم تعتذر عن غيابها ولم اكن انتظر منها ذلك, كنت قد قررت ان نتبادل المواقع الى ان اجد سبيلا لترحيلها سردت كذبتي باختصار مدعية ان الدكتور يريد منها ان ترجع حالا ببرود ردت: وماذا قلت له؟
- ماذا كنت اقدر ان اقول؟!,, تعرفين اني احببتك (هنا شعرت بغثيان) ,, ولكن الموضوع كله في يده لم اظفر منها سوى بنصف ابتسامة طويلة اشعرتني اني صغيرة جدا ومفضوحة جداً جداً، تدافع الدم الحار لوجهي فخفضت عيني متمتمة! ما بقي وقت كاف,, يمكن يجيء في اي لحظة,, عجلي تجهزي.
بثقة - وهي تضغط على كل حرف - اجابت: ما أنا برايحة.
شعرت ان يدا خفية اطبقت على روحي وقذفتني بعيدا,, بعيدا, كدت ابكي حتى هي انتبهت لاول دمعة في عيني تمتمت لي؛ اسمعي,, بصراحة حياتك اعجبتني وما ابغي انوط فيها لكن مادامت ذي رغبتك ف,,, باروح لكنها قبل ان أفرح اكملت: فقط وحتى ما تعتقدي اني غششتك لازم اعلمك بشيء ما حكيت لك عنه قبل، من شهر تقدم لي واحد من الاقارب,.
التفت لها مصعوقة فواصلت بنفس النبرة: وانا وافقت لان امي تقول انه رجال طيب واخلاقه عالية.
صرخت:,,, اخلاقه عالية وطيب؟! خلافا لتوقعاتي رفعت رأسها بهدوء واومأت بيدها: ,, ذا مجرد تسلية الى ان يتم زواجي هذه المرة انتحبت؛ ماعاد من داع لاخفي ضعفي , اما هي فلم تتحرك حتى سكتُّ عندها نظرت اليّ طويلا ثم وضعت يدها على كتفي قالت: لا تبكي فكري في حل وتذكري انها ما كانت غلطتي من البداية.
قلت: زين! الحل ان تختفي واحدة منا قبل ان يطلع الصبح ادري انك تبغين الحياة اما انا فأبغى اكثر,,, اذاً انا اقرر.
بعد ان ساعدتني على الخروج من النافذة مجددا عدت لملحقنا المهجور وقضيت الليل كله اراجع نص روايتي وفي الصباح سلمتها اياها لتنشرها (كما وعدتني) بعد ان اغيب.
أمل الفاران