هكذا دفاع عن حرية الرأي فهد العتيق |
اريد في هذه الاسطر القليلة ان ادافع عن حرية الرأي، بكل صراحة ، والمناسبة، هجوم بعض الاقلام الصحفية على الدكتور فهد السلطان ومقالته (النقدية المتواضعة) كما سمّاها، لكتاب الدكتور غازي القصيبي (حياة في الادارة).
بدءا يُفترض في كل كاتب طبع كتابا ان يتقبل الملاحظات حول هذا الكتاب، بمعنى من حقه ان يتفق او يختلف مع الملاحظات ويستطيع ان يرد عليها بموضوعية اذا شاء، او يتركها، لكن ما قرأناه، بعد مقالة الدكتور السلطان كان اشبه بالحرب ضد حرية الرأي، ضد رأي كاتب في كتاب، ضد ان نقول اراءنا بكل تجرد وموضوعية، وضد - اخيرا- النقد، فقد وقفت بعض الاقلام الصحفية - بطريقة تشبه ما يحدث في الكثير من الصفحات الرياضية - موقفا عدائيا غريباً ضد ملاحظات نقدية موضوعية حول (حياة في الادارة)، ووصل الامر بهم الى اتهام الكاتب الناقد في شخصه وفي نزاهته وفي,, الى اخره، وكأن هذا الكتاب بدعة اسطورية لايصح امامها الا ان نتوقف امامها مبهورين ثم نقول ماشاء الله و(نمشي) مع العلم ان الكاتب اكد ضمن ملاحظاته اسباب طرحه النقدي عندما قال: (ان الكتاب كان باسلوب ادبي مصبوغ بالثقافة الادبية العميقة للكاتب، واعتقد ان هذا الاسلوب جميل جدا في طرح حياة المتنبي او المعري الأدبية، ولكن (قد) لايكون مقبولا في طرح تجربة ادارية في التنمية في الربع الاخير من القرن العشرين وربما كان الكتاب اكثر فائدة لو انه اعتمد منهجاً موضوعياً لتلك التجارب بابعادها المختلفة).
واذن، الناقد هنا يؤكد على كلمة (قد) التي تجعل الباب مفتوحا للحوار عندما قال (قد لا يكون مقبولا) فهو لم يقطع بشيء، او يؤكد ان هذا (خطأ) رغم ان من حقه ذلك الا ان طريقة النقد الموضوعية تؤكد تمكّن صاحبها من رؤية نقدية حضارية، لانها لا تنفي اي رأي اخر، كما فعل المدافعون عن الدكتور القصيبي بنفيهم - غير المنطقي وغير الحضاري - لكل رؤية نقدية حول كتابات الدكتور القصيبي.
ونقطة اخرى في الفقرة التي اوردناها سابقا من مقالة الدكتور السلطان، وهي عبارة (ربما كان الكتاب اكثر فائدة لو انه),, وهو هنا لاينفي اهمية الكتاب او فائدته، وهذه ميزة الناقد الواعي الذي يقول رأيه بكل وضوح، لكنه يفتح الباب الاخر مواربا للرأي الاخر المختلف، ولكن ليس الرأي المتشنج والعصبي الذي يريد الدفاع لمجرد الدفاع او لمجرد الدخول في (المعمعة) او (الحلبة) كما يرونها، حين قال احدهم ان الدكتور فهد السلطان في مقالته، يريد ان يحارب الدكتور القصيبي!! والصحفي المجرّب يدرك ان عنوان مقال الدكتور السلطان من صنع المحرر وليس من صنع الكاتب؟!
كانت خاتمة مقالة الدكتور السلطان تضيف المزيد عن العقلية النقدية الصحفية الواعية والحضارية حين قال (ان الكتاب يمثل موسوعة لتجربة ثرية ومعارف عدة يخرج منها القارىء الواعي بفوائد جمة تحاكي جوانب مختلفة من حياتنا المعاصرة),, ويهمني من هذه العبارة كلمتي (القارىء الواعي)، لهذا اظن ان تلك الاقلام التي حاربت مقالة الدكتور السلطان، ولم تختلف معها، لم تقرأ كتاب حياة في الادارة جيدا، او انها قرأته دون وعي!!، وهذه من السلبيات القليلة للصحافة، حين يكون الحوار احيانا بلاوعي وبلا شيء مفيد، بمعنى كتابة لمجرد الكتابة.
اخيرا اتساءل: اين مقالات الدكتور غازي القصيبي الادبية والنقدية التي نشرها في السبعينات واوائل الثمانينات الميلادية ، واظن وليس كل الظن اثما ان الدكتور غازي القصيبي ناقد ادبي في المقام الاول قبل ان يكون شاعرا او أي شيء اخر، وهذا هو العمل الادبي الذي تميز فيه بحق لكنه لم يستمر فيه وآمل ألا تفتح هذه النظرة النقدية بابا للحرب الصحفية نحن في غنى عنها، لان الكتابة تتناول كتابات وليس اشخاصا او مسميات او مراكز كما يظن البعض، ثم ألا ترون انه على مر التاريخ هناك تعارض دائم او عداء بين الادب والادارة، ربما لان الادب فيه الكثير من الفن بينما تحتمل الادارة الكثير من الحزم؟!! أي ان التناقض سوف يظل قائما بينهما شئنا ام ابينا ولو كره الكارهون.
|
|
|