Sunday 14th March, 1999جريدة الجزيرة 1419 ,الأحد 26 ذو القعدة


تلويحة
برغم الاختلاف
عبدالعزيز مشري

* سأل عمرو زيدا هذه المرة، حيث تحاشى ان يلقي عليه زيد سؤالا قد يذهبان فيه مذاهب تصنع بهم دون بيان للحجة وفيها مضيعة للطاقة العصبية ومضيعات اخرى,, سأل عمرو:
- تعال يا محاوري,, إننا نعيش على حافة الألفين، ونسمع كثيرا عن العولمة ،وهي فكرة استراتيجية تشمل العالم,, اقتصاديا ومعلوماتيا وربما ثقافيا,, ولم يستطع عمرو ان يكمل سؤاله أو يبين له,, حيث قاطعه زيد، مع ان السائل قد سبق له ان أوضح بنوع من مودة الحوار,, ان للحوار احترامه ولا يشترط الاتفاق دائما، غير أن محاوره المنفعل بدافع معتقده تجاه الحقيقة:
- نعم,,نعم,, سمعت بهذه العولمة، وهي من العلمانية في اصلها وليس معناها,, فهي قولبا وقالبا ضد عقيدتنا لأنها ذات مغزى ومن بلاد لا تكن لنا سوى الضغينة والفكرة المدسوسة,, لا لا؛ مالنا ولها,, ألا نستطيع العيش من دونها؟!.
كان عمرو قد حاذر ألا يقع مع زيد في اصل احترام الجوار، وأوله الاستماع لرأي المحاور دون مقاطعة وفائدته في فهم الرأي المحاور فهما واضحا لكي يستطيع الاستيعاب والرد، لكنه وقع فيما حاذر منه.
***
فكر عمرو مرة أخرى في طرح مسألة احترام الحوار التي سبق، وأن وضحها لزيد، لكنه تجنبها حتى لا يفهمها محاوره بأنها نوع من التعليم الذي يرفضه زيد رفضا تشعث منه مكامن الغبار في الارض من تحت قدميه فكر ايضا في أمر هام,.
فقد رأى ان المصيبة التي تحتاج الى موازنة وتريث قد تخرج عن امكانية الضبط العصبي الانفعالي متجاوزة اقسام الجهاز العصبي الثلاثة في المركزي، والمحيطي، والتلقائي,, فكيف يمنح محاوره الذي لا يفهم ولا يريد ان يفهم انه لا يفهم أساليب ديمقراطية الحوار، لا احترام قول المحاور حتى ينتهي، ولا أدب العرب في عدم طعن كلمة المتحدث,, لكنه قال كم من الحكم والامثال والأقوال والاشعار العربية طيلة مسافة السفر القديمة,, وهي تقول مالا تفعل وتفعل مالا تدعي، واذا قالت ضربت عرض الحائط بما لا ترغب وهي تعلن ان الحقيقة مرة وجارحة لكنها مريحة .
قرر عمرو التوكل علي الباري، ويتحدث بروية عما يريد قوله,, فقال:
- يا أخي زيد,, لقد حكمت قبل ان أكمل حديثي في السؤال، ورميت العقل البشري بما ليس فيه،ونظرت اليه كله من ركن صغير لا علاقة له بما سوف يتجاوزنا قريبا معه الزمن، اسمح لي بالشرح الموجز والتبسيط,, هلا عرفت جهاز الكمبيوتر حتى أوجده لك؟!.
أجاب زيد منفعلا:
- لا,, لا، تقل هذا,, قل الحاسوب يا أخي.
قال عمرو: الحمدلله,, الحاسوب؛ يا أخي، لا خلاف في المسميات لا خلاف يا زيد,, الحاسوب,, الحاسوب .
وواصل قائلا:
ان جهاز الحاسوب هذا,, سيكون هو الواسطة بيننا وبين العالم العربي والاسلامي وغير الاسلامي,, أي انه سيرينا ايضا العالم بمعلوماته الاقتصادية والثقافية والمعرفية عموما، وكذلك سيري العالم مثل ذلك عنا.
دهش زيد من المعلوماتية والثقافية وسأل عمرو:
- أيعني ذلك أننا نستطيع بث رسالة الإسلام منه الى العالم؟.
أجاب عمرو:
- بلى، بالتأكيد,, ولكن ماذا نفعل اذا كان الحجاج في كل عام سيزدادون من كل بلد,, فعلا يا زيد ألا تجمع الرسالة المحمدية في انسانيتها كل العالمين، وأولهم فقراء وعمال وموظفي وفلاحي العالم.
بقي المتحاوران على خلاف في التفاصيل,, لكنها حسبما أورد مراسل الحاسوب ,, أنهما على اتفاق مبدئي.
رجوعأعلى الصفحة
الاولــــى
محليـــات
مقالات
المجتمع
الفنيـــة
الثقافية
الاقتصـــادية
القرية الالكترونية
حوار
منوعــات
عزيزتي
الرياضية
مدارات شعبية
العالم اليوم
مئوية التأسيس
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved