Sunday 14th March, 1999جريدة الجزيرة 1419 ,الأحد 26 ذو القعدة


عيون تسقط ظامئة

عنقه مشرئب, قلبه يخفق كطائر جريح, تطلع بعينين الى لوحة الاعلان عن اقلاع الطائرات, جال فيها بنظراته دون تركيز, تبدلت سحنته بحزن وقلق,.
سينتظر ساعتين واكثر قليلا,, ثم تقلع به الطائرة الى الوطن,, بوده لو يطير من ساعته, شوقه للاهل والارض,, لا يعدله شوق,, حتى شوق العاشقين,, تذكر وجه زوجة ليس في جمالها بين النساء مثيل شوقه اليها يلهب اعماقه.
انتفض لاحساس يهز دواخله,, تزداد له نبضات قلبه المضطربة, احساسه بالخطيئة يتكاتف اسمالا سوداء تحجب عنه الرؤية والتفكير.
يرحل من حين لآخر الى عينين زرقاوين, لهما سحر غريب, تومضان في وجه كالشمس تتطاير من حوله خصلات ذهبية ثائرة, يغرق فيها بين حنين وانين, ينجذب الى الواقع باصرار فيعود طائعا الى عيون سوداء واسعة,, كوسع الشرق, تتغلق باستار من الدموع, تسقط في احزان ظامئة, احس بدوار، وغرق في دوامات تفكيره, يصطرع داخلها وينجذب الى مركزها بعنف.
قلبه يرتجف لكل نداء ينطلق في ردهة الانتظار في مطار باريس,, بوده لو يمضي الوقت سريعا فيهرول الى جدة, تومض في ذهنه خيالات الامس, سقطته آثمة, قلبه يحترق بعذابات التفكير فيها, يعود بخياله وشوقه الى العيون التي تشرد في احزان ظامئه, ترسل له شعاعا ينغرس في صدره كنصل ملتاث, تلسعه لواعج مكبوته,, هاهو قد نأى عن هواجس اللحظة, بعواطف جياشة تداخلت في اعماقه كنغم موتور, احساسه بالخطيئة يتكاثف، تبدلت سحنته.
علقت بأنفه رائحة الدخان المتكاثف في الصالة, احس باختناق, وقف ليشتري كوبا من القهوة الساخنة, هو بحاجة لشيء بارد يطفىء به النار التي بداخله, لكن الصداع يحول دون تحقيق رغبته, اصطدم بها وهو يهم بأخذ مقعد من مقاعد الصالة, اضطرب كوب القهوة في يده تساقطت قطراته على الارض, شخص ببصره اليها,, فتطلعت اليه آسفة,عيونها زرقاء, وشعرها اصفر كالذهب,, ارتبكت,, حاولت اخفاء ارتباكها ورسمت على وجهها ابتسامة باهتة, جلس ولم يعر ما حدث اي اهتمام, تكوم في حزن وقلق, تطلع الى ساعة يده, الوقت مازال مبكرا, يخشى ان تنتحس الرحلة فتصاب بداء التأخير.
سيحترق بنار القهر والشوق, يشتاق للعودة,, فالغربة ألم وحرمان,, اشواق لا حدود لها, حنينه الى العينين اللتين فتن بسحرهما ورست في مرافئهما حنين اشواقه ظامئة! هو الحنين الذي ينسكب في اعماقه الما وحزنا, نضحت على جبهته حبات العرق الرطبة,, احس بلزوجتها,, يضطرب لنبضات قلبه المتتابعة.
عيونه تسقط في بؤرة حزن ظامئه، آسفة,, فقد كان خطئي, لقد احضرت لك كوبا آخر!! .
قالتها بلغة انجليزية غير واضحة,, وابتسمت وهي تبتعد عنه,, تركته وقد علت وجهه ابتسامة باهتة، هز رأسه وهو يمصمص شفتيه,, وقد ألجم بصمته.
جلست في مكان ليس ببعيد عنه,, في الجهة المقابلة, عيون زرقاء تسقط على وجهه وعينيه في ظمأ, احس باختناق، الدفء يحيط بجسمه, امسك بربطة عنقه وحل عقدتها, كانت تختلس النظر اليه, احس بأنها تطوقه, تتصيده, ابتسامتها تفترش وجهها وتأسره بنظراتها المتلاحقة.
زاغ بصره
تبدلت سحنته!! قلبه يرتجف في صدره كطائر جريح.
حين اغترب احس بالخوف والوحدة,, بحث عن شيء يؤنس وحدته,, لن يكرر ما حدث,, استنطق في اعماقه احاسيس كان قد غفل عنها، استغرق في العيون التي تناديه من خلف الآفاق,, انه امله يتجدد، يغسل عن نفسه الخوف والحزن,, كانت لاتزال تغرس نظراتها في وجهة بجرأة,, ثم تعود لقراءة الكتاب الذي بيدها, عنوان مثير لقصة حياة ارملة، تصارع الرجال في خطب ودها لانها ارملة رئيس دولة,, تسقط نظراتها في عينيه لتروي ظمأه.
يخشى ان يأتيه الحنين ثملا, سافر بفكره الى عيني حبيبته في شوق ورعدة، كم كان غبيا وانانيا.
اشتاق الى عينيك يا حبيبتي، وبي مابي من شوق ولهفة، تماوجت الاحاسيس في داخلي متلاحقة مصروعة, هزت كياني, افاقتني انتشلتني برقيتك من الضياع,, ازالت الغشاوة عن قلبي وعيني,, لكنني اخشى ان يكون قلبك قد حدثك بما يثير شكوكك .
انتفض لذلك الاحساس الذي ضج في اعماقه، اسمال سوداء تحجب عنه الرؤية والتفكير, صوبت النظر اليها كأنها تقرأ افكاره وترقب تصرفاته,, تقذفه بسهام نظراتها, انه بحاجة لرفيق,, يبادله الحديث والابتسام, اعلن عن موعد قيام الرحلة، فتدافع الجميع نحو البوابة, تقاذفته افكار مجنونة,, وخيال آثم، بين عيون سوداء تسقط في عشق وشوق,, تهفو للقائه,, وعيون زرقاء تلاحقه,, تجذبه الى الامس الذي يحاول باصرار نسيانه,, احس بدوار اختل له توازنه!!
كانت تنتظر منه ان يفعل شيئا, ازاحت الكتاب عن وجهها, نظرت اليه في جرأة اربكته, قلبه يخفق بنبضاته المتلاحقة, في لحظة كان قد انتهى الى قرار,.
ابتسمت له,, تجاهل النظر اليها, لملم اشياءه,, وشتات فكره!!
ادار لها ظهره واتجه نحو البوابة,, بلا تردد.
الى حيث العيون السوداء الظامئة,.
وقد حمل معه الشوق والحب اليها,.
لكنه يخشى ان يجد فيهما ما يحزنه,.
رجوعأعلى الصفحة
الاولــــى
محليـــات
مقالات
المجتمع
الفنيـــة
الثقافية
الاقتصـــادية
القرية الالكترونية
حوار
منوعــات
عزيزتي
الرياضية
مدارات شعبية
العالم اليوم
مئوية التأسيس
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved