Sunday 14th March, 1999جريدة الجزيرة 1419 ,الأحد 26 ذو القعدة


محمد قدس
شخصياتي جزء من تاريخي,, تناقضني وتتمرد علي!

شخصية البطل في القصة او الرواية العربية لا تنفصل عن تاريخها ولا تنتمي إلى غير هويتها، وإنما تمثل جزءاً في هذا التاريخ وعنصرا مهما في مكوناته, وإذا كان العمل القصصي او الروائي تتحدد سماته الابداعية من خلال عناصر مهمة كخصوصية اللغة ونموذجية التركيب، اضافة إلى ملامح ابداعية مهمة يلجأ اليها الروائي او القاص قصداً او عمداً، وصولا للاختلاف والابتداع, إلا ان عنصرا مهما في غياب عوامل كثيرة في العمل الابداعي يظهر بشكل واضح وبتأثير له سحره ورمزيته، وهو بطل العمل الابداعي في القصة او الرواية,, كأبطال اشتهروا شهرة لعل من باب المبالغة للفت الانتباه ان نقول انهم فاقوا شهرة وذياع صيت الذين ابدعوا تلك الشخصيات, كأبطال قصص الطيب صالح ونجيب محفوظ ويوسف السباعي واحسان عبدالقدوس وتوفيق الحكيم وكوليت خوري وحنا مينا وغادة السمان ومحمد شكري وغازي القصيبي وحامد الدمنهوري وأحمد السباعي وغيرهم,, لان لهذه الشخصيات سماتها البارزة وملامحها المتميزة ولانها تعبر عن موقف ما أو تمثل جيلا,, هو جيل كتاب الاعمال الروائية والقصصية, هم حقيقة يعبرون بأفكارهم وآرائهم ما يوافق ويتعارض مع مبدعي النصوص ومؤلفيها ويناقضونها لانهم متمردون.
شخصيات كثيرة ابتدعتها وتعاطفت معها,, كان للبعض آراء تتوافق مع ما اختزنه من افكار وآراء والبعض يناقض ويخالف ما أؤمن به وذلك رغبة في مواجهة نفسي مع الآخرين الذين نخالفهم الرأي او يخالفونا في كثير من الامور، ولكن بطل قصتي ماجاء في خبر سالم وهي القصة التي مثلت منعطفا مهما في حياتي الابداعية وكتابة النص القصصي وقد كتبتها عام 1983م,, هو عربي له انتماءاته وآلامه,, ويمثل جزءا من تاريخ هذه الامة, فسالم الرجبي وهذا هو اسمه لم يكن جرمه سوى انه عربي ألصقت به كل التهم السياسية وسجل في قوائم الارهاب - وصار رقما في سجلات اللاجئين والمجرمين! تعاطفت مع هذه الشخصية وتلبستني بكل تناقضاتها وأحزانها,, لانها تمثل سواد سنوات الظلم والقهر الذي يعيشه العرب منذ نكسة 67,, وظلت افرازات تلك المأساة تشكل شخصية الانسان العربي المهزوم، المقهور، والمتهم بكل ما يسيء الى الانسانية.
تأثرت كثيرا بشخصيات الروائي الانجليزي الشهير تشارلز ديكنز والكاتب الفرنسي الكبير جي دي موباسان,, فهي شخصيات مأساوية,, وقد وجدت في بعض الشخصيات هما تراجيديا ينقلب الى كوميديا,, نتسلى بها وهي تؤلمنا.
وسالم الرجبي كان من هذا النوع بدأ تحت الضوء في تراجيديا كوميديا حتى ان من يقرأ القصة يظن انها تمثل قصة حقيقية,, بينما هي بالفعل مأساة الانسان العربي المشرد من ارضه, اكثر من ناقد قال ان سالم هذا هو العربي المتهم في كل مكان, وسألني البعض ممن قرأت عليهم النص في الامسيات القصصية,, هل البطل شخصية معروفة؟ حتى ان احدهم قال كأني أعرفه,, وهو بالفعل رمز لانسان هذه الامة المقهور.
,, بل ان كل عربي لايجد له وطن ويخرج من سجن إلى سجن آخر,, هو سالم الرجبي .
رجوعأعلى الصفحة
الاولــــى
محليـــات
مقالات
المجتمع
الفنيـــة
الثقافية
الاقتصـــادية
القرية الالكترونية
حوار
منوعــات
عزيزتي
الرياضية
مدارات شعبية
العالم اليوم
مئوية التأسيس
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved