الأديب وليد إخلاصي الكاتب هو الكيميائي الذي يحوّل الحياة الخاصة إلى مثل أعلى |
* أنا كاتب يتعلّم من نفسه ومازال يحلم أن يصور الشيء اللازم ذلك لان الادعاء بانني استطعت ان اصور ما يجب ان يكون هو ادعاء كاذب.
وقد تجنبت هذا الشعور كوني مقتنعا انني اخضع الى وسائل التجريب.
وبما انني اجرب في طريقة كتابتي فأنا ايضا مازلت تلميذا تجريبيا في انتمائي الى المجتمع الذي اعيش فيه ولم استطع ان اصل الى قمة الادراك لواقع المجتمع,.
* بهذه البداية المختزلة يتحدث الاديب وليد اخلاصي من سورية عن تجربته الادبية في حوار اجري معه وبكل وضوح يعلن هذا الاديب السوري موقفه من الرواية العربية والادب السوري المعاصر فيقول:
* الرواية العربية هي ارقى فنون النثر العربي ,, وبالتالي اعتقد انها قد توصلت الى درجة تؤهلها ذات يوم ان تكون مبشرة بأدب منتشر في العالم.
والرواية السورية هي جزء من هذا التحقق ولدينا روائيون استطاعوا ان يكونوا خير شاهد على واقع الحياة ولنتوقف عند عملية القص بمعنى ان يقوم الكاتب بقص عمل فني يصور فيه الآخرين وقد يكون هذا الموضوع رواية وقد يكون قصة قصيرة.
فنقول ان الآداب السوري المعاصر يحقق دائما تقدما مستمرا كأنما يستفيد من تجربته كفؤاد الشايب مثلا وغيره لقد استطاعت اجيال من بعده ان تضيف الى تجربته في التقنية الفنية والتفكير كزكريا تامر.
اذاً يجب الا ننظر الى معطيات الادب وانما الى مسيرته وهل يستطيع ان يضيف شيئا الى ما سبق وبذلك نستطيع القول ان الرواية او القص السوري هو قص متميز.
فالقص السوري من ابرز المساهمين في القص العربي واعني انه قد تكون الدول الاخرى متميزة في الشعر مثلا ولكن نحن نتميز بالقص ولنا تجارب مهمة في هذا المجال ومنها اذكر على سبيل المثال:
عبدالسلام العجيلي الذي لا يعد قاصا فقط بل هو من ابرز الحكواتية - العرب وعبدالرحمن منيف المقيم في سورية هو جزء من النسيج الثقافي السوري وهو لا يقل اهمية في القص عن كبار القاصين في العالم.
الحرية هي المناخ الذي ينمو فيه الأدب
وعن المناخ الذي ينمو فيه الادب وعلاقة الادب بالحرية,, يقول الاديب وليد اخلاصي ,,؟
- يمكن القول باختصار ان الحرية بشكل مبدئي هي المناخ الذي ينمو فيه الادب.
وثمة من يقول ان الاقتصاد مثلا بحاجة الى حرية وكذلك العلاقات العاطفية وغيرها,.
وهذا امر طبيعي ولكن السؤال الذي يبقى:
هل تموت الثقافة اذا ماتت الحرية,,!؟
- والجواب - لا - والمثال انه كان هناك نوع من التقييد الايديولوجي ايام ابن المقفع فكتب - كليلة ودمنة - وهكذا نشأ الادب الرمزي واحيانا يساعد القمع السياسي على نمو الآداب العظيمة ولكنه لا يساعد على تأدية وظيفة الادب, فالادب نشاط انساني يجب ان يأخذ ابعاده انا مثلا احب الادب الرمزي لانه يتيح فرصة لاعمال العقل والمخيلة التي تصل الى بعض الحلول الناجعة التي تهرب فيها من الرقابة.
لكن انا ابحث عن ان تؤدي الثقافة الابداعية وظيفتها في المجتمع بحرية ولذلك يمكن القول ان الاشكالية الاساسية والمهمة هي الحرية.
فالادب يملك الشجاعة لان يقول كلمة الحق والادب العظيم هو الادب المنفرد الذي لا يخضع للمفهوم العام، لذلك نجد ان الانظمة الرجعية او الديكتاورية لا تمهد الطريق لنشر الثقافة لانها تؤذيها ولذلك يجب ان ننظم العلاقة بين الانتاج وبين الآخرين واعني بالآخرين الناس المتلقين.
الأدب الذي ينبع من الناس هو جوهر الأدب
وحول السؤال:
* ما الادب الذي يصل الى الناس؟
يقول اخلاصي:
و الادب الذي ينبع من الناس واعني بالضبط الوقت الذي يولد المجتمع فيه الصور الاساسية ليأتي المختبر الكيميائي للكتب فيعمل على تلك الصور ومن ثم يعطيها للناس اشد نقاوة ووضوحا.
فعلى سبيل المثال هناك الكثير من الآداب الناضجة فنيا كأدب الخيال العلمي الذي توصل الى درجة كبيرة من النمو والازدهار بحيث تفوق على كثير من الآداب لنتصور الذهاب الى سكان الريف والطلب منهم ان يقرؤوا كتاب الخيال العلمي.
* كيف يمكن ذلك؟
قد نقول وهل الادب يساير الناس منهم اقول - لا - الادب ينبع منهم ويؤدي اليهم بطريقة متقدمة.
لانه يجب ان يكون على صلة بحياة المجتمع والأدب له قيمة اساسية وهو الذي يدافع عن المقهورين,, فالثقة العظيمة هي التي تحول الخاص الى العام والكاتب هو الكيميائي - الذي يحول الحياة الخاصة الى مثل اعلى هو الحياة العامة وهذا هو جوهر الادب.
التراث يجب أن يكون إنسانياً
وعن العلاقة الصحية بين الرواية والتراث يقول الاديب وليد اخلاصي.
في البداية اود ان اتساءل ما التراث؟
هل هو الثقافة العربية الاسلامية ام هو الثقافة الكونية؟,.
وهنا اوضح أن التماذج بين الثقافات هو الذي يشكل التراث الذي يجب ان يكون انسانيا.
والآن,, الرواية العربية هل هي البنت الشرعية لحكايات الف ليلة وليلة؟
حسن ان الف ليلة وليلة هي اصلا جزء من الثقافة العربية مع الثقافات الاخرى,.
وعبقرية الثقافة العربية الاسلامية تكمن حقيقة في انها فتحت نوافذها وابوابها للثقافات الفارسية والهندية وغيرها,.
والعرب في بنيتهم هم العقل الديمقراطي الذي يمكن ان يستفيد من تجارب الآخرين.
فأجدادنا العظام فتحوا النوافذ والابواب للثقافات الاخرى فمعي ما معنى التراث,,.
ان التراث هو ذاكرة الانسان الحية التي تستوعب وتمتص جميع الافكار ومن ثم تنتج شيئا يخصه,.
واقول باختصار,,.
ان عبقرية الانتاج الثقافي ليس في الاختراع فقط بل في القدرة على الاستفادة من تجارب الآخرين,.
الترجمة حالة من المثاقفة الأخلاقية
ويوضح الاديب وليد اخلاصي موقفه من نشاط حركة الترجمة عن الادب العالمي ويجيب على السؤال:
* هل هذه الظاهرة صحية,, ام انها البديل المتاح لفترة المراوحة التي تلم بالادب العربي؟
فيقول:
ان اكثر شيء ساهم في تكوين الثقافة العربية منذ بداية القرن دون ان ندري هو الترجمات من آداب اجنبية، صحيح اننا نمتلك ثقافة مليئة وفلسفة عميقة ولكننا لا نملك التكنيك الذي يمتلكه الغرب وذلك ليس عيبا ان نتعلم من الآخرين - عن طريق الترجمة - فهذه حالة الثقافة الاخلاقية وهي ظاهرة وضرورية لكنها ناقصة لانها اقتصرت على آداب الثقافات الاسطورية الاوروبية والامريكية واخيرا بدأنا نكتشف ان هناك ثقافات في الشرق الاقصى مثل اليابانية والهندية وغيرها لا تقل اهمية عما عرفناه من آداب عالمية اخرى,.
وهذا يقودنا بالطبع الى الحديث عن الترجمة المعاكسة وهي جزء يعبر عن الضعف العربي.
لقد ترجمت اعمال ابن رشد الى لغات حية واصبحت هناك مدرسة رشدية تمثل الفلسفة العامة,.
والآن عندما يستطيع العرب تصدير منتجاتهم المهمة الىالعالم هم يستطيعون بذات الوقت تصدير ثقافتهم.
ولقد اكتشفت الغرب اخيرا ان الحلاج شخصية مهمة وان الشنفرى شاعر عظيم لكن بقي ذلك ضمن اكاديميات, ونحن شعبيا نعرف من هو شكسبير ولكن هل يعرفون شعبيا من هو ابن المقفع ,,,؟!.
أدب الشباب تجارب مبشّرة
وعن ادب الشباب يقول الاديب وليد اخلاصي:
هذا السؤال يعيدني الى عام 1964 عندما تعرفت الى الاديب السوري الكبير عبدالسلام العجيلي وكنت سعيدا لانه يكبرني بالتجربة والسن ايضا وانا لا أزال في بداية طريقي قلت له حينها: اريد ان اعرف ما رأيك في هذا العمل الادبي وكنت قدكتبت:
شتاء البحر اليابس واكون سعيدا لو انك قدمت هذه التجربة للقراء,, وقابلته بعد اسبوعين وفوجئت انه يحمل معه مقدمة مكتوبة عن الرواية وانا حينها كنت من جيل الشباب في مجال الادب,.
ولقد استطاع العجيلي الذي يكبرني في السن والتجربة استيعاب تجربتي الجديدة,.
وان اقصد من هذه الحكاية انني كنت شابا فكبرت ومعنى ذلك ان هناك جيلا كبيرا من الشباب ينمو لكي يحتل المكانة بجدارة والسبب ان التجارب الجديدة مبشرة كما كانت تجاربنا مبشرة,,.
نحتاج لجائزة عربية تحقق إيقاظ الحلم
واخيرا يجيب الاديب وليد اخلاصي عن السؤال:
* هل استطاعت الجوائز والمسابقات الادبية العربية ان تنصف المبدعين؟
بالقول,.
الاديب بحاجة لان يعمل وهو واثق بأن هناك من سيقول له يوما ما - شكرا-,
لكن,, اذا اجرينا احصاء رسميا يتبين لنا انه ليس هناك مشروع ثقافي اصلا حتى يكون هناك مشروع تكريمي طبعا هناك جانب مضيء في هذا المجال يتمثل في ان البعض تنبه حديثا الى اهمية الجوائز التي تحقق الحافز لكن في الواقع ان اي كاتب عربي مثلا يحلم بجائزة نوبل والسؤال الذي يبقى دائما:
لماذا لا يكون هناك جائزة عربية تحقق ايقاظ الحلم ، حلم الاديب العربي فتجعله حقيقة,.
نحن بحاجة الى تشجيع الحالة الثقافية وهذا ضرورة قومية وانسانية لكي نستطيع الاستمرار.
|
|
|