في الهدف واجب الأمة نحو تعليم القرآن والمشتغلين بحفظه الشيخ/ عبدالله بن صالح القصيّر |
الحمد لله وحده وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه
اما بعد: فمن المتقرر لدى كل مسلم ان القرآن هو كلام الله تعالى الذي انزله سبحانه هداية لعباده وموعظة لهم وذكرى ونورا وشفاء وتبيانا لكل شيء وهاديا للتي هي اقوم الى غير ذلك من اوصافه العظيمة الدالة على عظمته وعظم بركته وحسن عاقبته على من يتعلمه ويتلوه حق تلاوته.
فهو فضل الله تعالى على عباده انزله على محمد - صلى الله عليه وسلم - الرحمة المهداة وهما اعني القرآن والرسول اعظم مفروح بهما في هذه الحياة الدنيا قال تعالى (قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون) فيشرع الفرح بهما، وينبغي اظهار الاغتباط بهما، وقد صح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قوله: ما أذن الله - اي استمع - لشيء أَذَنَه - اي استماعه - لرجل حسن الصوت يتغنى بالقرآن كيف لا وقد قال - صلى الله عليه وسلم -: ما بعث الله نبيا قبلي إلا آتاه من الآيات ما آمن على مثله البشر وانما كان الذي اوتيته وحيا اوحاه الله اليّ - يعني القرآن وبيانه من السنة - فأرجو ان أكون اكثرهم تابعا يوم القيامة وقد تحقق ذلك بحمد الله فصارت هذه الامة اكثر الامم اتباعا للمرسلين وهي اكثر اهل الجنة يوم الدين.
ففي الحديث السابق اشارة الى أمرين:
الاول: ان القرآن اعظم آيات الانبياء التي أيدهم الله تعالى بها على الاطلاق.
الثاني: عظم اثره في اصلاح القلوب، وإنارة البصائر، وهداية البشرية الى دين الله تعالى.
فالقرآن هو آية الله الباقية مر الدهور والمعجزة المستمرة على توالي العصور والنظام الشامل والشرع الكامل للمكلفين من الجن والانس وقد بلغه النبي - صلى الله عليه وسلم - كما انزل اليه وبينه للناس كما اوحاه الله تعالى اليه.
وكتاب هذا شأنه ينبغي ان يكون محل عناية المسلمين عامة واولياء الأمور خاصة وان تتظافر جهود الجميع كل بحسبه على توجيه الهمم اليه واعانة اهل الاسلام على حسن تلاوته وفهم معانيه ومعرفة كيفية العمل به.
- فالآباء يوجهون ابناءهم الى مجالس دراسته وحفظه ويرغبونهم ويلزمونهم ويؤدبون المتكاسل واللاعب.
- وجماعات تحفيظ القرآن تعنى بتوفير المدرسين الأكفاء المؤهلين الامناء ذوي الاعتقاد الصحيح والعمل الصالح والخلق الحسن، وتواصل متابعة الاشراف وتقويم الاداء ودراسة النتائج ضمانا لتحقيق الغرض وحذرا من ظهور نشء يقرأون القرآن ويتأولونه على غير تأويله، فيهلكون به ويهلكون غيرهم.
- واهل المال والفضل يبذلون بسخاء في سبيله طمعا في مضاعفة المثوبة ورفعة الدرجة في الدنيا والآخرة فان هذا الاتجاه افضل ما تنفق فيه الاموال: (وما انفقتم من شيء فهو يخلفه وهو خير الرازقين).
- ومعلمو القرآن يتذكرون قوله - صلى الله عليه وسلم -: خيركم من تعلم القرآن وعلمه فيصبرون على التعليم والمتعلمين ويعلمونهم الايات وما فهيا من العلم والعمل ويحتسبون اللحظات والانفاس عند الله تعالى في الموازين، وقد جلس ابو عبدالرحمن السلمي - رحمه الله - لتعليم القرآن اكثر من خمسين سنة.
- وولاة الامور من العلماء والحكام وكافة المسؤولين في الدولة يؤدون واجبهم نحو هذا المشروع الخير بنصيحة وحسن رعاية وجدية في المتابعة كما ينصحون لسائر فئات الامة اداء للامانة وضمانا للمسيرة وان الله ليزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن، واجرهم على الكريم عظيم الاحسان.
مع اخلاص النية وحسن الاسوة بالنبي - صلى الله عليه وسلم - تكلل الجهود بالنجاح وتتوفر اسباب الصلاح والفلاح ولن يصلح آخر هذه الامة الا ما اصلح اولها، وقد صلح اولها بالايمان بالله ورسوله والعمل الصالح ابتغاء وجه الله عن علم ويقين والنصح للخاص والعام ومحبة الخير لسائر اهل الاسلام وصدق الله العظيم اذ يقول: (ولو انهم فعلوا ما يوعظون به لكان خيرا لهم واشد تثبيتا, وإذاً لأتيناهم من لدنا أجراً عظيما, ولهديناهم صراطا مستقيما ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين انعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن اولئك رفيقا, ذلك الفضل من الله وكفى بالله عليما) وصلى الله على نبينا محمد وآله وازواجه وذرياته.
|
|
|