في يوم المدينة العربية القدس : القبلة الأولى والحرم الثالث عبدالعزيز يوسف العدساني* |
القدس,, مدينة اولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين,, تستحق ان نخصص لها هذا اليوم، يوم الخامس عشر من مارس، يوم المدينة العربية، كي نقف معها، ونساند أهلها، وندعم جهود مؤسساتها وجمعياتها، وهم يكافحون من اجل المحافظة على عروبة المدينة وهويتها وتراثها العربي الاسلامي.
ليست خفية مكانة القدس في الاسلام، عقيدة وتراثا، وليس ادعاء احترام حقبة الحكم العربي الاسلامي للمدينة لمقدسات الاديان الاخرى انطلاقا من الاعتبار الاسلامي لهذه الاديان.
فعلى مدى الحكم العربي الاسلامي كانت القدس دوما مدينة ذات موقع روحي خاص حيث يعود اسم القدس القديم مدينة السلام إلى اليبوسيين الكنعانيين اجداد العرب، الذين أنشؤوا هذه المدينة.
هذه المدينة تتعرض اليوم لعملية تغيير شاملة تستهدف معالمها الدالة على اصالتها، كما تتعرض لمخططات استيطانية تستهدف تغيير طبيعتها وانتزاع المكانة العظيمة التي جعلت منها مهوى افئدة المسلمين, ومما زاد في مكانتها انها ضمت رفات عدد من اصحاب رسول الله عليه الصلاة والسلام والمجاهدين والشهداء الابرار ومنهم: أبو عبيدة بن الجراح ومعاذ بن جبل وعبدالله بن الزبير وغيرهم.
ونحن في منظمة المدن العربية أولينا مدينة القدس كل ما تستحقه من الرعاية والاهتمام، وخصصنا لها عضوية دائمة في المكتب الدائم، وأصدرنا من اجلها مجلدا ضخما تحت عنوان كنوز القدس ليكون في متناول الباحثين والدارسين وكل المهتمين بشؤون المدينة المقدسة، كما عملنا على تقديم الدعم المادي والمعنوي للجمعيات الخيرية والهيئات الشعبية التي تعنى بشؤون المقدسات والعمارات الاسلامية.
وإذا كانت مدينة القدس تعيش اليوم اوضاعا غير طبيعية وتتعرض لاعتداء هندسي وسياسي واستيطاني فإننا، ومن خلال تخصيص يوم لاحتفال المدينة العربية لتجديد الدعوة من اجل تضافر الجهود للحفاظ على الهوية العربية للقدس الشريف,, فإننا نذكر بأن أهم ما يميز المدينة المقدسة ويؤكد طابعها الاسلامي المقدس هو الحرم الشريف الذي تقوم فيه روائع العمارة الاسلامية، وخاصة قبة الصخرة, فالحرم هو اولى القبلتين وثالث الحرمين, أما القبة فهي صرح لحماية الصخرة المقدسة، وعليها همّ إبراهيم الخليل عليه السلام بالتضحية بابنه كما ان الرسول صلى الله عليه وسلم عرج منها إلى السماء.
هذه القيمة الدينية والتراثية والتاريخية للقدس العربية الاسلامية تتعرض اليوم لاعتداء من جانب اناس اغتصبوا الارض، اناس يقتلون القدس، عمارة وتاريخا، اناس يحاولون انتهاك حرمة المسجد الاقصى.
ومع ذلك ستظل القدس عصية على مغتصبيها وعلى منتهكي قدسيتها وستظل بما تحويه من عمائر وزخارف نموذجا لا يغيب للاصالة العربية الإسلامية وعنوانا من عناوين استمرارية هويتها على مر الازمنة والعصور.
وما يفجع حقاً ان ما تتعرض له المدينة المقدسة على ايدي الحكام الصهاينة لا يلقى الاهتمام العربي والدولي الذي يوازي الحدث, وحيرة القدس، تراثا وهوية وثقافة هو تعبير وجودي عن حيرة العقل العربي في مواجهة الواقع العربي الصعب, وهذه الحيرة تشكل واحدا من التحديات الثقافية التي علينا ان نواجهها بجهد عربي اسلامي منسق يتسع مداه ليشمل كل المعنيين بأمر المدينة المقدسة وما تضمه من كنوز تعني العالم اجمع.
فإذا كانت القدس قد استقطبت اهتمام مختلف اصحاب الديانات,, وظلت تلك المدينة المفتوحة التي تسمح بقدر كبير من الحرية الفردية والجماعية على الرغم مما تعرضت له من مخططات استهدفت ازالة طابعها التقليدي وانتهاك حرمات مقدساتها وتغيير معالمها,, هذه المدينة جديرة بأن نتضامن معها وان نمنحها حقها من الاهتمام والمساندة,, امام من يحاولون طمس تاريخها وجعلها مدينة بلا هوية,, مدينة خاوية من المعنى والحياة والروح.
* أمين عام منظمة المدن العربية.
|
|
|