عزيزتي الجزيرة
كم في هذا الكون من العجائب والندر تتفاوت في درجة الغرابة وتتباين في ميزان الدهشة لدى السامعين.
هذه معاقل التعليم وقلاع الفضائل والميادين التي تنطلق منها خيول العلم لتقضي على براذين الجهل, هذه المدارس التي قد صممت على طراز مشيد، فنا ءواسع وغرفة مبنية على ما يريح العقل ويبهج النفوس ويزهر بالقلب وكتب قد طبعت بما ءالعناب واحتوت كل خير مليح بعد هذا النسب العريق والجاه العريض بقي شيء ليته لم يكن وعسانا نراه وقد أفل انها رطانة العرب وعجمة الفصيح.
عزيزتي:
انه ليحرق الفؤاد ويشعر بالغثيان سوء استخدام اللغة العربية وممن؟ انه من رجال كان حريا بهم ان يكونوا من يصحح لا من يخطىء وممن يستدركون لا ان يستدرك عليهم نعم الكمال لله والعيب من طبيعة البشر لكن ان تكون تلك الأخطاء ب(الجملة) فأمر مرير حقاً, فحينما يخرج المتكلم سواء المدير او الوكيل او المعلم يلقي خطابا او يعلن بلاغا او يغذي بموعظة او يحذر من خطأ او يستدرك امراً فتكون أخطاؤه اللغوية او النحوية اكثر من عدد حروف كلماته فهذا أمر في غاية الخطورة والله.
خطبت بنا فكنت خطباً لا خطيباً تضاف الى مصائبنا الكبار |
وإذا كان المعلم قد ترعرع مع لسانه الخطأ ونشأ بين ثنيتيه الاعوجاج اللغوي كيف سيكون مصير من يعلمهم؟؟ وهل يستقيم الظل والعود اعوج.
أم كيف يقرأ كتاب الله تعالى وقد رفع المفعول ونصب المجرور وصرف الممنوع, ان اللغة العربية ليست مقصورة على مدرس النحو في إجادتها بل الكل مطالب بتعلمها وإسماع التلاميذ حلاوتها فمدرس التاريخ ومدرس العلوم والجغرافيا ومدرسو اللغة والتربية الإسلامية ومادة التربية الوطنية ولا انسى (صديقي) مدرس الرياضيات فكل هؤلاء مطالبون بالتحدث باللغة الفصحى فهم شركاء لمدرسي اللغة العربية سواء بسواء ومثلاً بمثل.
عزيزتي انا لا الوم طالباً على مقاعد الدراسة رفع منصوباً او جر مرفوعاً فضحك من جهله على خطئه وانما الوم معلماً يشرح اللغة العربية (اللغة الإسلامية) ثم ما هو الا قليل حتى يكلفه المدير بالقاء كلمة او تنبيه الى أمر فتراه وقد ترجل امام التلاميذ الذين قد اشرأبت اعناقهم الى هذا الخطيب المفوّه فإذا هو يبدأ كلامه بلغة (أكلوه البراغيت) ثم ما هو الا قليل حتى يستلم خط لغة (القصر) (إن اباها وأبا أباها) ثم يختم الكلمة المباركة بلغة (النقص) (بأبه اقتدى عدي في الكرم) فإن كان الوقت يسمح للإجابة على بعض تساؤلات الطلبة جعلها على لغة تميم وهو مع هذه لا يعلم شيئا مما فعل!!
عزيزتي:
اتعجب كثيراً وحق لي العجب ان يأتي مدرس اللغة العربية ويرضع طلابه تلك اللغة السامية الباسقة الفارعة، لغة العرب ولسان محمد صلى الله عليه وسلم ثم في اليوم التالي يطلب من احد الطلاب ان يلقي في الاذاعة قصيدة باللغة العامية!! فيا سبحان الله (ما هذا بمعقول لذوي الأذهان)
تناقض ما لنا إلا السكوت له وأن نعوذ بمولانا من النار |
يا معشر القراء ما رأيكم في رجل يهدم بالليل ما بناه بالنهار؟
وما رأيكم في رجل يعلم ابناءه فنون اللغة ثم يخالفها خارج الفصل كيف سيتقبلون ما يتلفظ به وينفذون ما يرشدهم اليه ولسان حالهم يقول
رأيناك تنهى ولا تنتهي وتسمع وعظاً ولا تسمع فيا حجر الشحذ حتى متى تسن الحديد ولا تقطع |
لذا آمل من كل معلم يدرس علماً واجباً او جائزا ان يحسن لسانه ويحترم اسماع الاخرين فلا يرفع الا كل مرفوع ولا ينصب الا كل ما استحق النصب كما آمل من الموجهين في شتى التخصصات ان يركزوا على لسان المعلم وعربيته قبل ان يركزواعلى طريقة شرحه وأسلوبه وان يكون لدينا فهم في تقديم الاولويات كما احبذ من وزارتنا الغالية ممثلة في وزيرنا ذي الرأي السديد (محمد الرشيد) ان يجعلوا هناك دورات مكثفة في اللغة العربية لمن رأوا انه يحتاج اليها وما هذا إلا من النصح لعامة المسلمين الذين امرنا به على لسان حبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم وان نغضب للغتنا غضبة (مضرية).
ولعلي افرد مقالا في مسألة (تدريس اللغة الانجليزية في المرحلة الابتدائية) إن شاء الله تعالى اللهم اجعلنا من اهل لغة كتابك الذين استقامت ألسنتهم في قراءة حروفه ووقفت نفوسهم فلم تتعد حدوده.
محمد بن سعد الدوسري
الخرج - متوسطة ابن الهيثم