وفي جزر المطر دهشة
مد يعاتب بحره
عاشق البحيرة سناء الحمد بدوي,, والحب رغم الدمامة!2-4
ميرفت السحلي
على ضوء عبرة,, كانت الاحزان ترسو فوق جزر الذاكرة,, تعمّد الليل الجائع بالحنين,, تغزو وجه السنين,, تمشط رعشة السكون لتبزغ ضوء الوجع/ قصيدة,, ويغسل صوت
المطر بريق العيون,, ومن دخان المطارات,, يعزف الغريب طعم الغياب على وجع الليل البطيء,
المد يعاتب بحره عن سر منفاه وسط الصخور
في البدء كان البحر وطناً يلفظ مده بين ظلال البحور فيمتد الملح يلثم صقيع البيوت,, في البدء كان الفجر ضنيناً بالضياء فتأتلق الظلمة تعانق عري الشوارع,,
تمط ذراع المساء,, في البدء كان نورساً يكتب عناوينه على حبات المطر فتفنى,, وفي المنتهى,, كان المغني غائماً بدمع يحك صدى الصخور,
في جغرافية الدمع المتبقي,, تدور بنا الريح,, والقلب مملكة الخصوبة يئن في سريره النخيل,, قرع الهجير الجرس فوجد القلب مشنوقاً ب دوبار الصمت اللعين,,
القلب مملكة الخصوبة,, يئن في مجلسه الطيور,, وكل قمر ثقب مدمى,, وكل نجم تذكرة النوّات للحزن الدفين,, والقلب مملكة الخصوبة يعربد فيه شظايا الحنين,
،- راحل ام مقيم,,؟
،- راحل من قديم,, ابحث عن تميمة الروح: موج لا يعرف سياج القطيع,, وأحرف لا تجف في ضوء المساحات الامان,
،- راحل ام سعيد في صعلكة الاسئلة؟
،- راحل من جديد في جفاف الالسنة,, ابحث عن صبح جديد يشق ثوب الخرس,, ينطلق نهر الابجديات دون حذر,, ابحث عن قمر جديد,, يدق صوت الجرس,, ينطلق نهر الغناء
البعيد,, راحل من جديد,
تسقط اشجار الشوق على المائدة/ تفاصيل صغيرة تحيا في حديقة دمعه,, القلب يتسع للامام في النشيج المتقدم,, القلب/ مملكة الحب,, ومد يصافح بحره,, تبدأ منه
الحكايات وترتحل,, تلتحم بركام التفاصيل,, وصار المغني هائماً بالتوحيد الصاعد من صهيل القلب الى عرس الوطن,
وللوجد خوارطه عنوان يتسع لمدن الشعر كافة,, يتوحد الشاعر ومحبوبته/ الوطن,, وتخرج القصيدة دفقة واحدة تختلف عن القصائد السابقة المقسمة الى مشاهد او
مقاطع، او فصول,,
يصنع الشاعر مناظرة لا يُحدث فيها التكافؤ بين تضاريس الوطن وتضاريس وجوده ومشاعره,, القصيدة متلاحمة,, مليئة بالخصوبة المتدفقة,, الصورة الشعرية صارت
مدينة,, تبعثرنا لتعود تلملمنا,, وتخرجنا من حدود الورق الى سفر بلا تخوم,
من حيث المعنى فان القصيدة يمكن ان تكون مقسمة الى ثلاثة اجزاء,, يرتقي في خلالها بالوطن ليصل الى اسمى صورة,
،1 أب فارس على رايات عرسها
الشاعر يتوحد بالوطن/ مدينته,, ويكون هو الكل وهي الجزء,, هو الذي يحتوي وهي المحتوى,, هو الاب الحنون,, وهي الابنة المدللة,, ثم يتحاور مع معالمها
بالتحديد بعشق لا حدود له فلا يلتبس الامر بأنها قصيدة وطنية النيل- القناة- الصحراء- اسطورة ايزيس كلها تحديد لوطن بعينه مصر :
تتمدد خارطة وجودك في خارطة شراييني,,/ نيلك يتدفق في نيلي,,/ صحراؤك تنداح بصحراء سنيني,,/ ورباك تعانق اوردة القلب,, وفوق ذراها/ تتغنى الاشواق مضمخة
بالامل/ الالم/ الحلم الطالع للنجم الالق/ والمجد المنبثق/ من نكهة طينك/ من رعشة نيلك/ من الهام تواريخك/ من كبد مقدور مندفق/ من وهج الامل المتطلع
للشمس/ لرحاب الافق ,
توحد آخر
،2 يا خارجة من الأخضر في كل العصور
يتوحد الشاعر مع الوطن بمنظور آخر,, وهو ان يصبح هو الجزء والوطن الكل,, هو الابن بين احضان امه وهو منها واليها,, ينغمس في كل قطرة,, في كل ذرة,, في كل
عبق فيها,,
أتوحد روحاً جسداً ووجوداً/ في مشرقك/ في مغربك/ في ابحرك/ في نيلك/ اتجذر في طينك/ انساب عبر قناتك بين البحرين/ من بحر انصب الى بحر/ انداح الى حضن
شواطئك/ في حرقة طفل مرتبك ,
،3 ما دام لي ذاكرة فلن تتركني الفصول
ينتقل الشاعر من مكانة الابن الى مكانة الزوج ذات المواصفات الخاصة الا وهي التضحية من اجل محبوبته حتى آخر ذرة من جسده,, فصور نفسه بأوزوريس ذلك الرجل
الخير,, رمز الخضار والنماء في مصر الفرعونية الذي ضحى بنفسه قاصداً نجاة حبيبته ايزيس وقتله الرجل ست رمز الشر ومزقه ثم بعثر اجزاءه في انحاء المعمورة,,
ينتقي الشاعر سناء الحمد لوطنه اجمل صورة حيث صورها هي بإيزيس تلك الزوجة الرائعة التي تحيا عمرها تلملم اشتات جسد حبيبها لتجمعه فينشر الخير والنماء من
جديد,, ويحثها على القوة والانتفاضة من روح اليأس والاستسلام:
اتناثر في صحرائك حبات رمال/ اتمدد,, اصبح اوزوريس/ مبعثرة اجزائي/ في ارجاء تضاريسك/ في وهج مآذنك الشماء,,/ وفي صلب متاريسك/ ايزيس انت/ يا باعثة المزق/
فيك لقائي البكر,, وفي ترحالك/ مغتربي/ ان تغتربي,, اغترب/ ان تنتفضي,, انتفض/ ان تأتلق,, أأتلق/ فانتفضي وائتلقي وانطلقي/ يا خارطة المجد المنبثق
المنتفض/ انتفض,, انتفض,, انتفض ,
ومن تفاصيل القصيدة يتجسد عشق الشاعر سناء الحمد بدوي لوطنه وجعله اساس الحياة وبهجتها مهما طال البعد عنه فما دامت له ذاكرة فلن تتركه الفصول,, ولن يمل
البحث ولن نمل الترحال معه,
برغم موت الصهيل:
تكونين حريتي في الأفق المراوغ و,, أحبك رغم القتامة
حوار بين غيمتين:
،- الشجر في الوادي يموت,,
،- ونحن نكبر في سلاسل الاخطبوط,, نكبر ونكبر حتى نصبح بطوناً قابلة للانفجار,,
،- انفجارنا مطر نهار يعصد من انامله الصقيع
،- كلنا ميتون,, فمن يطهر مطرنا الموبوء في قبو العيون؟!،
يطرح التراب الاسئلة:
،- الارض ضاقت بالميتين,,فهل تسعون لحفر مقابر فوق اسطح البنايات الشاهقة
الغيمتان: المقابر في الزجاجات الفارغة,, وفي اكف الصمت الغارق في كهوف المدينة,, والمدينة ضاقت بناي يودع الحكايات,, فيا مدينة,, كل الدروب اسئلة,, فمتى
تمر البدايات في احتفال الاجوبة وصهيل المدن غارق في النهاية؟!،
حوار بين المدينة والغريب عن الوطن
المدينة: يامن يذاكر طاولة البحر اخرج من رايتك نورساً يحط على سفن الرخام!،
الغريب: المع صدف الكلام,, لأنزل عن صحراء صوتي,, والمرايا تبدل شكل المكان,,
المدينة: امام فنادق الغرباء نلتقي,, انا سيدة المتاهة,, وأنت سيد الغياب,
الغريب: ترقص غابة الفصول فوق صحو شريد في ثنايا الوقت,, كان الليل طويلاً,, وطويل هذا الجرح طويل طويل,,
المدينة: مد يدك الى رئيس البلابل,, وأعطني اغنية لا تصفع الفجر فيّ,, واسأل الصبر الطويل,, هل من طريق يحط على ساعدي,, فتصحو المرافىء من نومها,, أعطني
موجة تهدهد الشوق فيّ,, وتمسح الحزن المرير,, فتبني العصافير اعشاشها في رئتي، تعود الشواطىء الى خاصرتي بقوس قزح بريد لكل النوافذ حرية لكل العيون,,
اعطني وجهك لأعرف من اكون حوار بين شقين في جسد الغريب:
،- اعتزم الخروج من وجهي المليء بالمخاوف,
،- اعتزم الخروج من جسدي المليء بالحدود,, لأحلق في مدى لا يجرح وجنتي,
،- احبك,,
،- احبك,,
الغريب:
،- احبك رغم القتامة!،
القصيدة احبك رغم القتامة ,, هي قصيدة مقسمة الى جزءين,,
،1
يبدأ الشاعر سناء الحمد بدوي في الجزء الاول من قصيدته باستفهام في حقيقته الرجاء,,فلو اعطاها كل مقومات الرخاء فهل ستسعى اليها الحياة الهنيئة,, ويرجع
اليها نبض الوجود؟!،
للسؤال هنا في الجزء الاول البطولة في الحوار,, فهناك سؤالان,, الاول: ترى,, لو رسمت على تضاريس وجهك/ مليون زهرة ويكمل بقية الابيات تكملة لنفس السؤال
بسرد المقاييس الجمالية التي لابد من توافرها بالوطن باستناده الى واو العطف,, ويأتي السؤال الثاني وفيه ترسو محطة الجواب فهل تتنازل عنك الدمامة/ وتسعى
اليك الوسامة وبقية ابيات الجزء الاول تعدد لمواصفات تلك الوسامة باستناده على واو العطف ايضاً,, وبرغم قصر الابيات من حيث الكم الا انه اخذ من فن الصورة
الشعرية لآلئها,,
ترى,, لو رسمت على تضاريس وجهك/ مليون زهرة/ وشققت مليون نهر,, ومليون جدول/ وغرست في قفر عينيك مليون بذرة/, ورويت وديان صوتك مليون نبرة/,, فهل تتنازل
عنك الدمامة/ وتسعى اليك الوسامة/ ويحلو الزمان وتبسم فينا ازاهير/ فردوسك المندثر/ ويرتعش الحلم فيك/ مثل ارتعاش النباتات/ تحت دبيب المطر/ ومثل انتفاض
الحجر/ اذا كبلته الزنازين,, خلف ينابيع/ شوق الحياة/ تفجر طوفان حب وثورة ,
2
يرسّخ الشاعر حبه لموطنه برغم سوءات في هذا الوطن,, لكنه يستطرد في التعبير عن هذه المساوىء,, مما يكون له الاثر في نفس القارىء مما اصاب ذلك الشاعر
الحزين والعثور على كنه الحزن فيه,, لكن الشاعر يبرىء الوطن من اي ذنب اقترفه ويجعله المجني عليه,, والجاني شخص آخر مصاص الدماء ,, ويجوز ان الشاعر قد نسي
انه جعل هذا الشخص الجاني ضمناً لعوامل اخرى نتاجاً لسقوط الوطن تحت سقف الدمامة,, وليس المتسبب وحده في هذا السقوط,, ويخرج هذا المعنى من سرد كل الكوارث
التي حاقت بهذا الوطن وتستوطن واو العطف بين كل كارثة واخرى فتتساوى كل رؤوس الكوارث,
احبك,, رغم القتامة/ ورغم الدمامة/ ورغم السحابات سوداً تخنق طير الافق/ برغم الوحل/,, وطين البذاءة يشرب ماء النقاء/ ومصاص كل الدماء/ يجوب المقابر,,
ينبش انصاف موتى,,/ يدمدم بين الشوارع,,, ينشب مخلبه في الازفة/ ويلعق,, دون مشقة/ ويمتص,, يلعق,, يجرع,, يمتص حتى النخاع/ ويترك روحك تنزف,, تنزف/,,
وأنت؟,, تصفق فيك المشاعر/ يحلو ويحلو بعينيك مثل كبير الفوارس,, حين يصول,, يجول,, يدك القلاع ,
لقد احب الشاعر سناء الحمد بدوي قاتلته,, احبها,, وصنع من شكواه غناء,, احبها,, بطول هذا العناء,, لتصحو الطفولة من ناظريها وتغزو البراءة سيف المحن,,
فيا شاعري كن ما تكون,, فلن تُخرج الموتى عن السكون,, ولن تفيض البراءة في عيون تخون!،


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved