أحوال
من العايدين إلكترونياً!!،
فعلاً العيد طالته التحولات الحياتية التي غيرت الكثير من ملامحنا كأفراد ومجتمع هنا,, ثلاثة عقود من التغيّر الاجتماعي المتواصل الذي افرزته ماكينة
التحديث والعصرنة من واقعنا المحلي شيء طبيعي ان ينقلب مع كل هذا الكثير من القناعات والمفهومات ووجهات النظر التي تشكل أدوارنا وعلاقاتنا وسلوكياتنا
العامة والخاصة,, نحن كمجتمع اليوم نعايش واقع اجتماعي مختلف الى حد كبير عن مجتمع ما قبل المشروع التنموي,, ولا غرابة مطلقاً في ان تأخذ مناسبة اجتماعية
كالعيد حضوراً مغايراً لأعياد الأمس المثيرة والتي نشعر حيالها بالكثير من الحنين، والوجد على فقدانها,, عيد اليوم يحكي باختصار رحلة تحوّلنا من مجتمع
بسيط ومتقارب وأولي في كل شيء الى آخر ضخم ومليء بالالتزامات والمنافسة على السلم الخياتي المفتوح,, عيد اليوم إلكتروني في طابعه وفي إحساسنا به ومعايشتنا
له كحدث خاص وفي أضيق المساحات,, عيد الامس مشاركة اجتماعية تحكيها ملامح الصغار والكبار ومناسبة للفرح العفوي القادم من بساطة الناس وحميمية ارتباطهم
ببعض,, يعني كبرت المدن وتباعدت البنايات العصرية بالناس من احيائهم الشعبية والتصاقهم اليومياتي بالتفاصيل والوجوه والاحداث وتمدّدت وسائط الاتصالات
والمواصلات بالانسان الى عالم من العلاقات الثانوية اختزلت معها علاقاته القريبة في عالمه الخاص واتسعت مساحة الاهتمامات بحجم احلام الواقع الحياتي
الجديد,, في واقعنا الاجتماعي أشياء كثيرة انقلبت رأساً على عقب في فترة وجيزة، واصبح من سابع المستحيلات استعادة مظاهر وتفاصيل ما كان يحدث لنا وبنا في
مناسبات الأمس، لأننا نحن انفسنا حدث داخلنا انقلاب مماثل في نظرتنا وإحساسنا وتفاعلنا مع كل شيء من حولنا,, نحن نعيش في واقع اصطناعي خلّفته ظروف جديدة
مثل شاشة التليفزيون وسمّاعة الهاتف,
وأجهزة الحواسيب التي شكّلت حتى أحاسيسنا ومشاعرنا وأجهزتنا السمعية والبصرية,, صحيح أننا كجيل المرحلة التنموية، واكبنا عالم الأمس وبكل خصوصياته الأصيلة
وعالم اليوم المتغير الايقاع، ولا مقارنة بين الاثنين فيما يتعلق بالرفاه واساليب الحياة المليئة بالمتع بلا حدود، ومع هذا فمعظمنا يتوق لعبق الأمس الذي
يسكننا من الداخل ويمنّي النفس باستعادة ولو تفاصيل بسيطة من أحاسيسنا وانغماسنا في سلوكيات اللاتعقيد واللاتقنين الفارطة,, ولكن في واقع الامر كما اسلفت،
من الصعب استعادة واقع الامس، لأننا نحن أُعيد تشريط حواسّنا واستجاباتنا وبدرجة قد لا نتمكن معها حتى وإن فبركنا كل شيء لأن نعايش نفس اللحظات ونفس
التجربة,,
وبكره أكمل,
عبد الله الطويرقي


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved