طللية المرايا المحدبة
غالية خوجة
هل اجاد د, عبدالعزيز حمودة اختيار عنوانه بدقة,,؟
ألم يشعر بأن العنوان ينطبق على أفكاره أولا,,؟
ألم يقصد من وراء توجهه لمخاطبة القارىء غير المتخصص، تشويه الشريحة الأكبر من القراء غير المتملكة لوعي نقدي تجادل من خلاله ما يطرحه الكتاب,,؟؟
تراوحت افكار الكاتب بين المرايا المحدبة والمقعرة، هادفة الى تزييف اللحظة الحداثية، وداعية الى ردة اضافية، تصيب ثقافتنا العربية - التي لا ينقصها مصائب
جديدة - وتقوقع بعدها المتحرك لصالح التقليد والمحاكاة، وذلك تحت ستر واهية ومكشوفة,
لست ادري لماذا يقبل المؤلف بكل ما تنتجه التكنولوجيا، ويرفض ما تقدمه الانسانية من حداثة ثقافية,,؟ لو تعامل الغرب على اساس نظرة (حمودة) ترى هل سيكون هو
نفسه غرب اليوم الذي اقام حضارته على ما انتجه الشرق (ابن سينا/ الرازي/ ابن رشد/ الف ليلة وليلة/ اعمال المتصوفة),,؟؟
من ناحية ثانية، ارى ان الناقد الحقيقي هو ذاك القارىء لنقد التراثيين والحداثيين (العرب وغيرهم) ضمن قراءة متفاعلة وفاعلة تشذب مالا يلائم النص المقروء،
وتطور ما يلائمه، وتبدع روى جديدة,, ألم نشبع استهلاكا، اجترارا، وتكرارا,,؟
فالناقد المتنور يطور رؤاه بما يناسب النص المقروء، فلا يلجأ لما هو خارج النص المنقود، ولما ليس فيه,
ولنرتفع بنقدنا العربي، علينا، اضافة لذلك، ان نعلم بان النقد ليس مصطلحات وحسب,, او محاكاة مصطلحات,, او علم وفن فقط,, بل اعتبر ان النقد موهبة تلامس
الابداع,,، وتبتكر منهجيتها الخاصة المتناسبة طردا مع طاقة كل ناقد، ومدى مثاقفته لطاقته مع طاقة النص,, ضمن هذا المفهوم بتنا نرى نقادا حقيقيين - على
قلتهم - يضيئون النص الابداعي من داخله، اضاءة غير متوقعة حتى من مبدع النص ذاته,, ذلك لأن نقادا مميزين كهؤلاء يدركون ان الابداع لا يحمل في داخله المعنى
النهائي,, وهم عندما يؤمنون ب (لا نهائية المعنى) المرتبطة مع عملية الكشف والانكشاف المتوازنة بين النص وناقده، فهم يسعون لمزيد من الاضاءة عن طريق قراءة
،(النص الفراغي الغائب - البياض النصي - النص اللامكتوب,,) وهذه العملية تتطلب قراءة ميتافيزيقية يطرحها النص المبدع حصرا,, وعملية القراءة هذه اصبحت تتحرك
داخل الانساق المكتوبة كطريق اولى في محاولة للوصول الى ماهية وآلية الدال والمدلول ودليلهما,
وبما ان الابداع قائم على عناصر عدة، منها الانزياح والتوتر وتحرير الطاقة من النص والى النص، فان الناقد يمارس فقه اللغة فقه الدلالة والمدلولية على رؤى
النص الذي يقرأة,
وعندما يقوم الناقد المبدع بتلك القراءة المنهجية,, نجدهم يتهمونه بالغموض والسفسطة والتزييف,, ويا لفجيعة الناقد عندما يقدم قراءة استثنائية عبرها يبتكر
ما يناسب النص,, حينها سيتهمونه بالجهل وبعدم الارتكاز على معايير نقدية صحيحة,, فاين المسطرة التي لم يفصل النص حسب قياساتها، واين المصطلح النقدي الذي
لم يكتبه بلغته الاصل - الاجنبية,, ولماذا كل هذا التعالي بالذائقة الجمالية وباللغة التي لم تشرح ولم تفسر ولم تجتر,,؟؟؟
ولان ناقدا كهذا لا يستند على مصادر ومراجع لاتعد ولا تحصى,, فانه متهم بالتخريب والتطفل واللادقِّة و,, وربما بالتصهين,
اتساءل الى متى نهمش الجوهري، ونستشهد من اجل القشور، من اجل ما يضر ولا ينفع ابدا,,؟
ألا يتفق معي (حمودة) على ان الحداثة موجودة منذ الازل وليست طفرة حالية أو آنية,, بل الحداثة فطرة ذلك لان الحداثة هي الحياة,, والحياة لا تقبل الا
بالفاعلية المتجهة نحو اناها العليا نحو رفع الحجب عن الروح,
اما كيفية تلك الدينامية فهي مرتبطة بثوابت الحياة ومتغيراتها المطردة مع كل عصر، او السابقة عليه,, والتي تظهر من خلال نتاج ابداعي سيصبح بدوره تراثا,
ولن يتفق اغلب النقاد مع المؤلف - الذي لم استطع قراءة اكثر من خمسين صفحة من مؤلفه الذي يقرأ على مضض - حين يقرر لهم انتماء ايديولوجيا، او حين يجعلهم
جسورا: (حسب الانتماء الايديولوجي للناقد ص 18)/ (من المتفق عليه منذ افلاطون حتى الآن، او على وجه التحديد حتى ظهور المدارس الحديثة، ان الناقد وسيط بين
النص والمتلقي ص 25),،
ولا أظن اي ناقد يعي مهمته، يقبل بالانتماء لغير النص ولذائقته,, كما انه لن يقبل ان يكون وسيطا - جسرا بين النص والمتلقي,, ذلك لان الناقد متلق ايضا -
قارىء - كاشف للنص،,, وعلى هذا، فالقارىء - الناقد هو المبدع الثاني للنص، وعلى اعتباره يشارك في العلمية الابداعية، فهو يغامر ويجرب متحاورا مع النص,
لا مع مذهب بعينه، او مع ايديولوجية، او مدرسة ادبية,, ذلك لأن هذه التصنيفات انقرضت الى الابد, لست ادري لماذا يصر البعض على ان نبقى في عصور ما قبل
الميلاد, واذا قلنا ل (حمودة) مجارين له، على ان ما يقدم هو كذلك ، فلماذا لا تفهمه يا أخي,,؟؟
يوما قال (بليني ): (الحقيقة الثابتة، هي أنه لا يوجد على الارض شيء ثابت) فلماذا يمانع مؤلف (المرايا المحدبة) من تكريس الجهد الانساني المختلف في قراءة
نص، من تكريس المعادلات الجبرية والرياضية والفيزيائية والميتافيزيقة والفلكية في تحليل وتركيب واستقراء النص,
لقد خلق الله الكون ولم يفصل فزياءه عن كيمائه عن فلكه عن,, الا يوافقني (حمودة) بان النص (الابداعي حصرا) يحتجز الكون في اعماق كلماته,, وبالضرورة فان
نصا كهذا، لن يستطيع قراءته سوى ناقد مسلح، ليس ب (المرايا المحدبة)، وانما بثقافة تفك السيمياء الكوزمولوجية,,؟؟
،* المرايا المحدبة/ د, عبدالعزيز حمودة/ عالم المعرفة/ الكويت


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved