أكتب وصيتي فوق صيف يبتلع الطرق,, طويل طويل هو الورق,, في حروب الدفاع عن الحنين,, زحفت زرقة في أوصال أحلامي وحملت بروق حلم يقتل سيده,, كما تحمل
العصافير اعشاشها بحثا عن مناخ جديد,, فكيف أكتب وصيتي وقلبي يصف الموت كما يصف الأحوال الجوية,, بنفس الرتابة؟! كيف اكتب وصيتي فوق ليل يأتلق بنوة الحزن
الطويل؟,, وطويل طويل هو الورق,, ورق يحترق,, وصرخة غزالة البراري في الأفق,, ورق يحترق,, وموت يرفض الموت ان يأتلق,, فيأتي مهذبا كنوم البريء,, يابريء
كيف لملمت تجاعيد وقتك قطنا يضمد الصمت الجريح؟,, ويسكت السؤال ويسكت الجواب فيسكت الكلام,, وأنا,, وأنا ورقة تحترق,
وصيتي,, أهتدي إلى جرح أكتب فيه وصيتي,
امرأة من بقايا الشتاء,, تبحث عن صقيع يلم أهدابها,, تعترف بأنها عقرت وجه الريح حين لامست الأهل والأصحاب,, فصفد جبينها الأمل والأصحاب, تعترف بأنها قتلت
الجوع في بطون بعض الفقراء فاغتالها كل الفقراء,, تعترف بأنها دعت البحر ليغفوا اسفل النوافذ فيهدهد الموج قلوب العشاق,, تعترف بأنها ألقت في النيل
خضارها,, فسفك النيل دمها وألقاه على قارعة الطريق فلملمه عسكري المرور وسلمه للشرطة بتهمة إشغال الطريق, ضابط الشرطة مرتب ضابط الشرطة أنيق,, ضابط الشرطة
مولع بالتحقيق في انتهاك الطريق! فكر ثم دبر ثم عبس وبصر, قال: بلاغ (1) اعترفي,, سفك دمك في الشوارع سبب إشغال الطريق,
هي: اعترف,
بلاغ (2) اعترفي,, طرح دمك في الشوارع لوث أحذية المواطنين,
هي: اعترف,
بلاغ (3) اعترفي بأنك قتلت الجوع مع سبق الاصرار والترصد,
هي: اعترف,
بلاغ (303) اعترفي,, بأن مولدك كان يوم ثلاثة وهذا رقم نتطير به,
هي: اعترف,
بلاغ (3300),, قالها الجمع الأهل والأصحاب، القانطون خلف النوافذ المهدهدة بالموج الغافي أسفلها,, والخارجون عن القانون,, وقالها آخرون,, ولتعترف بأنها
لم تعترف أنها ماتت وقتها ولم تنتبه,, وبأن كثرة اعترافاتها ازعجت الرأي العام,
وقطار يمشق العمر,, يرتب الأعوام حسب أبجديات ما بعد الحرف الثامن والعشرين,, يمشق الأيام فتنحف فينا الأعوام,, يمشق الأحلام فتنعق فينا الذاكرة,, يمشق
يمشق,, يشنق,
وحين لامست كفاك أحلام,, صارت كفاك مظاهرة العائدين من الموت,, وصرت أنت جندي هذا المكان,, يافارس حلمي الأبدي,, ياصحوة أحلامي,, قابعة أنا في ركن من
عينيك,, وحين لامست كفاك نافذتي الموصدة على جروح مستحيلة,, انفرجت,, وصارت كفاك مظاهرة العصافير لحبات القمح الذهبية وحين قمطت كفاك رأسي المحموم صارتا
تكبران وتكبران حتى اصبحتا سقف دار:
انصراع الحلم في قارورة محكمة الإغلاق
دوي مكتوم,, طعم الزجاج المهشم في الحلقوم,, وامرأة بلون الغبار,, هل تعلم ان للنهايات بابا ونافذة؟ وهل تعلم ان للنهايات جدرانا تثقبها عيون الجواسيس من
الفرح المؤقت؟
وهل الفرحة كانت حقا هنا,, بين جدران حلمي أم في اوراق (الياناصيب)؟,, وهل كان الفجر مستسلما بين كفيك أم في صولجان الأكاذيب؟
البحر ممدد هناك اسفل يقظتي,, والموج يؤرجح الغفوات الطارئة,, مد يدك واقطف النجم البعيد,, وقف هنا على باب حنجرتي,, وأسألني,, هل كان حقا هنا؟ بيتنا؟
وذاكرة معقمة بملح ثائر من ميكروب الفرح المعدي,, لي خلف النوافذ نافذة معدة للانغلاق,, عندما لامست كفاك وجعي فالتهب وخمشت العمر بإيمان,, وناديت طريقا
مريضا فاقترب,, فأتت أوجاعي ثائرة,, مبعثرة كحبات رمان,, ولي خلف الشك يأس معد للهبوط,, ولي خلف الحب عمر معد للاقلاع,, والى خلف التراب تراب وديع يضم
وجودي في حنان,, آه ياذا الوجوه,, كم عانيت طويلا,, ومن فضة الدمع والجرح الأرجواني كان القطار يسير,, يلملم زبد الفرح سريعا قبل ان يتسخ المكان,,
و(فردوس) تقطف زهرات العمر,, فرحا باللون الأحمر,, لم تدرك حمرة ازهاري,, لم تدرك ينبوع الدم المتفجر,, وتودعها في حجرة الإعدام,, وأصبح لاجئة في حمرة
الورد,, وانصراع الايام؟على كل مفرق في قلبي شجرة تبكي وأنت بعيد,, أنظف ايامي من بقع الضوء الدخيلة,, أنظف ذاكرتي من المناظير الشوق الجارف كجرف الارض
الطيبة, خذ اسمك عني وأعطني معاهدة التيه عن أيامي,, خذ كفيك فما عدت بحاجة لسقف دار,, خذ أحلامك,, خذ أيامك وخذ اسمي حتى لا أعرف اني (أنا) واتركني لأصنع
نفسي من الوقت الفلا!،
قطار (الأنا) (ثم من النور واللؤلؤ فانسجني)،
خيرت فاخترت,, ما بين الشمس الأكذوبة والموت الحقيقة,, فاخترت الغبار والحصى! خيرت ما بين الصحو الراكد المزيف,, وبيني: فاخترت العتمة,
ياشمسا كاذبة,, ياصحوا صاخبا بلون مهرجي السيرك,, يافرحا بطعم البهلوانات,, إني ظلمة حقيقية,, في وسط النهار عتمة,, موحشة صادقة مع الآخرين والزائرون لا
يجدون في بيتي الحلوى، ومع ذلك حتما يأتون,
دودة في قبر,
كانت لها حكايات كثيرة,, وألف رحلة، وألف جرح، وفي كل رحلة يسكن جرح، وفي كل جرح يسكن قبر وفي كل قبر تسكن الحكايات التي (قد كان يوما,, قد كانت يوما,,
ومضوا),, سحابة مزوية,
مطر فوق حطب,, وشهب في الأفق تستعر,, والليل فوق التجرد شهوة النار في الحطب حطب في حطب,
دمعة من السحابة المزوية تنزلق,, تسقط,, فوق القبر تسقط,, تنزلق من القبر تسقط,, فوق دودة القبر تسقط,, تنزلق من الدودة فوق الرماد,
ناموا في وداعه ياأحبائي,
زائرون,
صخب في صخب,, والقلب ينصع بحلكة الحياة,
جسد مسجى في ركن ما,
كانت أيديكم الفقيرة من السلام،, والمترعة أبدا بالختام الممزق لرحم الأم: ممتدة خطت بعض الغيمات والجراح وبعض عفونة أيديكم,, ولون الجبهة انتكاسة,, ولون
العمر للمرة المليون قمر مشنوق بغمامة,, وسوداء سوداء هي قلوبكم,, ياإلهي,, كم من المرات صلبتم عمري,, وكم من المرات اغتلتم صبوتي, وكم من المرات بعثرتم
افراحي بعيدا عن حنجرتي,, وقلبي التعس ابدا بينكم قد فر الى ظلمة نقية حنونة,, بعيدا عن أيديكم,, الآن اضحك,
رجل وحيد ويد معروقة
كانت في يوم ما سقف دار,
كانت حبيبتي وكنت سندبادا,, كانت دائما تغني قلبي أنا بيتك,, ويدك سقف الدار هي الآن مع الريح ذهبت,, وانا مع خيولي الكسيحة باق,
صوت الأغنية يسبح في المدى,, وصوت جسد مسجى في ركن ما,
الآن أبكي,
تبكي السحابة,
انتهى ميعاد الزيارة,, ينصرف الزائرون للأسواق والأوكازيونات وروائح الأكل وعفونة العرق تنهض الديدان,, تغلق الستائر (ناموا في وداعة ياأحبائي),،
،
،
،