ذرف
محمد إبراهيم أبو سنة
الشاعر إبراهيم نصر الله
في عواصف القلب
الشاعر ابراهيم نصر الله صوت فلسطيني يبزع بين جيل السبعينات في أفق الشعر العربي الحديث,, ولعله ان يكون ابرز شعراء فلسطين بعد جيل محمود درويش وسميح
القاسم ومحمد عز الدين المناصرة, ويقف معه الشاعر محمد القيسي ليمثلا نسقا شعريا يجسد القضية الفلسطينية بعد أن قطعت شوطا بعيدا في الغوص في اعماق التراب
والتراث والمقاومة, يأتي شعر ابراهيم نصر الله ليمثل القضية شعريا في حالة امتزاج بالهم القومي العربي وربما تجاوزه إلى الهم الوجودي الإنساني، ونستطيع ان
نرى في حركة الشعر الفلسطيني بعد النكبة ثلاث مراحل اساسية هي شعر النكبة وهو الشعر الذي كتبه شعراء عاصروا النكبة الفلسطينية وجسدوا آلامها ومآسيها
والشتات الذي تبعثر خلاله الشعب الفلسطيني من امثال فدوى طوقان، وشعراء جسدوا فعل المقاومة الفلسطينية من خلال قصائد تؤكد رفض الهزيمة والاحتلال وخلق
الحلم من جديد في قصائد تنغمس في الفعل اليومي واستشراق المستقبل والارتكاز على التاريخ، ثم يجيء جيل يجسد القضية في اتساعها وتعمقها وامتزاجها بالوجود
العربي كله, وابراهيم نصر الله الذي فاز بجائزة العويس هذا العام مناصفة مع الشاعر احمد عبدالمعطي حجازي يمثل الجيل الناضج الذي يؤجج الالهام نار قصائده
ويسمو بها الأمل في غد أفضل, وقد صدر للشاعر ابراهيم نصر الله عدد من الدواوين الشعرية هي: الخيول على مشارف المدينة - والمطرفي الداخل - أناشيد الصباح-
نعمان يسترد لونه - الفتى والنهر والجنرال,, اما عواصف القلب فهو ديوان فريد يتضمن عددا من القصائد القصيرة التي تمتلىء بالعمق والايقاع والفتنة الشعرية
وهي مثنويات شعرية مقفاة ومقطوعات رمزية تتفاوت بين شعر القضية وشعر النفس الداخلية وشعر الوجود الإنساني الذي يظلله القلق وتدمي ايامه الحيرة, يقول
ابراهيم نصر الله:
يظل للصباح أن يكون
نافورة الأحلام والجنون
,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,
والليل جذع الريح والسكون
هذا المقطع يمزج بين الإحساس بالطبيعة وبين حركة الوجود فالصباح نافورة الاحلام والجنون كما يظل الليل جذع الريح وهي بالطبع ريح رمزية ربما كان يعني بها
التطور، والجمع بينها وبين السكون يثير الإحساس بالمفارقة ذلك لأن الليل يتبدى ساكنا في الظاهر فهو وطن النوم ولكن الريح الدائبة الحركة لاتكف عن جريانها
ودورانها, اما المرأة في هذه المقاطع فيقول عنها الشاعر ابراهيم نصر الله:
كابرت عشرين عاما
وراوغت أزهارها
ولكنني حين أبصرتها
لم أعد نحو نفسي فقد صرتها
ويقول ابراهيم نصر الله:
منذ مست يداها جبيني أفقت
كسرت جليدي وتابعتها
تعجلت بعد فرحي ثم ادركت اني عبرت عليها رياحا ووردا من الدم خلفتها, ويقول عن الكلمة:
قرى لاتنام عصافيرها / بدء كل البدايات ولكنها/ ترتبني زئبقا وسيوفا/ وتنفخ فيّ لأكتبها,,
يقول في قصيدة حكيم:
حكمتي: أن هذا الفتى دون حكمة
ولذا تطمئن له الاغنيات
تلوح بحلم وتودع نجمة
وتأوى اليه الرياح كنسمة
وتأتي قصيدة الدليل لتعبر عن احساس الشاعر بقيمة المرأة:
هبط الليل/ لم يجد العابرون الخطى
وانحنت نجمة / وانحنت وانحنت
وصلت مطفأة
من يقودك في عثمة الصخر / ياسيدي الفجر/ إن لم تجد في دماك امرأة
أما حرية الإبداع فإن الشاعر ابراهيم نصر الله يجسدها برمزية وشفافية حيث يقول في قصيدة كتابة :
أعيد كل مرة ماقلته
للريح والأشجار والطريق
لخنجر السكوت في المدى
لارتباك الحلم
في اسئلة الصديق
بأن لي حرية الازهار في التفتح
حرية الطيور في التحليق,,
ويجسد الشاعر ابراهيم نصر الله اثر الحروب في تدمير القيم العليا ممثلة في هذا الجنرال الذي لايعبأ الا بسطوته يقول في قصيدة وجبة الجنرال:
أيها العسكري,, هيىء لنا قبره
لندوس على صوتها
وهيىء لنا طفلة
لنيتم أجمل ألعابها
ومن القصائد البديعة في عواصف القلب هذه القصيدة الفلسفية عن فكرة الزمن، هذا الذي يسرق اعمارنا ولايخلف لنا سوى الحسرة, يقول ابراهيم نصر الله في قصيدة
الساعة :
لها أن تدور/ وتسرق من أعمارنا ما تشاء
وتستلنا/ لنعود ونحصي غنائمها في كهوف المساء
ها هي الآن تبسط كف الثواني وتفزع
لاشيء في الكف
هل هل سرقت الهباء
أما ساعة الحب فلها صورة أخرى أشد بهجة, يقول ابراهيم نصر الله في قصيدة ساعة الحب:
كنت أطوي دمي والطريق
وأعبر هذا الزحام
منذ عشرين عام
فجأة,, وإذا الورد في الشرفات كثير,, كثير
وأنّي توجهت/ جف الندى بدمي
وتدافع صوبي الحمام
إن عواصف القلب للشاعر ابراهيم نصر الله تثير في النفس الإحساس بالدهشة وفي القلب تؤجج النشوة وفي العقل التأمل العميق,


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved