الشاعر أحمد الشهاوي لالثقافية
النقد الذي يشكل وعياً للمبدع ليس نقداً احتفالياً أو دعائياً
أنا ابن موت ,,ولا أحب أن أكون من هذا الجيل!،
أجرى اللقاء: أحمد زين
الشاعر احمد الشهاوي احد الشعراء في تجربة الكتابة الشعرية التي تحاول ابدأ التحرر من الموظفات الفنية والاجتماعية سعيا الى قصيدة او نص شعري شديد
الخصوصية، نلمح ذلك من خلال اشتغاله وانشغاله بمناطق بعيدة ولا متعينة في الراهن الشعري العربي/ له عدد من الدواوين، وكتب حول تجربته عدد كبير من الدراسات
النقدية الهامة,
في هذا الحوار نحاول ان نقف عند ابرز اللحظات الشعرية لدى الشهاوي,
،* بداية هل بالامكان الحديث عن تجربتك الشعرية والمحيط الشعري او الثقافي الذي تشكلت فيه مرورا بابرز اللحظات الاساسية فيها؟
،- عندما دخلت الحياة الشعرية المصرية او الحياة الشعرية العربية في مصر كان هناك غياب للاسماء الاساسية للشعر المصري او الاسماء التي شكلت خارطة حقيقية في
هذه الشعرية الحديثة مثل صلاح عبدالصبور، آنذاك كان في الهند مستشارا ثقافيا لمصر، محمد عفيفي مطر كان في العراق واحمد عبدالمعطي حجازي في باريس وامل دنقل
كان يصارع الموت في الوقت ذاته مغيبا ووسائل الاعلام لم تكن تحتفي لا بشعره ولابه، طبعا قدر احتفائها به فيما بعد بشكل مكثف وقدمت حوله الاطروحات العديدة
وفي تلك اللحظة وفي ذلك الراهن الشعري دخلت انا وكان شعراء ما يسمى بحركة شعراء السبعينات في مصر هي التي لها الغلبة او الصوت الاعلى في الساحة الشعرية
المصرية ولا ادري لماذا ولكن ربما لصداقتي العميقة للشاعر محمد سليمان وتعرفي الى شعر احمد طه وهما من مؤسسي جماعة اصوات التي ضمت محمد سليمان واحمد طه
وعبدالمنعم رمضان ومحمد عيد ابراهيم وعبدالمقصود عبدالكريم وكان معهم الفنان التشكيلي محمود الهنيدي هذه جماعة اصوات التي كان بيانها الشعري متمثلا في
الكتاب الشعري الذي تصدره وقد اصدرت لكل شاعر من الذين ذكرتهم ديوانا شعريا واحدا ولكن كانت هناك ايضا جماعة شعرية اخرى وهي جماعة اضاءة 77 ودخلها كثيرون
ولكن يظل هناك مؤسسون كبار او اساسيون لهذه الجماعة طبعا على رأسهم حسن طلب وحلمي سالم وماجد يوسف، وهو الوحيد من شعراء العامية الذي كان معهم وانا اعتبره
احد كبار شعراء مصر حقيقة منذ ديوانه الأول وهو من اكبر الشعراء وجمال القصاص هؤلاء هم الاساسيون طبعا فيما بعد انضم وليد منير ومحمود نسيم لهذه الجماعة
كنت انا منحازا بحكم الصداقة الى جماعة اصوات وبعد عام او عامين توطدت علاقاتي بالجماعتين اضاءة 77 والتي كان بيانها الشعري كما تعرف في مجلة اضاءة 77 ولم
تصدر دواوين شعرية ولكن افرادها او شعراؤها اصدروا مطبوعات بطريق الماستر والتي كانت محاولة للفكاك من اسر السلطة الثقافية ومن أسر الهيمنة التقليدية على
الواقع الثقافي أو الهيمنة التي اغلقت العديد من المجلات المهمة في مصر:
الطليعة والكاتب هذا هو المحيط الذي دخلته او نشأت فيه كان السبعينيون يجربون واتصور انهم ظلوا خمسة عشر عاما يجربون ويشكلون تيارا لافتا ومهما في الساحة
الشعرية المصرية ويكسرون شروخا في جدار الشعر المصري المتاح والمكرور والمعادل لانه كما ذكرت كانت الاسماء الكبيرة بعيدة وكان هناك موقف جمالي ما مني
بالنسبة لهذه التجارب السبعينية بمعنى هل اكون متواصلا طبعا كنت متواصلا مع هذه التجارب ولكن هل اكون امتدادا لهذه التجربة هل اكون مغايرا كما كانت هناك
اسئلة كثيرة مهمة تراودني وكنت اعلم ان المغايرة والاختلاف لا يأتيان بقرار بل يأتيان من استعداد الشاعر وموهبته ورؤيته للعالم ولكون رؤيته للاخرين ولشخصه
و,,,
،* عفوا هل هذا التموقف الجمالي من الحساسيات الشعرية السبعينية التي تمثلها جماعة اصوات واضاءة 77 جاء لحظة احتكاك وتوطد علاقتك بهما او انه كان متبلورا
من قبل وتعزز بمعرفتك بها جيدا لهذه الحساسيات وهل كان لمآخذ فنية فيها؟
،- انا لا ادخل اي شيء في حياتي منذ الطفولة بأحكام مسبقة او مكرسة انا لم يكن لي حكم مسبق على التجربة السبعينية ولكن عبر القراءة والمتابعة المستمرة
لهؤلاء وبحكم اقترابي من بعضهم فكنت عالما بقدر كبير من التجربة وكانت هناك تشابهات كثيرة جدا في مصر لا بد ان اقول ان تسعين بالمائة مما كتب في تلك
الفترة هؤلاء الشعراء حذفوه من تجاربهم الابداعية استغنوا عنه واعتبروه مجرد مداخل أو بدايات على الرغم من أنهم كانوا في سن كبيرة وكانوا قد تخطوا
الثلاثين بكثير هناك دواوين تم اعدامها دواوين كاملة وهناك من اصدر هذه الدواوين في السنوات الاخيرة ولكنها في غاية الرداءة دواوين رديئة حقا وصدقا
وزملاؤهم من الحركة السبعينية في اصوات واضاءة قالوا ذلك اعلنوا ذلك كتابة وقولا وهذه التجارب كان ينبغي ان تعدم وتختفي لانها لا تمثل شعراءها لانهم
تخطوها فاصغر شاعر في هذه الحركة يكون عمره الان خمسين سنة ثمانية واربعين عاما، سبعة واربعين عاما واكبرهم تخطى الخمسين بثلاث او اربع سنوات انا اعترف
اننا امام جيل مهد الطريق للشعراء المصريين الذين اتوا بعد ذلك واتاح فرصة للتجريب والتجديد والتشكيل في القصيدة وقدم رؤى مغايرة لما كان سائدا ولما سيده
جيل الستينيات في مصر واتصور انه اذا كان هناك فعل لشعر حقيقي بعد جيل الرواد بعد صلاح عبد الصبور احمد عبدالمعطي حجازي ومحمد عفيفي مطر وامل دنقل فوراً
تذهب الى السبعينيات حتى ولو انني اختلف معهم في كثير من الشعرية ورؤاهم الجمالية ولكن هم كانوا رواداً في مسألة التحديث والتجريب وطبعا كل واحد منهم كان
له علاقة ما باحد الاصوات الاساسية في الشعر العربي في مصر مثل صلاح عبدالصبور وحجازي او محمد عفيفي تجد مثلا ان محمد سليمان قدمه صلاح عبدالصبور وان امجد
ريان قدمه محمد عفيفي مطر وان عبدالمنعم رمضان قدمه حجازي وهكذا فهذه الاصوات عندما اتت لم تأت من فراغ اي مبدع لا يأتي من فراغ يأتي من حركة من تجارب
عديدة من زخم حضاري وثقافي وتاريخي في تلك الفترة كنت انا انشر قصائد متفرقة وفي مجلات شتى وهو ما تضمنه ديواني الاول (في العشق) هذه المجموعة التي ضمت
قصائد متفرقة او قصائد مجموعة في حدود ثماني او تسع سنوات هذه كانت البداية او المدخل او المحك لي في العلاقة بيني وبين الحركة الثقافية بيني وبين نفسي
على الاقل انه انا اقدم هذا البيان الشعري لكي اعرف من انا تحديدا؟ ماذا افعل؟ وكانت بداية اعترف ان البكارة والعفوية كانت ممزوجة بالعفوية ليس فيها تقنية
العارف بلغة الشعر والشعر كما تعرف لعبة تحتاج الى ان نشتغل عليها ونحركها الذي لديه موهبة تجده يلعب بقصيدته هذه المشاكل كانت البداية لي لشق طريقي
لتجربة الاحاديث,
صلاح فضل أضاء طريقي
،* لكن هل هناك شاعر او صديق او ناقد حاول ان يقودك الى جهة او يضيء لك طريقا ما في تلك البدايات؟
،- اذا كان هناك شخص حقيقي فتح لي طريقا بعد ديواني الاول او من خلاله فهو الدكتور صلاح فضل الناقد المعروف اول من نقدني او اضاء تجربتي الشعرية او اضاء ما
اكتب في الديوان وكان هذا الكلام نظريا في الاذاعة لم يكن مكتوبا ولم اكن قد قابلته بعد وهو اسم كبير ويعرف الكثير عن الشعرية العربية والعالمية خاصة في
امريكا اللاتينية واسبانيا بحكم انه عاش سنوات طويلة هناك وقدم للحركة الثقافية العربية العديد من النصوص الاضافية كان هناك توجس من ان صلاح فضل سيناقشني
او انه سينقدني وكان مفاجئا لي أولاً على الرغم من اني كنت قد كتبت على ظهر الغلاف الاخير من اني اعمل صحافيا بالاهرام وبعد ان انتهت المناقشة سألني ماذا
تعمل يا احمد فقلت انني اعمل صحافيا في الاهرام فقال لي احذرك من الصحافة وعليك ان تنتبه للتجربة المهم هو وضع يده على بعض المناطق التي انا اشتغلت عليها
فيما بعد واعتبرت انه طريق فتحته لكن كنت اريد من يضيئه اكثر وهو الاستفادة بشكل تلقائي وعفوي وهو بحكم نشأتي من القرآن,
فحقيقة لاشعوريا يكون عند المبدع استعداد لان يترجم ذاته او يضيء عتمة روحه او ظلمات نفسه هذا الباطن هذا الداخلي الذي اشتغلت عليه فيما بعد وكانت تجربة
الاحاديث تصور انه من البداية كان هناك اشارات تفضي الى ما سيأتي بعد ذلك من الاحاديث,
هذه البدايات هذه الاشارات هي التي جعلتني ادخل لهذه التجربة وتجربة الاحاديث هي المحطة الاكبر او الاساسية التي تفرعت منها او رفدت التجارب الاخرى سواء
كانت احوال العاشق او كتاب الموت او حتى في التجربة الجديدة التي انهيت الجزء الاول منها وهي حدث الزمن قال لي ,
هذه الاحاديث الشهاوية اخذت انا منها الشاعر يكتب عملا واحدا في حياته مهما طال به الزمن ومهما تعددت منشوراته او اصداراته, المبدع بشكل عام لا اقول يكرر
نفسه ولكن هناك الاساس النقطة الاعلى يضيء بها روحه هذه النقطة نقطة كبرى نقطة اعلى كما ذكرت وتؤدي الى نقاط عديدة هذه النقاط تتمحور حول الاحاديث او
النقطة الاساس اريد ان اردد ما قاله اوكتافيوباث من ان الشاعر او انني لو بقي مني ديوان واحد او قصيدة واحدة فانني سأظل سعيدا وفرحا لهذا الذي ابقاه الزمن
نحن لدينا في الشعر العربي شعراء القصيدة الواحدة ابن الفارض لم يترك سوى ديوان واحد او ما وصل الينا هو ديوان واحد,
،* الملاحظ ان تجربتك عبارة عن خط تصاعدي تتنامى بشكل عمودي ابتداءً من اول دواوينك وانتهاء بكتاب الموت وكأنما كنت تخطط لهذه التجارب مسبقا كيف نرى هذه
المسألة؟
،- انا شخصيا المح تغييرا في حياتي على مستوى النظر الى نفسي والى الاخر والى العالم وهذا التغيير يأتي عقب كل قراءة وكل كشف كأنما انا من الذين يكتشفون
ذواتهم عقب قراءة المتون وليست النصوص التي لا تعلم او لا تقول شيئا بمعنى انني منذ فترة طويلة وانا اتوقف امام المتن لا يهمني ان اعرف احمد زين لكن يهمني
بدرجة اساسية نص احمد زين وهكذا اتوجه الى ابن عربي اوكتافيوباث او ماركيز او الى ابن الفارض او الحلاج لان حياتي قصيرة وهناك كتب لا تقرأ واخرى تقرأ لمدة
واحدة وتلقى الى اي مكان وهناك كتب احصل عليها او تهدى لي لا ادخلها مكتبتي اطلاقا فالوعي المبكر لما تريد ان تفعل او ان تقرأ ومنهم آباؤك الاساسيون كان
ذلك في تراثك او في تراث الانسانية هذا هو المهم ليس لدي الوقت الكثير لاضيعة صحيح انني احاول ان اعرف الخريطة الشعرية العربية جيدا واحاول ان اتابع ما
يدور من حولي حتى لا اكون مثل الاطرش في الزفة بالتعبير المصري احاول ان اكون واعيا بما يكتبه زملائي ومن هم أكبر مني او اصغر مني لانني انا لست وحيدا في
هذا الكون واحيانا تجد نفسك مضطرا لان تقرأ ما كتبه صديقك او زميلك كي تقول له ماذا يفعل,
،* لكن احيانا ليس الجيد فقط هو ما يفيدنا او ينمي تجاربنا اقصد انه حتى الرديء,
،- اتفق معك انا حقيقة حتى الدواوين الرديئة استفيد منها لكي اعرف مواطن القوى ومواطن الضعف لانه من لم يستفد من الرداءة لن يستفيد من الجيد تستفيد من
الرديء بان لا تقع فيه هذا الوعي المبكر هو الذي اوحى لي بالتحول الاساسي فبقدر ما اعرف ان هناك تحولا يطرأ عقب كل قراءة او كشف فلسفي او كشف روائي او
شعري فإذاً هناك موضوعة اساسية في حياتي فانا لا اتعمد شيئا سواء كان العشق او الموت لان كل مسير لما خلق له وانا حياتي هكذا يعني انا ابن موت مثلا بعض
الاصدقاء يقولون ان احمد الشهاوي في منطقة الموت هل الموت قليل الموت قضية كبيرة جدا تحتاج الى وعي فلسفي وعي بالذات كي تكتب فيها انا لا اكتب عن موضوع
ولكن هذه هي روحي أنا لا اكتب عن كذا انا اكتب كذا او في كذا لا اكتب حول كما قلت لان الكتابة حول او عن هي هامش وليست متنا هذه التحولات التي الحظها واي
مبدع يلحظ عقب كل نص ماذا جدد وماذا اضاف الى شخصه الى ابداعه لانك عندما تكتب ما تعرف تحقق ذاتك قبل ان تعطي للاخر نصا مختلفا لان حزني يختلف عن حزنك
وحياتي مختلفة عن حياتك وبيئتي ايضا مغايرة للبيئة التي تعيش فيها فاذا البيئات مختلفة بين المبدعين والشعراء وكل مبدع له وجهه هذا الوجه الذي لا بد ان
يكون مغايرا فعلينا ان نكون نحن في الكتابة حتى نتحقق لان التحقق لا يأتي بالتكرار ولا بالمعاد ولا بالحرث في ذات الارض التي حرثها الآخرون قبلك ,
،* هاجس الموت مشغل هام من مشغلات عديدة وهي اشتغال تحول الى خبرة كيف علاقتك بالموت وهل تكتب انطلاقا من كونك تخشى الموت ام انه تحول الى ملهم لك يبدو لي
احيانا ان علاقتك بالموت تأتي على نحو اكثر تعقيدا؟
،- اولا من يقرأ كتاب الاحاديث سيجد ان هناك اشارة اقول فيها اقرأ كتاب الموت ولم اكن قد كتبت كتاب الموت بعد وكنت قد نسيت هذه الاشارة لولا ان الدكتور
الناقد الكبير الذي اضاء تجربتي بحق الدكتور محمد عبدالمطلب والذي اشار الى انني كنت قد اشرت الى قارئي او للمتلقي او حتى لذاتي اقرأ كتاب الموت وهذا قبل
اشتغالي على كتاب الموت ربما بأربع او خمس سنوات لي كتاب اسمه احوال العاشق كان له اسم سابق كتاب الموت والغربة وهذه الاشياء انا اكتشفتها بالمصادفة ربما
اكون قد نسيتها ولم يعجبني هذا العنوان فغيرته الى احوال العاشق فهنا اللاشعور يشتغل على هذا الهاجس في حياتي وكون الموت هاجساً ملحاً لدي هناك اطروحات
كثيرة تحدث عن هذه المسألة فأنا لا اتحدث حتى عن الموت الفيزيقي بشكل اساسي لكن هناك الموت الميتافيزيقي وانا فعلا اخشى الموت لا اخشى الموت لانني سأبرح
هذه الحياة ولكني لن اقدر على قراءة كل ما جمعته من كتب ولانني اعرف ان الزمن لن يخلدني الا بنصوص هامة وبارزة في الشعر فعلي ان اعيش وقتا اكون فيه اكثر
خبرة وحكمة,
،* حضور المرأة لديك يبدو حضورا متعددا ومركبا ومعقدا ايضا حتى وانت تتحدث عن نوال عيسى امك هل نوال عيسى امرأة واحدة تتعدد او تتجدد ام ان هناك نساء غيرها
يشتبكن بها ويتداخلن معها ليكتمل نسيج نصك؟
،- طبعا انت كما قرأت وتعرف تجربتي ان كل الكتب الشعرية التي كتبتها كلها مهداة الى نوال عيسى ربما الاهداء المدخل او الحضرة كما اسميته في كتاب الموت هو
مدخل وتوطئات مختلفة ومغايرة ولكن تظل الشخصية الاساسية هي نوال عيسى انا ابن ابي وابن امي ايضا ربما هذا الكلام يقال اول مرة كان مقصدي ان اخلد هذه
المرأة التي اسمها نوال عيسى,
بمعنى ان نوال عيسى امرأة ماتت في سن مبكرة ماتت وهي في السادسة والعشرين وانجبت خمسة ابناء انا الثالث فيهم وكان لي اخوة يكتبون الشعر ولكني انا الوحيد
الذي اظهر وكتب وقدم تجربته للناس فكأنما صار على عاتقي ان اقدم هذه المرأة الى العالم وان يعرفها الناس اكبر قدر من الناس حتى في اللغات التي ترجم فيها
شعري احرص ان يكون الاهداء ايضا الى نوال عيسى هذا ليس حالا مرضيا ولكنه حال تتحول مع التجربة تتغير وتتبدى اكثر وضاءة هذا لا يعني ان النساء اللواتي قبل
حدث الزمن قال لي وهو قيد النشر هذه نوال عيسى ولكن هناك حوار بين عيسى وهؤلاء النساء اللواتي يبدون في نصوصي الشعرية وهناك صراع لاشك بينها وبينهن هل هو
صراع متشابه عند الشاعر الذي يسعى لان تكون النساء شبيهات بأمه,
،* قلت ذات مرة ان جيل الثمانينيات,, اكثر اقترابا من الجمهور لبساطة خطابه الشعري الا ترى ان هذه البساطة، طبعا دون تسطيح هي ما يميز ليس جيل الثمانينيات
فقط بل حتى الاجيال الجديدة، التي تسعى للتخلص من ذلك الضجيج ضجيج الايدلوجيات او ضجيج اللغة,,؟
،- اولا: اريد ان اوضح او اثبت هنا ان مصر ليس لديها جيل ثمانينات,, واذا كان هناك ستينيات وسبعينات، فليس هناك ثمانينيات حقا طبعا هناك من يقول ان احمد
الشهاوي من جيل الثمانينات في مصر انا ومن زملائي من الشعراء الذين يقولون انهم من جيل الثمانينات، يقولون لي كيف تنقد هذا الجيل وانت منه,, هذا الجيل,,
انه غير متقارب في السن، هذا من ناحية ومن ناحية اخرى منهم من اصدر ديوانا منذ عام او عامين او ربما ثلاثة اعوام،ومنهم من يتحولون ولا اقول ، يتطورون
بعضهم جرب قصيدة التفعيلة ففشل، وجرب العمودية كلها ففشل، فقال ربما اكون شاعرا كبيرا في قصيدة النثر، وانا ياصديقي، اذا لم يكن الشاعر كبيرا في كل ما
يكتب فلن يكون كبيرا في اي كتابة اخرى، هناك افراد يكتبون شعراً، هؤلاء الافراد سموا بجيل الثمانينيات، وهؤلاء الافراد يعرفون رأيي فيهم صراحة لانني اكتبه
واقوله، هؤلاء الافراد منهم من تحول الى كتابة النقد، ومنهم من تحول الى كتابة الرواية او القصة القصيرة ومنهم من أرى ، انه سيتوقف ، على الرغم من انه
اصدر ديوانا او اثنين,
،* هل تستطيع ان تذكر اسما من هؤلاء الذين تحولوا الى كتابة النقد او الرواية؟
،- ليس بالضرورة,, لكن من ضمن الذين اصدروا كتبا كثيرة، رواية وقصصا في حياتهم، مثل محمود السعدني واسامة انور عكاشة، ولكن انت عندما تتحدث عن الرواية
والقصة هل ستقول السعدني وانور عكاشة وغيرهما كثيرون في القصة والشعر,, لذلك فهناك من اصدر ستة دواوين واكثر ولكن لن تذكرهما عندما نتحدث عن الشعر,, انا
احب ان اقول ان صلاح عبدالصبور كان شاهد المسبحة وهؤلاء هم حبات حوله، كان هو الشاهد الذي على الحبات ان تصل اليه، وهذا الجيل بشكل او اخر هم امتداد لجيل
السبعينيات: كما ان لهذا الجيل كما يسمى او الجيل الجديد او الكتابة الجديدة لها آباؤها خارج مصر اساسا، يعني هي ليست كتابة من داخل الراهن الشعري في مصر
اتكأت على منجز له آباؤه من الخارج،وديع سعادة، عباس بيضون، او حتى امجد ناصر نوري الجراح، وليد خازندار يانيس ريتسوس او والت واتمان,, وتستطيع ان تجد
تأثير ريتسوس اكثر من تأثير اي شاعر اخر من الشعراء العرب الذين ذكرتهم,
،* الشعراء الذين ذكرت هم آباء حتى للقصيدة الجديدة خارج مصر؟
،- طبعا وهناك كتاب مهم لم ينشر بعد لفخري صالح، عن تأثير يانيس ريتسوس على القصيدة العربية، وهذا كتاب سيحدث ضجة كبيرة في الوطن العربي ولان هؤلاء قرأوا
ريتسوس من خلال ترجمة سعدي يوسف او اخرين، نجد النصوص، اولاً على غير انها تتشابه وتكرر نفسها وتدعي كسر التابوت هي كتابة من الخارج والتي تدور حول نفسها،
والتي تكرس، عندما تضع عشرين نصا ستجد انها ربما ستكون لشاعر واحد، لان هذه الكتابة نابعة من ثقافة شفاهية، ثقافة المقاهي او من تسمونها هنا بثقافة المقيل
ثقافة انك تسمع من هنا وهناك وتجمع واعتقد انه الان من مآزق القصيدة الجديدة، هناك مأزقان، او مآزق كثيرة ، اهمها عدم التفرقة بين الخواطر وقصيدة النثر
لان القصيدة لها بناء حتى ولو كانت نثرا، واستطيع ان اقول لك ان اغلب ما يكتب الان هو خواطر وليس قصيدة,, كذلك وقوع القصيدة الجديدة في مشاكل النثرية من
فرط اعتقاد كتابها ان ذلك يؤدي الى البساطة التي ينشدونها، والتي هي حلم اي شاعر, ايضا من المشكلات الكثيرة، كتابة القصيدة الجديدة بالمنطق التقليدي
والرؤية القديمة المكررة,, يعني من وجهة نظر تقليدية تنتمي الى شكل تحجر من فرط استعادته,, ايضا المشكلة الاهم الانحياز الاعمى الى شكل من اشكال الكتابة
الشعرية ونفي اي شكل من الاشكال الاخرى، واعتبارها رجسا وضربا من اللاكتابة وعلى الرغم من ان الشاعر العربي سمته التعددية والتنوع منذ الجاهلية حتى الآن،
فالانتصار لشكل ضد آخر هو اساسا ضد الشعرية واشتراطاتها,,
،* ماذا تعني باستعادة شكل بعينه او الكتابة بالمنطق التقليدي؟
،- بمعنى ان الشاعر يدخل قصيدته الجديدة بآليات قديمة، شاخت من فرط استعمالها وشيوعها ولم يستخدم آليات جديدة، تتواءم مع رؤيته الجديدة التي يبتغيها,, ثم
ليست هناك وصفة يمكن ان تشتريها من الصيدلية لكتابة قصيدة جديدة، تشترط كذا وكذا بحيث تكون نموذجا للحداثة الحداثة ليس لها نموذج اساسا، فالحداثة حداثات
وليست حداثة واحدة، فيمكن ان تقول حداثة المتنبي، وحداثة ادونيس وحداثة ابي تمام وحداثة وديع سعادة هذه اربعة نماذج من الحداثة ولكنها مختلفة ومتباينة
وتدل على زخم الشعرية العربية وتنوعها,, فليس هناك الحداثة الواحدة ولا الشاعر الاوحد,, فسوريا ليست ادونيس ومصر ليست صلاح عبدالصبور، واليمن ليست المقالح
او البردوني، ولكن هذه البلدان تتجلى شعريتها في تنوع شعرائها وتعدد رؤاهم,
،*لكن هناك شعراء، في اطار هذه الكتابة الجديدة، قدموا تجارب لافتة وحائزة سواء في مصر او غيرها؟
،- انا سوف اكلمك عمن احب,, هناك شعراء احب ان اقرأهم,, واتابع جديدهم بشكل دائم,, واسعى لمعرفة تطور تجاربهم الشعرية، لانهم بالنسبة لي يشكلون التيار
الحقيقي للقصيدة الجديدة هؤلاء هم رفاقي في الرحلة واصدقائي في الحياة، على الرغم من اني لم التق معظمهم من قبل,, سأخص بالذكر لينا الطيبي، نوري الجراح،
امجد ناصر وديع سعادة ، وليد خازندار، حسين نجمي، عبدالله زريقة ويسون صقر واخرين,
،* هل لا احد من مصر؟
،- هناك نصوص وليس شعراء، نصوص جيدة لكن لا تعمل تجارب فارقة,
،* ربما لان، علاقة النص بتراثه او ذاكرته تأتي على نحو اكثر تعقيدا، بحيث يصعب احيانا لدى البعض من القراء تحديد هذه العلاقة لذلك ترى العديد من المبدعين
يتهمون بالسرقة انت واحد من هؤلاء هنا لا اكرر توجيه الاتهام انما اسألك كمبدع كيف ترى هذه العلاقة علاقة النص بذاكرته ومدى تعقدها؟
،* ماذا يمكن ان تسمى كتابة بورخيس او تدهيوز الشاعر البريطاني، او الشاعر السويدي ايفنار ايكليف ، او جارسيا ماركيز، او امبرتو ايكو ، هؤلاء وغيرهم الذين
صاروا مرجعيات لكثير منا، شكلوا نصوصهم الاساسية على التراث الانساني بشكل عام والعربي والاسلامي بشكل خاص,
ومع ذلك لم نجد احدا اتهم احدهم بالانتحال او السرقة لايوجد نص يتأسس من الفراغ والشاعر الحقيقي هو ابن لتراثه او المنجز التاريخي الذي سبقه والذين تناصوا
في اعمالهم مع موروثاتهم، مثل ادوار الخراط او جمال الغيطاني او احمد الشهاوي هم من العارفين بهذا التراث ، او ما يحمل من فرائد وكنوز استفاد منها الغرب
اساسا قبلنا,, فالحلاج والنفري عرفنا اليهما مستشرقان، ولا ادري هل كنا سنصل اليهما لو لم يقدمهما لنا لويس ماسينون وارثر ابري، في اوائل هذا القرن,, هذه
النصوص التي تناص كاتبوها مع منجزهم الادبي والديني تحتاج كتابتهم الى متلق خاص ، عارف، لا اقول لكل المنجز، بل ببعض الموروث الذي تركه لنا الاسلاف، وليس
كل ما تركه الاسلاف هو من الدرر والفرائد ولكن المبدع فيها تتخير روحه الذي يوائم رؤيته للكتابة والابداع,
،* النقد في احتفائه بك او اضاءته للنصوص,, كيف رايته؟ وهل تعتقد، من خلال كثرة الدراسات التي تناولت منجزك الشعري، ان النقاد استنفدوا تجربتك الشعرية؟
،* انا احاول ان اقرأ ما كتبه النقاد حول تجربتي، وان استعيد كتابتهم مرات عديدة كي اعرف كيف نظروا الى النص ورأوه من الداخل، وانا لا اسميه احتفاء او
احتفالا بالنص قدر ما اسميه تعليما للشاعر واضاءة للتجربة ووضع اليد على المواطن الاساسية في النص وهناك اسماء من النقاد والمبدعين مثل صلاح فضل، الخراط،
محمد عبدالمطلب، شكلت اضاءتهم مسارا خاصا للنظر في ما ارى واكتب لان هناك بعض النصوص النقدية التي كتبت حول اعمالي من فرط شفافيتها ومعرفتها بخبرات الشاعر
وشعره، ظننت ان كتابها قد عاشوا تجربة الكتابة معجب لانهم رصدوا اسرارا دقيقة في جسد النص او النصوص ، والنقد الذي يشكل وعيا للمبدع ويفتح الافق امامه ليس
نقدا احتفاليا او دعائيا، وانما هو يقرأ الباطن بشكل دقيق ودال ومن ثم يكون هناك غنى في التجربة وتنوع في الكتابة,
،* الى جانب بعض كبار النقاد الذين تناولوك كان هناك بعض النقاد الشباب، السمطي، اغلان، التلمساني، كيف رأيت ايضا هذه التناولات وهل قدمت جديدا بالنسبة لك؟
،- كتابة بعض لانقاد من الجيل العربي الجديد، كانت مفاجأة لي، خاصة ابراهيم اغلان من المغرب الذي كتب عدة مرات عن التجربة وكان الأكثر وصولا لها ورصدا
لاسرارها الخاصة، ايضا مي تلمساني قدمت اضافة للنقاد الذين سبقوها الكتابة حول تجربتي، ومن اوائل من اشار الى ان كتاب العشق هو نص روائي، قبل ان يكون نصا
شعريا، قدمت اطروحة حول هذا وربما لانها قد ترجمت مختارات عديدة من الاحاديث باللغة الفرنسية، قد جعلها اكثر قربا من كتابتي واتاح لها طرقا للبحث
والاستقراء، وكشف المخبوء، وانا لا تخدعني الاسماء الكبيرة فهناك اسماء نقدية برزت ولفتت الانتباه، على الرغم من انها ما تزال في اول الطريق، وتعدد
النقاد، كما لاحظت انت، من الذين كتبوا عن تجربتي يؤكد هذا التنوع في الذائقة والتعدد في زوايا النظر,


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved