وفي جزر المطر,, دهشة!!،
ميرفت عبدالرحمن السحلي
قطارات تمشق الأحلام,, فتنعق فينا الذاكرة!! (2-3)،
،** صالة مغطاة بدخان الوداع,, وأسهم تشير للاتجاهات,, يتجه السهم يميناً (إلى وجوه مألوفة خلف الزجاج),, يتجه السهم يساراً (إلى جدران الغياب),, أعدو بين
جدران الغياب,, أتخبط,, اصطدم بشاحنات الوجوه الغريبة,, أقع,, أتمدد,, أصبح امتداداً لرصيف القطار,, قطار,, يمشق,, يمشق,, يشنق,, وها هي الوجوه الحبيبة
تحيا لاجئة في جراحي,, أتجرع أقدام المغادرة,, أصبِّرها في قلبي فتقلد صوت النبض,, أتكفن بفصول الرحيل,, فتنتحل شخصية الرداء,, ولأن الربيع تراب
الخماسين,, ولأن الخريف ابتلاع الخضار,, ولأن الصيف احتراق الاحلام واحتراف الأرق,, فأنا أحب الشتاء!،
،- أيتها الشمس الشتائية الطيبة,, أعطيني كفاً لأقول وداعاً قبل المغادرة!،
،* تقول لي شمس الشتاء الصحو: ترانزيت؟!،
،- نعم ترانزيت,, دائماً في شمس الشتاء أنا ترانزيت,, ومواطنة في فوهة الريح كبارودة في قلب معركة,,
،* من أين أتيت؟
،- لي إقامة في أعاصير الفنون!،
،* وإلى أي الاتجاهات أنت ماضية؟
،- إلى احتراف الجنون,,!،
قالت الكوابيس: أعطيني قطناً كي ألمع جرحك,, أصقله أعطيه أبراج العاصفة,, وأعطيني دبوسا كي أثقب فرحك فتنزف القطارات تعوي,, القطارات مصلوبة على سواعد
الليل المكابر,,
،** لأني حفيدة الليالي الماطرة: آتي في انتخابات الريح وهجرة الايام عن المرايا,, ولأنك طويل طويل كالمسافة بيني وبين الفرح,, ولأنك ممتد كنهر خرافي,,
ولأنك متمدد في جبيني سناءً من العمر، أشهرت وجهك في عيوني كمفتاح بيت في الليالي العاصفة,, فابتلعت وجهك وعيوني,, مشطت الطريق إلى عروقك كي أمر وحدي,,
فابتلعت الطريق,, وأودعتُ حقائبي السرية في عروقك مطارات للنواح,, فأنا مرسول الرياح,, ولأني حفيدة الليالي الماطرة، قد ابتلعت سربا من اغتراب النوارس
ليخمش في صدري,, يحتل حنيني للعالم,, فأنا يا صديق مغرمة بابتلاع الطريق,, والتهام اغتراب النوارس,, وأنا النوارس أطعمني حزنها,, وأنا النوارس طاردني
صوتها,, وأنا النوارس شردني شوقها,, لمجرات النوم على مهل,, فتمدد,, تمدد من اول العمر إلى آخر المرحلة,, وامتد,, امتد,, من اول الليل إلى آخر الذاكرة,,
واحمني من قطارات السنين، وأودعني على السهول المقمرة,
،(2) قطار (أمل دنقل) و,,(الموت في لوحات)،
،(1)،
مصفوفة حقائبي على رفوف الذاكرة/ والسفر الطويل,,/ يبدأ دون أن تسير القاطرة!/ رسائلي للشمس,,/ تعود دون أن تمس!/ رسائلي للارض,,/ ترد دون ان تفض/ يميل
ظلي في الغروب دون أن أميل!/ وها أنا في مقعدي القانط/ وريقة,, وريقة,, يسقط عمري من نتيجة الحائط/ والورق الساقط/: يطفو على بحيرة الذكرى/ فتلتوي دوائر/
وتحتفي دائرة,, فدائرة!،
،(2)،
شقيقتي رجاء ماتت وهي دون الثالثة/ ماتت وما يزال في دولاب أمي السري/ صندلها الفضي/ صدارها المشغول، قرطها، غطاء رأسها الصوفي/ أرنبها القطني!/ وعندما
أدخل بهو بيتنا الصامت/ فلا أراها تمسك الحائط,, علها تقف!/ أنسى أنها ماتت,,/ أقول, ربما نامت,,/ أدور في الغرف/ وعندما تسألني أمي بصوتها الخافت/ أرى
الأسى في وجهها الممتقع الباهت/ وأستبين الكارثة!،
،(3)،
عرفتها في عامها الخامس والعشرين/ والزمن العنين,,/ ينشب في احشائها اظفاره الملوية,,/ طوفت بكل صيدلية/ تقلبت,,!/,, وما تزال تشتري اللفائف القطنية!/ ما
تزال تشتري اللفائف القطنية!/ وحين صارحت اباها ليلة الرعد/ تفجرت بالخصب والوعد/ واختلجت في طينها بشارة التكوين!/ لكنها نادت اباها في الصباح,,/ فظل
صامتاً!/ هزّته,, كان ميتاً!!،
،(4)،
من شرفتي كنت أراها في صباح العطلة الهادئ/ تنشر في شرفتها على خيوط النور والغناء/ ثياب طفليها، ثياب زوجها الرسمية الصفراء/ قمصانه المغسولة البيضاء/
تنشر حولها نقاء قلبها الهنيء/ وهو تروح وتجيء/ والآن بعد أشهر الصيف الرديء/ رأيتها,, ذابلة العينين والاعضاء/ تنشر في شرفتها على حبال الصمت والبكاء/
ثيابها السوداء! (*) ,
،** قطارات رابضة,, تمشق,, تمشق,, تشنق,, جدران صامتة,, معلنة كالنهايات,, ونهايات منتشرة كالعرق فوق الجسد المحموم,, آه أيتها الجدران,, كوني غامضة لنكون
أكثر منك وضوحاً!،
،(*) الأعمال الكاملة لأمل دنقل: البكاء بين يدي زرقاء اليمامة، من قصيدة (الموت في لوحات) ص(192)، مكتبة مدبولي القاهرة 1995م,


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved