خطابنا النقد تابع - لا هوية له
،*تحولات القرن العشرين تستلزم نصوصا إبداعية متحركة!،
،*انتصر لكتاب القصة الذين ينجزون النص المغاير!،
حوار أجرته :غالية خوجة
،* طاقة التخييل فضاء ابداعي يعدد تأويلات النص القصصي المغاير الذي يكتبه (نضال الصالح) مع الناقد الرائي هناك,, في اناه,,، التي تنجب ليلها ونهارها خارج
الليل والنهار، صاهرة المتضادات الذاتية والموضوعية داخل لهجة الكون التي تتخذ في قصة (الصالح) مقامات برزخية بين اطياف الجمالي وبين مخاطبة الارواح، كما
،) حيث الصراع يكشف حجبه المحايثة لعملية كشف المستور من النص المقروء,Taoنجدها تتخذ في نصه النقدي ما اسماه الصينيون ب (التاو -
تدهشك مثاقفة الفراشة للنار وانت تعبر تحت كلمات المبدع نضال الصالح، وتشحذك بالحلم المحترق، بالوطن المتقلب على رماد العنقاء ,, بالمرأة من كل مواقعها
وهي تصرخ بالغيم والعدم، علها تعيد الجراح الى نصال الندى والورد,, فعلا,, ما اكثر الحكائين في مشهدنا الثقافي ، وما أقل القاصين ، وكم نحن بحاجة الى نقاد
عارفين يستكنهون بصيرة النص,,؟؟
ورغم كل هذه الاشكاليات فنحن نرى ان مشهدنا الثقافي العربي يحمل بذور وعلائق نهوضه الحضاري القادم,
كيف,,؟
هذا ما تؤكده نصوص مبدعينا امثال: (محمد درويش/ عصام ترشحاني/ علي الدميني/ قاسم حداد/ عبدالله خليفة/ سيف الرحبي/ محمد العلي/ حيدر حيدر/ اسماعيل فهد
اسماعيل/ محمد عمران/,,)،
فهل للمبدع (نضال الصالح) رؤى اخرى,,؟
،* ما رؤاك للقصة الحديثة؟
،- على الرغم من اننا نطرق بارواحنا المثلومة بوابات القرن الحادي والعشرين، وعلى الرغم من تلك الايقاعات السريعة التي تسخر بأوهامنا فيما يتصل بمجموعة
من
الثوابت التي ظللنا فترة طويلة من الوقت نزعم ان يد الزمن لن تنال منها، فان بعضنها ما يزال ينتمي الى مطالع هذا القرن، وما يزال مأخوذا بان ثمة تقاليد
جمالية في الادب والفن لا يمكن النيل منها، او التمرد عليها، او اختراقها، او انجاز بدائل لها تتسق وتحولات الراهن المثيرة,
ولأن ما هو ساكن محكوم عليه بالفناء عادة، فان هذه التحولات تستلزم نصوصا ابداعية متحركة، نصوصا تطوح بتلك التقاليد الجمالية التي ارستها المحاولات الاولى
للجنس القصصي في ادبنا العربي الحديث، وتبتكر جمالياتها المتجددة دائما، وتتحرر من قبضة الحكائي لتصوغ ما هو فني اي ما يحرض على تعددية القراءات وفعاليات
التلقي، وما ينشط طاقة التخيل لدى القارىء ايضا وما يدفعه الى ان يكون منتجا آخر للنص وليس مجرد مستقبل له فحسب,
وتأسيسا على ذلك كله، فانني اميز دائما بين جوقة الحكائين الذين يكتبون قصصا وكتاب القصة حقا الذين انتصر لهم واثق بكفاءاتهم في انجاز ما يمكن تسميته
بالنص المغاير، النص الذي يعيد ترتيب مكونات القص ويبدع في الوقت نفسه مكونات جديدة تحتفي بكيفيات اداء الرسالة على نحو مواز تماما لحفاوتها بمقاصد
الرسالة نفسها، ويتمثل ما تقدمه من انجازات وما ينتجه الراهن الثقافي من انجازات جديدة, وبهذا المعنى، فان هذا القص يتطلب مخزونا معرفيا بتقاليد الجنس
القصصي من جهة وبانجازاته من جهة ثانية، كما يتطلب وعيا بمفاهيم علم الجمال وباتجاهات النقد المعاصرة، ومن ثم موهبة حقيقية تقدم القرائن الدالة على ان ما
بين يدي المتلقي قصة وليس حكاية، وما اكثر الحكائين في مشهدنا الثقافي، وما اقل القاصين!!،
،* كيف يتخاصم، يتجاذب، يتجادل الناقد مع القاص في داخلك , وما الذي يضيف كل منهما للآخر، ولحركة الابداع؟
،- المبدع الحقيقي، اقول (الحقيقي)، ناقد بالضرورة، لانه يمتلك حساسية مرهفة نحو الجمال، حساسية قادرة على استكناه عوالم النص ومعماريته قبل غيره، وعارفة
بحراك المشهد القصصي وتحولاته, وهذا النوع من المبدعين وحده هو الذي يستطيع اكتشاف ما يدور زائدا على جسد النص، وما يشرخ بناءه، وما لا يمنحه هويته
المميزة له من غيره من نصوصه السابقة من جهة، ومن نصوص غيره من جهة أخرى,
لا أكتمك انني امارس نوعا من الاستبداد بحق النصوص القصصية التي أكتبها، وأنني دائم الترجح بين فطرية القاص ومنهجية الناقد، ولذلك فانني اكتب ما اسميه
بالحوليات القصصية، اي ما أظل اشتغل فيه مدة عام ويزيد احيانا , ولا اكتمك ايضا انني مسكون بهاجس المغايرة والاضافة، ومسوغ ذلك - كما ارى - طبيعتي
الانفعالية التي تضيق بالمتشابه، وبالساكن، والمستقر, وليس مسوغه الناقد في، او اشتغال الاكاديمي في هذا المجال ، وان كنت لا انكر ان هذا الناقد يمارس
سطوة على القاص في داخلي، وانه - احيانا - يسلبني تلك الفطرية التي اشرت اليها سابقا، ويدفعني الى اعادة كتابة النص اكثر من عشر مرات، وفي اوقات متباعدة
نسبيا، والى تمزيق كل ما كتبت وانا راض احيانا اخرى,
لقد حاولت ، كثيرا، عدم الانصات الى صوت الناقد في، مصغيا الى صوت القاص فحسب، لكنني لم استطع، وقد اكتشفت فيما بيني وبين نفسي انني احترم المتلقي الذي
اتوجه اليه، وارى انه اذكى مما يظن بعضهم عادة، ولذلك اعاود الاشتغال بما كتبت، محاولا - ما استطعت - ان اقيم توازنا بين الصوتين، معترفا باهميتهما معا,
وليس غلوا ان اقول لك ان عملي في الحقل النقدي قد حوَّل مسار تجربتي القصصية الى منحى اخر مختلف تماما عن بواكير هذه التجربة لدي، ولذلك فثمة ما يشبه
القطيعة بين ما قدمته مجموعتاي: مكابدات يقظان البوصبري ، والافعال الناقصة وروايتي البكر جمر الموتى ، وما تقدمه الآن مجموعتي الجديدة طائر الجهات
المخاتلة التي تمثل - كما ازعم - اضافة واضحة الى مسيرتي في المجال الابداعي، اقصد ان الناقد في لم يكن رقيبا بالمعنى السلبي لمفهوم الرقابة في المجتمعات
المتخلفة، بقدر ما كان ايجابيا، ومحرضا وموسعا من اطياف الوعي الجمالي بمعنى الابداع, واسمحي لي ان اقول ان الكاتب القصصي غير المزود بثقافة نقدية، وغير
المطلع على انجازات النقد المعاصرة ومصطلحاته، محكومة عليه بالوقوف في جغرافية ثقافية ضيقة، لا تتجاوز نفسها من جهة، كما لا تتجاوز السائد في المشهد
القصصي من جهة أخرى, انني احب الناقد في كما احب القاص والروائي، وانظر إليهما كليهما كما لو كانا شمسا وقمرا، او قمرا وشمسا, صيفا وشتاء، او شتاء وصيفا،
ليلا ونهارا، او نهارا وليلا,, لا يحيا احدهما دون حياة الاخر,
،* المشهد الثقافي العربي يمر باشكالات مختلفة تدل على صحته وحياته المشتعلة، المتجهة نحو نهوض حضاري جسده الشعر/ القصة/ الرواية/ النقد,,كيف تتعامل مع
تداخل الاجناس؟
،- لا اتفق معك، اولا، على ان المشهد الثقافي العربي معافى وعلى ان حياته مشتعلة، فراهن هذا المشهد يؤكد نقيض ما تذهبين اليه بما يضطرم داخله من علل
واورام
تكاد تأتي على هذه الحياة وتنهي بها الى العدم - صحيح ان ثمة محاولات لاستنهاض الاجناس التي ذكرتها من مواضعاتها البائتة، وصحيح ان هذه المحاولات تعني
تحررا من اغلال التقاليد التي صفدت هذه الاجناس في اقبية تأبى مثاقفة الآخر والاستفادة من انجازاته الجمالية ، لكن الاكثر صحة ان ذلك كله يبدو نوعا من
الصراخ في برية شاسعة، او نوعا من الاستغاثة بفراشة في غابة من الطيور الجارحة, مشهدنا الثقافي العربي يغص بما يدمي الروح، جزء منه مثخن بالاوهام، وجزء
آخر تصوغه الايديولوجيات العوراء ، وجزء ثالث تحكمه اعراف العصابات، وجزء ناحل ، ناحل كثيرا، يهجس بالثقافة ويعدها حالة حضارية كما تقولين,
اما فيما يتصل بتداخل الاجناس الادبية وكيفية تعاملي معها، فانني ارى ان الحدود القائمة بين الاجناس الادبية حدود زائفة تم اصطناعها في النقد وتصديرها
الينا بوصفها مسلمات لا يجوز اختراقها او الاطاحة بها، وانني انظر الى النص الابداعي بوصفه نصا فحسب، دون تجنيس له ، وبان ثمة تراسلا بين الاجناس
جميعها، تتقاطع فيما بينها، ويقترض كل منها ما يثريه من الآخر ، وقد كتبت نصوصا وفق هذه الرؤية اي دونما انصياع لقوانين او اعراف جمالية، لكنني فيما كتبته
كله ظللت احفظ للنص هويته، انتماءه الى جذور يصدر عنها,
واسمحي لي ان اشير الى ان ثمة وهما يتصل بتداخل الاجناس، وهو ان هذا التداخل انجاز وافد الينا من الغرب الذي انتج في السنوات الاخيرة ما يسمى ب النص ، اي
الكتابة الابداعية التي لا تنتمي الى جنس ادبي محدد، وابدينا - كعادتنا دائما - حفاوة بهذا النوع من الكتابة الوافدة، ومن غير ان نعلم - بسبب جهلنا
بموروثنا - ان في ادبنا العربي القديم نماذج لنصوص عصية على التصنيف في حقل ابداعي واحد، او نماذج تستجمع لنفسها خصائص الاجناس الادبية جميعها,
،* الملاحظ في تجربتك القصصية المميزة منذ مجموعة الافعال الناقصة حتى طائر الجهات المخاتلة انزياح نحو شعرية البنية التي تمنح القصة فضاء متحررا يوسع
حدثه الفني كفائض للحدث الحياتي، وكامتداد له يرتكز على الاسطرة ليخالف المألوف منجزا بصمته ، وهذا شكل يمارس تفاعله داخل العمل الحكائي ليكتب حالته
المتعددة في المحتمل, ما رأيك بقصة الحالة، وما عناصرها المتحولة التي ترتقي بالعناصر القصصية الثابتة؟
،- أشعر بغبطة عارمة حين يتمكن متلقي نصوصي من القبض على الجوهري فيها، على سماتها ومكوناتها وكيفيات ادائها، وانت من هذا النوع الحصيف من المتلقين،
والمبدعين ايضا، الذين يمسكون بتلابيب النص، ويغوصون على العمق فيه، وببصيرة نافذة يستطيعون اكتشاف حوامله الجمالية, هذا الانزياح نحو شعرية البنية، وليس
شعرية الحدث كما تنبهت، يشكل احد هواجس الكتابة لدي، لانني اكره الحكي بمعناه الشائع، واحبه بمعناه الفني/ الجمالي، اي بما يمنح النص المكتوب معنى
الادبية فيه ولذلك ترينني دائب البحث عن صياغات واساليب تعبير تطوح بالناجز، وبالمستقر من الاعراف الجمالية، وتطمح الى انتاج اعرافها المغايرة، ادائها
المغاير، ولغتها المغايرة التي تحاول الاستفادة من الموروث بتجلياته كافة ، الاساطيرية والحكائية والشعرية,
على انني لست مع هذه التصنيفات التي تحقلن النص الابداعي في مسميات، اي فيما يعرف بقصة الحدث، وقصة الحالة، والقصة الخاطرة، وغيرها, القصة قصة وكفى، انها
جنس ادبي غير مستقر،ويجب الا يكون مستقرا، ومتى استقرت الكتابة غلت ذاتها باصفاد السكون، والمشابهة، والتكرار,
لنسم النص الذي نقرأه بأي اسم كان، ولكن على هذا النص ان يجعلنا نلهث وراءه منذ مفتتحه حتى اخر كلمة فيه، وان نشعر بانه يخاطب ارواحنا ولا يخاطب اسماعنا
ارواحنا التي تحتاج الى ما يزيل الصدأ عنها، الصدأ الذي انتجه الاستهلاك وتسليع كل شيء,
،* النقد العربي مازال يرتب حداثته ليلحق بالنصوص الابداعية, كيف سيخرج المشهد النقدي من ازمته؟ هل ذلك عن طريق تبسيط ادواته؟ ام عن طريق فهم القارىء
للنقد
على أنه علم وفن وابداع؟ أم ذلك كله وغيره؟ ما رأيك؟
،- الخطاب النقدي العربي المعاصر لا يعاني ازمة، بل ازمات, من اهمها، بل من اهم سماتها واخطرها كما أرى انه خطاب ذيلي، تابع، لاهوية خاصة به، يتلقف
انجازات
الاخر دون زاد معرفي كاف بها ، ودون استيعاب دقيق لمصطلحاتها، ويقارب النصوص الابداعية العربية وفق ذلك، ومن غير تقدير للشروط التاريخية/ الجمالية التي
انتجتها, ما ان ينجز الاخر، غير العربي، اتجاها نقديا حتى يبدى الخطاب النقدي العربي حفاوة مجانية بما انجزه هذا الاخر، وكثيرا ما تأتي هذه الحفاوة في وقت
متأخر، في وقت يكون الآخر معه قد ادار ظهره لما انجز، وبدأ اثارة اسئلة نقدية جديدة، ومصطلحات نقدية جديدة, ومن ازمات هذا الخطاب، كما ارى ايضا، انه خطاب
صحفي، مراجعاتي في الاغلب الاعم، يعتاش على النصوص ولا يعيد انتاجها او استكناه مكوناتها، وهو بهذا المعنى خطاب تال للنص وليس موازيا له، ولعل ذلك ما يدفع
الكثيرين الى القول ان هذا الخطاب يبدي لهاثا وراء النصوص التي تبدو متقدمة على آليات المقاربة فيه، ولعل ذلك ما يدفعهم ايضا الى اعتقاد ان هذا الخطاب
يعاني نوعا من العجز حيال ما تنتجه الحداثة, ذلك كله صحيح، لان العملية النقدية استبيحت، وصار يمارسها من لا مخزون معرفيا لديه بابجدياتها، او من لا يعرف
من الجمل غير اذنه كما نقول نحن في حلب,
ان القراءة المحايثة للنص هي القراءة الاكثر كفاءة في اكتشاف آليات انتاجه وكيفيات ادائه الفني، وهذه القراءة تتطلب في الوقت نفسه متلقيا حصيفا، مزودا
بثقافة نقدية قادرة على استيعاب المصلطح ، ومواكبة لتحولاته,
،* ما اهم سمات القصة السورية؟ وكيف يرى المبدع نضال الصالح مستقبلها؟
،- ازعم انني قلة من المهمومين بمتابعة الاصدارات القصصية والروائية في الوطن العربي كافة، وازعم ايضا ان ثمة اصدارات في بعض المواقع من الجغرافية العربية
المهمشة ثقافيا، او التي وقر فينا على نحو خاطىء عطالتها الثقافية اكثر اهمية، واكثر مواكبة لانجازات الابداع وتحولاته مما أثبتته وسائل مختلفة عن كثير
من الاسماء التي ما تزال، او التي ما تزال هذه الوسائل تبدي حفاوة بها, وللانصاف اقول ان المشهد القصصي في سورية لا يختلف كثيرا عن غيره من المشاهد
القصصية العربية، ولا يمتلك سمات المغايرة لها، انه جزء منها في الاغلب الاعم، بل ان كثيرا من نتاجه يبدو متأخرا عما يتم انتاجه في تلك المواقع التي اشرت
اليها سابقا,
المشهد القصصي السوري الراهن ما يزال في اكثره، اسير التقاليد القصصية التي انجزتها بواكير القص في ادبنا العربي الحديث، وما تزال سطوة الحكائي تمارس
حضورها فيه، وما يزال كثير من المشتغلين فيه ارقاء الايديولوجيات التي ينتمون اليها، وصرعى نرجسيات ترى في كل ما تنتجه ابداعا، غير ان ذلك كله لا يعني
سكونية هذا المشهد او عطالته ، فثمة اسماء تصوغ الجديد والطازج فيه، وهذه الاسماء هي التي ستصنع مستقبله، وهي الاكثر بقاء في الذاكرة الجمعية، وان كانت
هذه الذاكرة تعاني هي الاخرى تشويها وتكريسا للزائف والطارىء من معاني الحياة والوجود,


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved