أيام العرق والطين
عبدالله نور
الأمير طلال بن عبد العزيز يقول عبد العزيز ليس شاعراً
كنت قبل أسبوعين قد نشرت في هذه الزاوية أشياء من شعر الملك عبد العزيز ثم أرسلت إلى مكتب صاحب السمو الملكي الأمير طلال بن عبد العزيز كتاب الشيخ ابن
عقيل الموسوم بمسائل من تاريخ الجزيرة العربية لرغبتهم في معرفة المصدر الذي توجد فيه تلك الأشعار وكان هذا الكتاب آخر ما صدر وأوفى ما جمع من الأشعار،
ثم وصلتني هذه الرسالة من مدير مكتب سموه وفيها مضمون ما يود سموه الكريم إيضاحه لي وللقراء الكرام، وسأنشرها كاملة كما يرغب سموه، وفي نفس الزاوية، ثم
يلي ذلك مالدي من الإيضاحات، ولنقرأ معاً نص الرسالة:
الأخ الأستاذ عبدالله نور
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
إشارة لخطابكم في 1419/6/25ه ومرفقه نسخة من كتاب مسائل من تاريخ الجزيرة ، والذي افدتم فيه بأنه هو مصدركم فيما نشرتموه منسوباً إلى الملك عبد العزيز من
أشعار تأملية وفروسية تحدثتم عنها في جريدة الجزيرة، العدد 1998 وتاريخ 23 جمادى الآخرة 1419ه, افيدكم بأنه برفع ذلك لمقام سموه الكريم وجّه سموه بأن
أبلغكم بالآتي:
اولاً: إن الملك عبد العزيز كما عرفناه وعرفه أقرب الناس إليه لم يكن شاعراً ولم تكن له محاولات شعرية,, نعم كان يتمثل بأبيات من الشعر ويردد بعض الأبيات
من الشعر الفصيح ومن الشعر النبطي في المناسبات، كما كان يتطرق لأبيات الحداء (حداء الخيل) من الشعر الذي قاله غيره مما نقل بعضه ابن عقيل في كتابه ص:
،42،43،44 ،45،46،47، ونسبه إلى كراسة زعم أنها لمحمد الأحمد السديري, ومعلوم أن تلك الأبيات المنقولة هي أمثال من شعر الحداء، ونسبتها لعبد العزيز خطأ،
حتى لو اعتقد ذلك محمد السديري وابن عقيل,
ثانياً: إنك نسبت ابيات فهاد الحلاج (الغوج رديته بتالي الخيل) إلخ، نسبتها إلى عبد العزيز، ومصدرك يقول إنها لفهاد، ومعنى هذا عدم التزامك الدقة فيما
تقول وما تنقل، فكأنك تريد أن تطوّع الأقوال للعنوان الذي وضعته,
ثالثاً: لمَ لَم تنسب ما نشرته من أشعار للمصدر الذي أخذت منه واستقيت عنه تلك الأبيات؟ حتى يكون اللوم على غيرك؟
رابعاً: أما الأبيات التي ختمت بها مقالك والتي أشار إليها ابن عقيل (ياهني الترف) فقد أوضحنا أكثر من مرة، وهو ما يعرفه الناس أنها ليست للملك عبد
العزيز,
ويرى سموه أن يتم تلافي كل ذلك، وأن تنسب لمصدرك كل ما نقلته عنه، وأن توضح ما أوضحته لك في هذه الإشارة من أن عبد العزيز لم يكن شاعراً يوماً ما، وإنما
كان يتمثل الشعر ويرويه، ويستمع إليه، ويثيب على قوله، ويردد ما كان فيه من حكمة، سواءً كان شعراً فصيحاً أو شعراً محلياً، وأن أبيات الشعر للحداء الذي
يشير إليه ابن عقيل هو مما كان يتمثله من شعر قديم او من شعر من كان حوله,, على أن يتم نشر ذلك في نفس الصحيفة وفي نفس الزاوية وتحت توقيعك,
والله يحفظكم,
ناصر بكر القحطاني
مدير مكتب سمو رئيس برنامج الخليج العربي
لدعم منظمات الأمم المتحدة الإنمائية
،***
إيضاحات ذات أهمية للقارىء الكريم
قبل أن أسرد ما لدي من الإيضاحات وهي ذات فائدة للقارىء الكريم الذي يتابع احتفالي مع زملائي بالعام المئوي أود أن أشير إلى فخري واعتزازي باستدراكات صاحب
السمو الملكي الأمير طلال بن عبد العزيز، وإنها - وأيم الله - من بركات هذا العام المئوي المبارك ومكانها الإجلال والإكبار والإعظام لما لها من قيمة شرفية
ومرجعية، ولكونها من ولد عبدالعزيز ومن صميم العظم واللحم والدم، وما عداها من المراجع لا يقاس البتة برسالة سموه الكريم، والذي هو عندي من الإيضاحات،
إنما هو للقارىء الكريم فحسب,
يعتبر المرحوم الشيخ خير الدين الزركلي في كتابه (شبه الجزيرة في عهد الملك عبد العزيز) اول من روى شعراً للملك عبد العزيز، أخذه مشافهة عن المرحوم
إبراهيم بن سليمان آل عقيل، الذي أنشده لعبد العزيز (ياهجر يازين البنات,,, الخ) وقال الزركلي إنه سمع أبياتا من الملحون منسوبة إلى عبد العزيز لم يحفظ
منها سوى هذا البيت (خبر سعود وقل له مير وش جابه، إلخ) والزركلي أول من حقق في مسألة هذا الشعر وصدق نسبتها إلى عبد العزيز فقال إنه قد علم من رشدي محلس
،(نائب رئيس الشعبة العسكرية) أنه يفكر في تدوين ما ينسبه إليه رفاق صباه من ابيات يتناقلونه من الشعر النبطي، ولكن مات رشدي محلس ولا يدري ماذا حدث بعد
وفاته فيما كان يفكر فيه,
ويقول الزركلي إنه بعد ذلك رجع إلى الأمير عبدالله بن عبدالرحمن أخي الملك عبد العزيز يستفتيه فقال: (لم يكن رحمه الله يقول الشعر ولكن رُبَّما يجري على
لسانه الشَّطر أو البيت من الملحون فيردده ولا يتعمد الزيادة), ولم ينس الزركلي أن يُعَوِّل على الشيخ حمد الجاسر في كتابه (مدينة الرياض عبر أطوار
التأريخ) فيورد الأبيات التي ذكرها الجاسر منسوبة إلى الملك عبد العزيز وهي المعروفة بمطلع (ياهني الترف منسوع الجديله,,, الخ), كما لم ينس الزركلي
الإشارة إلى الشيخ حمد الحقيل في كتابه (عبد العزيز في التأريخ) وفيه (ياهني الترف) وأبيات لعبد العزيز يداعب فيها شلهوب بقوله (حسبي الله على شلهوب -
يوم سَيَّر على ربعه) وأخرى (حسبي الله على شلهوب والقصيبي وابن جبر) الخ,
ومن بعد الزركلي جاء المرحوم الأستاذ فهد المارك في كتابه (من شيم الملك عبد العزيز) فذكر أنه يحفظ أشعاراً منسوبة إلى الملك عبد العزيز عن رواة مجهولين
أو معروفين ولكن لايودون ذكر اسمائهم ولكنه في الاخير قابل صديقه الشاعر الأمير المرحوم محمد السديري فأمده بمجموعة من الآبيات من (شعر الحدا) ذكرها
ونقلتها عنه ومن بينها قوله (الغوج رديته بتال الخيل) وذكر غيرها مما لم أنقله وقال بأنها كلها مما أتحفه بها المرحوم الأمير السديري,
وقال في الثناء عليه في صدق تحقيقه لهذا الشعر بأنه ( السديري) إذا وجد القصيدة عند أحد الرواة لا يكتفي بأن ينقلها ويحتفظ بها على علاتها بل يحرص أن يعرف
الشاعر الذي قالها، ويؤكد السديري أن الكثير من قصائد عبد العزيز وجدها عند الراوي الشعبي رشيد العبيلان رئيس شرطة الحرم المكي سابقاً,
إلى هنا، وما دام الأمر في حدود (شعر الحدا) وهو في حدود البيت أو البيتين فما قاله الأمير عبدالله بن عبد الرحمن وما رويناه عن كل هؤلاء هو في حدود
،(البيت أو البيتين) وهذا مما هو معروف عند القدامى ب(الرجز) ووزنه سهل وغناؤه على ظهور الخيل فيما يشبه الارتجال، وهو شعر حربي فروسي تتطلبه ضرورات
المعارك، ولكن الأمر لا يقف عند هذا الحد بل يتجاوزه إلى قصة أخرى رواها المستشرق النمساوي المسلم محمد أسد في كتابه (الطريق إلى الإسلام) يقول محمد أسد
في معرض حديثه عن الجوهرة بنت ابن مساعد كيف كان فقدها بالنسبة إلى عبد العزيز مؤلماً فوق التصور ويروي عن عبد العزيز قوله: (كلما أظلمت الدنيا في عيني
ولم أتبين طريقي للخروج من المتاعب والأخطار التي تحيط بي، كنت أجلس وأنظم قصيدة للجوهرة، وعندما افرغ منها كنت اشعر أن الدنيا تتفتح لي فأعرف ما كان عليّ
ان افعل,) (راجع كتاب الطريق إلى الإسلام لمحمد اسد/ترجمة عفيف البعلبكي/ الطبعة التاسعة/ ص 167 وما بعدها) وانظر مقالة الاستاذ عبد الرحمن الرويشد في
،1419/6/4ه من جريدة (الرياض) وقد نقل عن نفس الكتاب ولكن فيما يبدو لي عن ترجمة اخرى ما ذكره عبد العزيز في هذا المعنى وقال بنصه (رأيت وجه زوجتي الجوهرة
ماثلاً أمام عيني، وبدأت افكر في بعض الأبيات التي يمكن ان اقولها لو كانت حينذاك إلى جانبي، ودون أن أشعر وجدتني مشغولاً بنظم قصيدة لها ناسيا بالكلية
أين كنت، (,,,) وحالما اصبحت القصيدة جاهزة في فكري كتبتها على الورقة ووضعتها في مظروف ختمته وناديت واحدا من سعاتي وأمرته قائلا: خذ اسرع ذلول وسلم هذا
المظروف إلى أم محمد) انتهى كلامه,
وأنا بدوري كلامي قد انتهى إلى أنني فصاعداً سأقول فيما أرويه من تلك الأشعار بأنها من إنشاده وليست من شعره، وسأقول: أنشد عبد العزيز، ولن أقول: قال عبد
العزيز، أو أقول تمثل قائلاً، أو تغنى قائلاً وعندي أن مرجعية صاحب السمو الملكي الأمير طلال بن عبد العزيز لا تقاس من حيث الأهمية والصدقية بأي مرجعية
أخرى؛ لأن الفارق كبير وشاسع وليس فيه مجال للموازنة (طالع كتاب من شيم الملك عبد العزيز لفهد المارك/ج3ص /103 الطبعة الاولى),،
،


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved