قطع قماش باهت
أحمد زين
خلال كوة صغيرة، اعلى باب حديد اسود، ثخين، بقضبان رفيعة وقصيرة، ثمة ذرات دقيقة فضية اخذت لائبة، خفيفا تعوم في الفراغ اذ كان يغيم، واذ تساقط فوق ملاسة
البلاطات فتنفلش متكاثرة يضج العساكر، تهوي قبضاتهم بقساوة على الحديد، هنيهة ويتقاطرون خروجا، تشدهم صلابة سلسلة طويلة تكحت كواحلهم لتنكأ حزوزا دقيقة
دامية ضلت لزمن تهمزهم بآلام مسننة او كلما ناشاها بعوض بقدمين ناحلين كرأس ابرة,
صناديق ثقيلة تتراص، تتراص، تحت نخس عصبي تنتهي برؤوس وارمة وتكشيرات متخابثة، في بطء راحت نحولة سواعدهم مفتولة تشيلها الى لصق حجرة عريضة تكدست في
انحائها حقائب ضخمة مبثوثة، تتبدى الاشياء داخلها، طالتها العثة، في زاوية منها اصطفت باهمال كراتين ذات احجام عديدة، آلات تسجيل، اجهزة كهربائية علتها
طبقة رقيقة من غبار لا يني يثاقل، باشرطة لاصقة مصفرة عليها اسماء شاحبة لاشخاص وبلاد مختلفة, بقسوة تطاير الاشياء الخفيفة فتصطفق بالاجدرة، تخر ساعات
نسائية رخيصة، أمشاط، قلادات، قطع قماش باهت، تسحقها غلاظة الجزم اذ توسع للصناديق, تهامى المطر شديدا، فوح ابخرة كثيفة وبليلة، مواسير طويلة رفيعة بفوهات
وسيعة ، تسرب المياه من الاسطحة في فيوض صغيرة، تسيل عمق مجرى مستطيل ينحدر باتجاه خفيض، ينتهي الى مربع اسمنتي غائر في الارض,
الفقاعات اللامعة شفيفة تسبح تتدانى فترتطم ببعضها، برغم انات التعب اذ تنهمر من نحافة اجساد تنكفىء ابدا عيونا صوب الارض يضوجون في الفضاء المطير، حيث
انكشفت السماء فوقهم مساحات زاهية، تفضها ابصارهم,
مبتلة اجسامهم، يفكون صدوراً لأشهر واسابيع طويلة لم يتسلل اليها نثيث ضوء يبدد ظلماتها طاردا وحشة المكان، كما لو ان ارواحهم انتشاء تحررت صاعدة الى
نداوة شائقة، شابثة بخيوط المطر مدلاة تتأرجح، تعضدها نظرات والعة اذ علقت بها وهي تعرج خفيفة عبر الابخرة الدفيئة حتى لم تعد تلمح,
صنعاء
إن كنت رجلا
محمد يحيى عجيم
خرجت بعد عشر سنوات من الزواج خرجت
وحق لها ذلك,
عشر سنوات قضتها مع ابن عمها,, الزوج الذي فرضته عليها الاسرتان,
عشر سنوات وهي لاهم لها الا هو فهو زوجها رب بيتها سيد القصر ، الآمر الناهي والله المستعان,
عمر ليس باليسير قضته تحت راية هذا الذي يقال له زوجها عمر بكل مافيه من اسرار الزوجية وآلام آدمية، عمر بما فيه من المآسي يعد دهرا واي دهر,
انها حرة بنت حر، ولكن سامح الله من كان السبب,
ولانها حرة بنت حر حاولت وجاهدت جهاد الضعفاء فكان جهادها يعتمد على شدة يأسها وقلة حيلتها ثم صمتها فانفجارها نحيبا مرا ودمعا ساخنا غاليا على كل ذي شرف
ومرءوة فكم من ليلة باتتها ينعكس على صفحة دمعتها ضوء المصباح الاصفر المحمر,, الناعس الواهن كم ليلة وكم من صباح مر عليها وصراخها المكتوم ونياحها
المخنوق وشكواها المصادرة الممسوخة هي ميقات اهل الحارة لقيامهم من سباتهم, كم تحملت وصبرت,
لقد بلعت من الاعذار ما ان لو ألقي باليم لمزجه فأي ديانة هؤلاء لايحلو لهم استرداد حقوقهم الا انصاف الليالي وفي بطون الاسحار؟
وأي فاعل خير هذا الذي يصر على ايصال الرسائل حتى لو عند مطلع الفجر,
اي كذب هذا واي غلمان هم الذين لايطيب لهم طلب العلم في دروس الموسيقى الا على الشطآن؟ ذلك سمعته بلعته,, ومثله كثير تغاضت عنه تحملته بل فرمته في مفرمة
النسيان الرهيبة لاكته حتى غدا مضغة فمجته عبست,, تضجرت أو مأت لمحت اسرت ثم جاهرت اعلنت بل صرحت في وجهه الف مرة,, ثم هدأت واخيرا سكتت,
اصبحت حتى لاتثق في مصدر كسبه,, وياذاك الكسب الوفير!! فراحت تعتمد على دخلها هي فهي مدرسة والله المعين,
عشر سنوات غدا للمر في حلقها ينبوع لاينضب,, حتى خامرها احساس غريب التبلد نعم تبلدت تجاه كل شعور,, فما عادت انثى وماعاد في نظرها رجل,,
لقد كانت قادرة على هجره دون خوف,, نعم هجره, ولكن الى اين؟ حتما الى الشارع فهو الحمق بعينه ان تستجير بأهلها منه,, فهم النار ان كان هو الرمضاء,, وابوها
بعد شيخ كبير, تكومت على نفسها وتداخلت في بعضها حتى لم تعد تنكر منه المنكر او تقر له بمعروف, يأتي مطلع الفجر او يخرج منتصف الليل,, يعود بعد يوم او بعد
ثلاثة ايام لايهم فهو يعرف طريق البيت وهي ان اراد فيه,
عشر سنوات وذلك كله يهون بل وهان بالفعل لكن ان ينسف الهرم من اساسه او يخر من البيت سقفه فاذاً لا امل في البناء تارة اخرى,, وهي كذلك,
ان يعتدي على آخر ما تملك ان تتطاول ايادي الاثم والعدوان وتمس قواعدها كانسانة اولا وثانيا كامرأة ذات شرف وزوجة ثالثا فلا لا والف لا,
ان تحرق مخازنها وتنهب ذخائرها,, ان تجر من فوق عرشها الانثوي وكأنها نعجة ان تسلب ثوب الستر الآدمي وتكشف للمارة وكأنها دجاجة معلقة فلا,
صبرت على مالايصبر عليه,,نعم,
تحملت وكتمت نعم ثم تبلدت ايضا نعم، ولكن في غير عزتها ودون القواعد والاسس المتينة من عرشها فذلك دونه ولا جرم الروح,
الا ان يقال عنها الكلام,,, الا ان تنعت بما لايقال الا ان يشار اليها ببنان الاتهام القذرة النتنة الا ان تلوك سمعتها الافواه العفنة، وتتجاذب اسمها
الالسن السمجة اي من ذلك لا,, لا والف لا حتى وان كان من اقرب الابعدين منها وعنها,
هي عشر سنوات كفت خيرها وشرها وابدا ليس لاحد عليها مثقال ذرة من الفضل,
الدنيا بأسرها لاتستطيع الوقوف في وجه الحرائق الحرائق الانسانية الحرائق التي يكون وقودها بقايا الكرامة وفتات الشرف,, الحرائق التي تتقد اول ما تتقد في
صدور الاحرار وعلى وجوه الحرائر,, هذه الحرائق لن تخمدها كلمة اعتذار او علبة سلفان ساذجة من اسذج,
انها الحرائق التي في الاعماق,, ولن تصل اليها الايادي قبل الدماء,, مثل هذه الحرائق هي التي جعلتها بعد عشر سنوات تترك بيت الزوجية,
خرجت
خرجت وكأنها الطوفان الكل يحب ان ينجو والطوفان من بعده الاهي خرجت وهي الطوفان والحريق هي والكون كله هي:
ومن يكون الكون كله وما قيمته اذا ما نبش عرش الزوجية المصان بمخلب ذئب او كلب بشري؟ الله يعز الكلاب,
الكون كله هباء في هباء اذا ما نظر الى دم حرة يسيل في شوارعه النتنة وكأنه مياه المجاري,
الكون كومة غباء اذا ما اهدر ولو مثقال ذرة من شرف امرأة ابية,
لاقيمة للحياة ولا للطوفان الآتي لاحقا ان لم تكن هي الحرة هي الطوفان ذاته هي الطوفان بكل صفاته وهي البعد البعد الذي يخلفه الطوفان,
بعد عشر سنوات قضتها في اصفاد الزوجية المقيتة,, خرجت فعلت ذلك وحق لها ان تفعل لانه ديس لها على طرف وكان الطرف هو شرفها,
أيقال عنها وبعد هذه العشرة ما لا يصح ان يقال حتى عن الاماء؟
اتتهم في اعز ماعندها,,؟ ايمزق سترها وهكذا جهارا ونهارا ؟؟ ويعرض لحمها غضا رخيصا؟ أيفعل بها كل هذا؟ ومن الذي فعل؟ ان العالم بأسره ابدا لايستطيع ان
يمس شعرة من شعر حرة,
يجبن العالم كله ولايقدم على العبث بتراب الاحرار,, اذا مازالوا احرارا,
الكون برمته يقدر ويجل بل ويهاب الاقتراب من عرين الاشاوس, ومع هذا يكون الغدر, والسفالة والنذالة؟؟ ومن من؟ من زوجها؟ ذلك الزول الذي يقول عن نفسه رجلا؟
الرجل الذي لم تعرفه الا ذكرا؟
عشر سنوات وهي لم تعرف منه ولم تجد فيه معنى للرجولة واين يكمن هذا المعنى ومع هذا صاغته كرجل قبلت به كرجل او كما هو الاصح ظل رجل ولا ظل جدر,
انه العالم السفلي النتن هو الذي انجب هذا النوع من الرجال
اي عار، أي وقاحة ورذالة ووضاعة هي التي اجتمعت وكونت عجينة هذا الرجل؟
اي ماء آسن عفن ضحل هو الذي يجري في عروقه؟
اي وجه مسيخ هو الذي يحمله؟ أتصل به رجولته ونخوته رتبة تخوله ان يراقب الهاتف؟ وهاتف من؟ هاتفها هي؟ هاتف البيت؟
اي شجاعة فيه واي وقار يجري في اوصاله أيراقب الهاتف ولم؟
أيهيم على وجهه كالبهيمة طوال الليل وينام جل النهار وفي اي مكان غير البيت وو,, وايضا يراقب الهاتف أيفعل ذلك ويغفل عما هو فيه؟؟
أيسامر الغلمان ويداعب السواقط أيبيع كل يوم حفنة من ماء وجهه لذا ولذاك حتى ينال من سقط المتاع ماينال هو وامثاله؟
انه لايخرج من التوقيف كل اسبوع والثاني الا بكفالة العمدة أيلبس ثوب الوحل ويقتات خبز الخزي ويشرب ماء الهوان كل يوم والثاني ثم يقول انه رجل؟
أيكون من امره كل هذا ثم لايجد متنفسا يعبر من خلاله عن وجوده كذكر او كرجل وانه مسؤول وله بيت وله في البيت شاة تطيع بعماء وصمم,, تأتي متى شاء وتغرب عن
وجهه متى رغب والا يكون هذا المتنفس الا بيته؟ الا ان يراقب الهاتف؟
ذلك امر دونه دماء حرة تفور وستفور,
ذلك دونه اهون الامور على الحرة ان تموت ولا يأتي ذلك اليوم,
كان كل ذلك منها على ام رأسي كالصواعق كالرعد يسبقه البرق والبريق من عينيها وانا صامت ولم اشعر بأني صامت علني كنت جامداً او لعلني تصلبت وكان يجب,ثم قلت
لها: والآن امرك انك تعلمين اني اعلم الناس بحالكم وتدرين مدى ألمي من ان ارى الامر يصل الى هذا الحد، ولكنك محقة كل الحق ولا لوم عليك ولا اخالك ترسلين
في طلبه هنا او هناك كما هي عادتك ومع ذلك فما عساني ان افعل لاجلك؟ ترتاحين انت وينال هو جزاءه وتبرأ ذمتي انا؟
قالت: لا عليك واني ماوجدتني في غنى عن تلطيفك للامر مثل الوهلة لذا ان وجدت اخاك هذا فسلمه فاتورة الهاتف للشهور الفائتة واخبره ان يسددها واختم قولك له
بقولي هذا: ان كنت رجلا,,
ان كنت رجلا فلا تريني وجهك الذي عهدت وابعث بورقتي,,, ان كنت رجلا,
الحرة


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved