والاقدام,
،- كفوا عن ذلك ايها الاولاد ايعقل ذلك,,, تتشاجرون؟
،- صاحت بهم السيدة وقد صدمها ما تمسرح امامها من فصل غير عادي - ستحرمون بسبب ذلك من كعكعة الزنجبيل هيا الى الزاوية وليرفع كل منكم احدى قدميه ووجهه الى
الحائط,!!،
،- لقد خطف من يدي رواية (روبنسون كروسو),! قال أحدهم مبررا غضبه,,
،- كاذب بل هو من قام بذلك,! رد آخر
،- أرأيت كيف يبدل الحقائق - لقد اخذها بدوره مني سيدتي,!،
احتج ثالث,,
وشرحت مسئولة الميتم الموضوع للكونتيسة فبينت لها انها ورغم الرقابة الصارمة فإن كثيرا من الاحداث المشابهة لذلك تقع بين آن وآخر أما السبب في ذلك فعائد
الى كلف الأطفال بالقراءة وعدم تمكن الدار من توفير كتب لهم,
واحست الكونتيسة بدفق حسي غريب ينداح في شرايينها ليغزو فؤادها,, شعور ما خالجها قبل ذلك قط,, وشغل التفكير في ذلك جل وقتها على انها جهدت في محاولة
النسيان الامر برمته وظل في طي النسيان حتى كانت مدعوة يوما الى بيت كبير المستشارين حيث يتطرق غالبا الى بعض القضايا الانسانية ذات الطابع الخيري فروت
ما حدث في ذلك الميتم من شجار وما قدمته مسئولة الدار تبعا لذلك من تبرير,
وكان كبير المستشارين يصغي باهتمام اليها حتى بلغت حيز التبرير فإذا بذات الدفق الحسي الغريب الذي غشاها يعانق افياء روحه ولأنه كان يتمتع بفكر غزير وقدرة
على التحليل بارعة فقد اقترح المبادرة الى موافاة دار الايتام تلك بمجموعة من الكتب,, تلك الليلة كان ضيفا على السيد (ز) وهذا الاخير من المهتمين بتقديم
الخدمات الانسانية الى محتاجيها وما ان عرض الامر عليه حتى لقي ترحيبا بفكرة امداد دار الايتام بعدد من الكتب:
،- ولا أسهل ,! قال السيد (ز) سأبادر من الغد بزيارة لصحيفة (الناقل) فأدرج إعلانا حول حاجة الملجأ الى كتب!،
وكان عند وعده ,, هرع السيد (ز) صبيحة الغد الى مكتب الجريدة ثملا بنشوة العمل التطوعي الخيري فرجاهم وضع إعلان عام بالتبرع لتلك الدار البائسة بما تجود
به اريحية فاعلي الخير من كتب، وكان وصوله في وقت مناسب اذ ان الجريدة كانت بحاجة الى ذلك الاعلان المتضمن سطورا تذكي العاطفة وتؤجج مشاعر القراء وجلس
المراسل الصحفي فامتشق قلما واستدنى ورقة دوّن عليها:
مجموعة اطفال في كنف الرعاية الاجتماعية يشكون من حاجة ملحة الى كتب,! انهم في عمر الزهور تذكروا لوعتهم وحرمانهم,, وتلك الارواح الظامئة الى سلسبيل
المعرفة! كتب ذلك ثم شرع يصفر في سعادة ورضى متخذا الى احد المقاهي طريقه,
بعد ذلك ببضعة ايام,, كنت في زيارة لتلك الجريدة مع صديقي مدرس الفيزياء حينما لمحت امام باب مكتب التحرير المغلق رجلا مهلهل الثياب متواضع الجال كانت
يداه في اتساخ ايدي منظفي المداخن والى جانبه بنية صغيرة هزيلة رثة الملابس، بين يديها لفافة كتب قديمة,
ورفع الرجل المهزول قبعته فأجاب عن سؤالي فيما يختص بغرض الزيارة,
لقد احضرنا سيدي تلك الكتب التي اعلنتم عن حاجة اولئك الاطفال المساكين ذوي الارواح الظمأى اليها,
وانحنت طفلته البائسة بقدر ما اتاحت لها الانيميا المعششة في ذرات دمائها فتناولت الكتب منها وناولتها بدورها صبي المكتب: ما اسمك سيدي؟ سألت فاعل الخير
،- لكن ما حاجتك الى معرفة ذلك سيدي؟ اجاب وسحب الحيرة والاحراج تخيم على صفحة وجهه البائس اليائس,
،- يتحتم ان ندرج اسم المتبرع,!،
،- ليس هذا بذي اهمية تذكر, ارجوك سيدي - لست سوى عامل بسيط في مصنع للقبعات - ليس ذلك ضروريا وذهب تتبعه ابنته الناحلة المسكينة,
ولست ادري لم خطرت لي فكرة ارسال البرقيات بطريقة جديدة,, قد يكون وجود صديقي مدرس الفيزياء هو ما ولّد ذلك الخاطر,, لاح الميتم ببالي كمحطة التلغراف
الرئيسية فيما بدا العامل في مصنع القبعات كمحطة الاستقبال وحالما يعطي الاول اشارة انتبه,! الثاني في الحال؟,,، يطلب احدهم فيلبي الآخر فأما نحن -
البقية اقصد - فأعمدة التلغراف,
تمت