كرست مجلة فصول عددها الأخير بكامله عن أدونيس، حيث قدمت العديد من الدراسات النقدية الهامة، التي حاولت مشاكسة الأفق الأدونيسي، واستجلاء وجوهه المتعددة،
أيضاً احتوى العدد على شهادات إبداعية ونقدية نافذة كتبها أبرز شعراء فرنسا,
وأدونيس يعد ظاهرة نقدية نادرة، من حيث تعدد اشتغالاته واهتماماته، نقدياً وفكرياً وشعرياً وفيها كلها يثير دائماً الجدل والنقاش، وقد مثل شعره، ولا يزال،
غواية تستدرج الشعراء في مختلف الأجيال، فالشعر الأدونيسي يضع نفسه موضع المساءلة بالقدر الذي يضع أفكار القارىء الموضع نفسه، دافعاً قراءه الى مساءلة كل
شيء، كما لو كانوا يبدأون من جديد سفر النشأة والتكوين، وذلك في عالم من صيرورة الابداع الذي لا يكتسب اليقين فيه الا حق السؤال والمدى الذي يتولد منه وبه
وفيه السؤال الى ما لا نهاية (جابر عصفور),،
هنا ننشر شيئاً مما قله بعض الشعراء والنقاد في كل من العربية والفرنسية,
في بيت الشعر
قصائد أدونيس تنطوي على مضمون على معنى يمكن التعبير عنه نثراً، وأن هذا المعنى يهمني ويدخل في إطار اهتماماتي، وأنني أستطيع الى حد ما، درس القصائد
وتحليلها، وسأتطرق اليها ضمن مجال تخصصي, أي أنني لن اعالج هنا ا لفن الشعري عند أدونيس، بل سأتناول موقفه وأنظر اليه بوصفه صاحب أفكار وعواطف وتوجهات
ومفهومات ,
يمثل أدونيس في الشرق العربي موقعاً مميزاً وجريئاً فهو بالطبع ينشد بنبرته الخاصة الموضوعات الأبدية للشعر: الحب، الطبيعة ، الوحدة,, الخ، لكنه بمؤازرة
هذه الموضوعات وأحياناً من خلالها يتطرق ايضاً وبإسهاب الىمشكلات الشعب العربي، خصوصاً في منطقة الشرق الأوسط,
أقدر جرأة أدونيس النادرة بما هي جرأة عامة فهي تصمدأمام العواصف الانفعالية التي تسيطر في لحظة معينة داخل مجتمع معين، كما أنني أقدر بشكل خاص جرأته في
مواجهة الموجة القومية، من جهتي فعلت ذلك ايضاً، وأعرف ماتكون النتيجة والثمن، لكن هذه الجرأة تبدو لي كبيرة في الشرق الأوسط حيث اكتسبت، في المرحلة
الأخيرة كلمات مثل الوطن والقومية هالة مقدسة,
مكسيم ردونسون
أدونيس على كل الجبهات
أدونيس، علي احمد سعيد أسير، هو أكثر الشعراء العرب شهرة، وتمنحنا سيرة أدونيس الشخصية، واختياره اسمه المستعار والتنوع الكبير لمصادر روحيه، برهاناً اذا
كان ثمة حاجة الى براهين على عالمية مشاعره وفكره العميق,, لا يميل أدونيس دائماً الى الرثاء, يشك ويغضب، وفي شكه وغضبه هو الشاهد على ما يفصل الشمال عن
الجنوب، الشرق عن الغرب يريد حين يدفعه صفاؤه ان يقف عند ملتقى الحضارات، ولأن جذوره الروحية معقدة، فهو لا يستطيع أن ينسى الثقافات المتناقضة التي يتألف
منها كيانه،ويفرض عليه انتماؤه الخاص استيعاب الانتماءات الأخرى كلها، ويواجه الالتزام العادي والمألوف بالتزام من يعتنق النزعة الانسانية، ذاك المطارد
والمنتصر في آن,
آلان بوسكيه
شرق الشعر
كبير هو أدونيس،مثل كل شاعر كبير، بقدر ما هو رافض، ويكمن الرفض وراء قوة الابتكار في لغته وأهمية أفكاره, بالنسبة الى الشعر العربي، بل بالنسبة الى الشعر
بصورة عامة، ما إن يكون الشعر قوياً حتى يصبح، مجازاً، زمن كلامه نفسه، يصبح الشعر كله, ان قوة ادونيس في الشعر العربي الراهن يمكن ان تتمثل في موقع الرفض
الذي ينطوي عليه نتاجه موضوعاً ومبدأ شعرياً,
هنري ميشونيك
ما بعد الأدونيسية (شهوة الأصل)،
ماذا يبقى من أدونيس بعد أربعة عقود من الكر والكر والكر,,؟! وما جدوى التحديث إذا ما رفض المجتمع وعامة الناس هذا المشروع واقتصرت الحداثة على نخبوية
اصطناعية,,؟! هذان سؤالان لا يمكن أن يغيبا عن قارىء أدونيس، كما أنه لا يمكن الاستغناء عنهما أو تجاهلهما اذا ما اردنا فهم أو تفسير تحولات أدونيس
وحالات الفر من كراته المتتابعة، ويبدو أن أدونيس على وعي بهذين السؤالين كليهما،وليس من الصعب استراق النظر اليهما من تحت جلدة الكلام, وهذا يدخل في
اطار القراءات الممكنة لمجمل اعمال ادونيس،وهي قراءات ليست متعددة، خمس، ولكنها ايضاً متضاربة وقد تكون متناقضة، وأن اية قراءة لأدونيس سلبية كانت أو
ايجابية لهي شيء ممكن من جهة،وقابلة للنقض بقراءة أخرى معاكسة من جهة أخرى، ولهذا نلاحظ أن كل الذين كتبوا عن أدونيس كانوا على حق، ولكل منهم براهينه
المستمدة من كلام أدونيس المعلن والمنشور,
عبدالله الغذامي
أدونيس ومغامرة الكتاب
رياح وعواصف تحرك اعماقي وأنا أرى (الكتاب) يصدر في جزئه الأول، بعد أن اطلعني أدونيس، من قبل، على مخطوطة الجزءين, تاريخ كتابة شعرية كله يتقد،مسارات
نظرية وفكرية، صراعات، باختصار، زمن ثقافي شعري برمته يشع من أمكنة متداخلة لا أكاد أميز بينها لشدة اندفاع الصور والحالات على تهجم النصوص التي شكلت
مغامرة معزولة في زمن يستبد به اللغو وينتصر فيه تنظيرات وقراءات أعوداليها، كما لو كنت اعثر على ذاكرة شوهتها عقلية سريعة النكران,
هو ذا (الكتاب) يستنفر الكتابة ويلقي بزمنها الى العراء الذي توهم افتقاده من شاء من المتوهمين, دكنة خفيفة تستريح على كتفي، كيف يمكن لعنوان وحده أن يملك
قوة بركانية تخترق، من الأسافل إلى الأعالي، مدارات تمازجت، حتى لا حدود لها,
محمد بنيس
الصوت المتجول لأدونيس
الشجرة ، الغبار ، الهواء ، هذه الكلمات وكلمات أخرى مثل الجرح ، الأطلال ، الطريق ، التجوال ، الجنون ، قد نتصور أننا نعرفها، ولكن يكفي أن يأتي شاعر من
بعيد، من لغة اخرى، من ثقافة مختلفة، حتى تتحدد معاني هذه الكلمات لدينا,
بصفة منتظمة، تضعنا تلك الأصوات الغريبة القادمة من بعيد، موضع اتهام انها لضرورة ان يحدث ذلك لنا حتى نكسر كل اشكال الانغلاق التي نريد ان نجد فيها
ملاذاً يمكن لنا اليوم، أكثر من أي وقت آخر، هنا كما في أي مكان آخر، أن نرمي عما نعتقده في أنفسنا, نحن نترجم,, نترجم اكثر فأكثر، ولكن الأعمل التي تشكل
انقلاباً فعلياً تتطلب جيلاً على الأقل لقياس مدى ما تشكله من صدمة, هذه الترجمات تظل قليلة العدد، انها ترجمات لأعمال مثل أعمال اوكتافيوباز في الستينات
أو اعمال أدونيس، (أغاني مهيار الدمشقي) على سبيل المثال منذ أحد عشر عاماً,
بيير دينو
قراءة أدونيس
يعمل أدونيس في خط جبهوي أمامي معزول، خط يبتكر معاييره التي يجب أن تستوعب انجازاته من خلالها، وهذا صحيح في السياق الغربي أكثر منه في اللغة العربية،
لأنه شعره ينبعث من التخصيب المتقاطع لثقافتين رئيسيتين هما العربية والأوروبية: انه شيء يلفت الانتباه، أدب كوكبي جديد يتطلب تعاطفاً ومقدرة نبيهة وعملاً
جاداً، ولا أعني هنا ببساطة الأدب الذي يأخذ كوكب الأرض موضوعاً له ليناقش مسألة البيئة مثلاً أو تهديد الاسلحة النووية, أعني هنا الأدب الذي ولد من
التوترات الملموسة للتاريخ الحديث ولتفسيراته كما بدأت شعوب الأرض تعيشها في إطار من المعاناة والظلم وفي الجماعات التي لا تعيش حالة من الرخاء,
دنيس لي