الطريق إلى الجنة
محمد الجبر الرشيد
مامن مسلم يؤمن بالله وباليوم الآخر ويؤمن ان الموت حق والجنة حق والنار حق وان الله يبعث من في القبور الا ويتمنى ويرجو دخول الجنة، والله سبحانه وتعالى
عندما اوجدنا في هذه الحياة، وفرض علينا فيها الموت، بين لنا سبب هذا الوجود وغايته، والدليل على ذلك قوله تعالى (وما خلقت الجن والانس الا ليعبدون)،،
وجعل الايمان بالله والايمان بالجنة من الغيبيات وجعل ثمن هذا الايمان بالغيب مع العمل الصالح دخول الجنة، والنجاة من النار يقول تعالى: (ان الذين آمنوا
وعملوا الصالحات كانت لهم جنات الفردوس نزلا) وتلك لعمري جزاء يستحق ان يعمل له الانسان بكل ما اوتي من قوة ومن عظيم فضله وواسع رحمته بأمة محمد صلى الله
عليه وسلم بأن جعل لهم الصلاة طريقا مضمونا لدخول الجنة فما دام الامر كذلك فمن الحكمة ان ندرك ونفهم هذه الفريضة ونعض عليها بالنواجذ،
ومن الغباء، والجهل، وقصر النظر، اذا كنا نريد الوصول الى هذه الغاية التي ما بعدها غاية، ولا اعظم منها منزلة، تتطلع اليها طموحات المؤمنين الا نحرص على
فهمها والقيام بها والحصول على مردودها، من اجل ذلك لابد لنا من فهم وادراك ثلاثة امور:
كيف فرضت الصلاة، ما هو القيام بها على الوجه المطلوب، ما هو المردود نتيجة لذلك، ولتفصيل هذه الامور الثلاثة: نقول:
،1- كيف فرضت الصلاة:
ان الصلاة رأس الاسلام وعموده، وهي الصلة بين العبد وربه وهي آية محبة العبد لربه، وهي اجمل منحة تفضل بها المولى سبحانه على رسوله وخاتم انبيائه محمد صلى
الله عليه وسلم ليلة المعراج، ليلة الوصل العظيم بين الخالق جل جلاله وبين نبيه الكريم، وصفوة خلقه محمد صلى الله عليه وسلم، عند سدرة المنتهى، فوق سبع
سموات طباقا في هذا المكان العالي فرض الله سبحانه وتعالى الصلاة، وكانت خمسين صلاة في اليوم والليلة، وهي العبادة الوحيدة، التي فرضت في تلك الرحاب
الطاهرة ليلة الاسراء والمعراج، اذ يقول سبحانه عن نفسه: (سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام الى المسجد الاقصى الذي باركنا حوله لنريه من آيتنا
إنه هو السميع البصير)، ومن لطفه وواسع رحمته بأمة محمد صلى الله عليه وسلم جعلها خمس صلوات بدلا من خمسين صلاة وابقى الاجر كما لو كانت خمسين وهي العبادة
الوحيدة ايضا التي لا يعذر المسلم من ادائها بأي حال من الاحوال، حتى لو اقتضى الامر باشارة يده، او رمشة عين، لعظيم شأنها عند الله سبحانه، وعظيم اجرها
للمسلم،
بعد ان حاولنا بجهد متواضع كيف فرضت الصلاة وفي اي مكان، وعن اهميتها نسمع قوله تعالى: (ان الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا) ويقول تعالى: (استعينوا
بالصبر والصلاة انها لكبيرة الا على الخاشعين) ويقول سبحانه مخاطبا رسوله صلى الله عليه وسلم: (قل لعبادي الذين آمنوا يقيموا الصلاة)ويقول:(ان الصلاة تنهى
عن الفحشاء والمنكر،،) ويقول تعالى (في بيوت اذن الله ان ترفع ويذكر فيها اسمه يسبح له فيها بالغدو والآصال رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله
واقام الصلاة وايتاء الزكاة يخافون يوما تتقلب فيه القلوب والابصار ليجزيهم الله احسن ما عملوا ويزيدهم من فضله والله يرزق من يشاء بغير حساب)،،
والاحاديث والآيات كثيرة ونكتفي بذلك،
،2- كيفية القيام بها على الوجه المطلوب:
تبدأ الصلاة عند سماع النداء الخاص بهذه الفريضة المقدسة وعلى المسلم ان يردد ما يقوله المؤذن ثم يقول بعد ذلك (اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة
القائمة آت محمدا الوسيلة والفضيلة وابعثه مقاما محمودا الذي وعدته انك لا تخلف الميعاد)،،
ثم يتطهر امتثالا لقوله تعالى: (يا ايها الذين آمنوا اذا قمتم الى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وايديكم الى المرافق وامسحوا برؤوسكم وارجلكم الى الكعبين)،،
ويقول صلى الله عليه وسلم: (لا تقبل صلاة بغير طهور) ومن كمال الوضوء النظافة والسواك و ما يقوم مقامه،وكذلك نظافة الملبس وشيء من الطيب اذا امكن اخذا
بقوله تعالى: (خذوا زينتكم عند كل مسجد)،،
واذا انهى الوضوء يقول: غفرانك، غفرانك، اشهد ان لا اله الا الله،وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله، اللهم اجعلني من التوابين واجعلني من
المتطهرين) ثم يتجه الى بيت من بيوت الله - لان الصلاة المكتوبة لا تجوز الا في المسجد ومع جماعة الا اذا كان هناك عذر وعند دخول المسجد يقول: (اللهم
اغفر لي ذنوبي وافتح لي ابواب رحمتك)ويحرص على تكبيرة الاحرام مستعدا للصلاة متهيئا لشرف الوقوف مع الله بقلب حاضر، ونفس مشتاقة الى مناجات ربها، قائلا:
الله اكبر، ناظرا ببصره الى محل سجوده وذلك ادعى للتأدب والخشية، رافعا يديه الى حذو منكبيه ويضع يديه على صدره واليمنى على كفه اليسرى ويقرأ دعاء
الاستفتاح والادعية كثيرة، منها (سبحانك اللهم وبحمدك وتبارك اسمك وتعالى جدك ولا اله غيرك) ثم يقول: اعوذ بالله من الشيطان الرجيم بسم الله الرحمن
الرحيم، ويقرأ سورة الفاتحة لقوله صلى الله عليه وسلم: (لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب) وكم اتمنى لو استشعرنا اهمية هذه السورة المباركة وفهمنا
معانيها لكي نتصور ما يدور بين العبد وربه في هذه الصلاة من حمد وتمجيد ودعاء من العبد، واستجابة من الرب جل جلاله يقول تعالى: (قسمت الصلاة بيني وبين
عبدي نصفين، ولعبدي ما سأل) يقول العبد: الحمد لله رب العالمين، يقول الله: حمدني عبدي، ويقول العبد: الرحمن الرحيم، ويقول الله: أثنى عليّ عبدي، يقول
العبد: إياك نعبد وإياك نستعين، يقول الله: هذا بيني وبين عبدي، ولعبدي ما سأل، يقول العبد: إهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب
عليهم ولا الضالين، يقول الله (هذا لعبدي ولعبدي ما سأل)،،
لو نستشعر هذا الحوار القدسي، وتلك المناجاة بين الخالق العظيم وبين المخلوق الضعيف عن طريق هذه العبادة، لاصبح امرها - بالنسبة الينا - عظيما، وشأنها
كبيرا، ومحبتها اكبر، والحرص على ادائها على الوجه المطلوب، اهم، واعظم، ما يقوم به، العبد ويحرص عليه، ومن ثم تقوده الى الشكر لله سبحانه وتعالى على هذا
الفضل العظيم والشوق الى لقائه،
ثم يقرأ ما تيسر من القرآن، ويركع مكبرا رافعا يديه الى حذو منكبيه ويطمئن في ركوعه ويقول ( سبحان ربي العظيم) ويكررها ثلاثا أو اكثر ويستحب ان يقول بعد
ذلك (سبحانك اللهم بحمدك اللهم اغفر لي) ثم يرفع رأسه من الركوع رافعا يديه الى حذو منكبيه قائلا: (سمع الله لمن حمده) ان كان اماما او منفردا ويقول حال
قيامه (ربنا ولك الحمد حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه ملء السموات وملء الارض وملء ما بينهما وملء ما شئت من شيء بعد)، وله ان يزيد ما نصه (اهل الثناء والمجد
احق ما قال العبد وكلنا لك عبد، اللهم لا مانع لما اعطيت ولا معطي لما منعت ولا ينفع ذا الجد منك الجد) اما ان كان مأموما فانه يقول عند الرفع: ربنا ولك
الحمد الى آخر ما تقدم ثم يسجد مكبرا واضعا ركبتيه قبل يديه اذا تيسر ذلك ويكون على اعضائه السبعة، الجبهة مع الانف واليدين والركبتين وبطون اصابع الرجلين
ويقول: (سبحان ربي الاعلى) ويكرر ذلك ثلاثا أو أكثر ويستحب ان يقول مع ذلك (سبحانك اللهم وبحمدك اللهم اغفر لي) ويكثر من الدعاء لقول النبي صلى الله عليه
وسلم: (اماالركوع فعظموا فيه الرب، واما السجود فاجتهدوا في الدعاء فقمن اي حري - ان يستجاب لكم) وقوله صلى الله عليه وسلم: (اقرب مايكون العبد من ربه وهو
ساجد فاكثروا من الدعاء)،،
ثم يرفع مكبرا ويضع يديه على فخذيه وركبتيه يقول: رب اغفر لي ولوالدي وارحمني وارزقني وعافني واجبرني ويطمئن في هذا الجلوس ثم يفعل كما فعل في الركعة
الاولى حتى جلوس التشهد الاخير وهنا لابد من وقفة لعلي بها اشد انتباه القارىء حتى نتصور معا المشهد الرهيب لكي ندرك عظمة المخاطَب جل جلاله بما سنقوله
وضعف العبد المخاطِب وهو جالس بين يدي الحي القيوم يرفع اليه بكل تواضع قوله: (التحيات لله والصلوات والطيبات) بكل خشية وذل، ورجاء، وشكر، وتقديس للخالق
عز شأنه الذي اوجدنا من العدم وفضلنا على كثير ممن خلق، وهدانا لنعمة الاسلام وتفضل علينا سبحانه بهذا الشرف الكبير نعبده بهذه التحايا، تسع مرات - في
اليوم والليلة - ما عدا النوافل - ثم ننتقل بعد هذا الشرف الى مكرمة ثانية حيث نقول، السلام عليك ايها النبي ورحمة الله وبركاته تقديرا ومحبة لنبينا صلى
الله عليه وسلم،
يقول تعالى:
مخاطبا امة محمد صلى الله عليه وسلم: (لقد جاءكم رسول من انفسكم، عزيز عليه ما عندتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم) ثم ننتقل الى المكرمة الثالثة ونقول:
السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، ثم نختم هذا اللقاء القدسي بين يدي الرحمن الرحيم، باعلان كلمة التوحيد مقرين بها بقولنا: اشهد ان لا اله الا الله
وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله مصلين على النبي وآله، اللهم صلِ على محمد وعلى ال محمد كما صليت على ابراهيم وال ابراهيم وبارك على محمد
وعلىال محمد كما باركت على ابراهيم وال ابراهيم انك حميد مجيد، ثم نقول اللهم اني اعوذ بك من عذاب جهنم ومن عذاب القبر ومن فتنة المحيا والممات، ومن فتنة
المسيح الدجال، ثم نسلم على يميننا وشمالنا ونقول: (السلام ورحمة الله وبركاته) وبعد ذلك نستغفر الله ثلاثا ثم نقول: اللهم انت السلام ومنك السلام تباركت
ياذا الجلال والاكرام ثم نقول: لا اله الا الله وحده لاشريك له، له الملك وله الحمدوهو على كل شيء قدير ويستحسن تكرارها عشر مرات بعد صلاة الصبح وبعد صلاة
المغرب،
اللهم لا مانع لما اعطيت ولا معطي لما منعت ولاينفع ذاالجد منك الجد، لا حول ولا قوة الا بالله لا اله الا الله ولانعبد الا اياه له النعمة وله الفضل وله
الثناء الحسن، لا اله الا الله مخلصين له الدين ولو كره الكافرون)، ونسبح الله ثلاثا وثلاثين ونحمده ثلاثا وثلاثين، ونكبره ثلاثا وثلاثين، ونقول تمام
المائة لا اله الا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، ثم نقرأ آية الكرسي وقل هو الله احد، وقل اعوذ برب الفلق، وقل اعوذ برب
الناس بعد كل صلاة ويستحب تكرار هذه السور الثلاث ثلاث مرات بعد صلاة الفجر، وصلاة المغرب، ويشرع لكل مسلم ان يصلي قبل الظهر اربع ركعات، وبعدها ركعتين،
وبعد المغرب ركعتين وبعد العشاء ركعتين، وقبل صلاة الفجر ركعتين، المجموع اثنتا عشرة ركعة وهذه الركعات تسمى الرواتب مع المحافظة على صلاة الوتر قبل النوم،
،3- ما هو المردود نتيجة لذلك:
قلنا فيما اسلفنا ان الصلاة تبدأ عند سماع الاذان ونقول الان: ان الاجر او المردود يبدأ من سماع الاذان حتىنهاية الصلاة والعودة الى المنزل، فاذا قال
المسلم بعد الاذان: اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة آت محمدا الوسيلة والفضيلة وابعثه مقاما محمودا الذي وعدته) يقول الرسول صلى الله عليه
وسلم: (حلت له شفاعتي يوم القيامة) ومن قال بعد الوضوء غفرانك غفرانك اشهد ان لااله الا الله وحده لاشريك له، واشهد ان محمدا عبده ورسوله، اللهم اجعلني من
التوابين واجعلني من المتطهرين) (فتحت له ابواب الجنة الثمانية) واذا مشى الى المسجد كانت خطواته احداها تحط خطيئة والاخرى ترفع درجة) ويقول الرسول صلى
الله عليه وسلم: (من غدا الى المسجداو راح اعد الله له في الجنة نزلا كلما غدا او راح)، واذا دخل المسجد وقال: (اللهم اغفر لي ذنوبي وافتح لي ابواب رحمتك) ،
فتحت له ابواب السماء، واذا تم التسبيح والحمد والتكبير، غفرت ذنوبه ولو كانت مثل زبد البحر، ومن قرأ آية الكرسي بعد كل فريضة، ليس بينه وبين الجنة الا ان
يموت)،،
يقول الرسول صلى الله عليه وسلم (من صلى البردين دخل الجنة)،،
البردين صلاة الصبح وصلاة العصر - ويقول صلى الله عليه وسلم؛ (من السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل الا ظله: رجل قلبه معلق بالمساجد، اي محافظا
على الصلوات ويقول صلى الله عليه وسلم: (خمس صلوات كتبهن الله على العباد فمن جاء بهن لم يضيع منهن شيئا استخفافا بحقهن كان له عند الله عهد ان يدخله
الجنة ومن لم يأت بهن فليس له عند الله عهد، ان شاء عذبه وان شاء ادخله الجنة)،،
نظر رسول الله صلى الله عليه وسلم، الى القمر ليلة البدر فقال: (انكم سترون ربكم كماترون هذا القمر لا تضامون في رؤيته فان استطعتم ان لا تغلبوا على
الصلاة قبل طلوع الشمس، وقبل غروبها فافعلوا)، (يعني صلاة الفجر وصلاة المغرب) والاحاديث والآيات في هذا الباب كثيرة ونكتفي بهذا القدر،
بعد هذا الجهد المتواضع الذي بينا فيه من الآيات والاحاديث - على ان الصلاة هي الطريق الى الجنة، ارى لزاما على ان اذكر بعض الآيات الكريمة التي وصف بها
المولى سبحانه هذه الجنة لكي يزداد شوقنا وتطلعاتنا اليها،
يروي في الاثر ان الله سبحانه وتعالى عندما خلق الجنة بيده الكريمة واتمها كما يريد قال لها تكلمي قالت: (قد افلح المؤمنون)،ويقول تعالى: (ان المتقين في
جنات وعيون، ادخلوها بسلام آمنين، ونزعنا ما في صدورهم من غل اخوانا على سرر متقابلين، لا يمسهم فيها نصب وما هم منها بمخرجين) ويقول تعالى (جنات عدن
يدخلونها يحلون فيها من اساور من ذهب ولؤلؤا ولباسهم فيها حرير، وقالوا الحمد لله الذي اذهب عنا الحزن ان ربنا لغفور شكور، الذي احلنا دار المقامة من فضله
لا يمسنا فيها نصب ولا يمسنا فيها لغوب)،،
ويقول تعالى (في جنات النعيم على سرر متقابلين، يطاف عليهم بكأس من معين، بيضاء لذة للشاربين، لا فيها غول ولا هم عنها ينزفون، وعندهم قاصرات الطرف عين
كأنهن بيض مكنون) وفي الحديث القدسي يقول تعالى: (فيها ما لا عين رأت ولا اذن سمعت ولا خطر على قلب بشر) الله اكبر،، جمل يصف بهن الخالق ما خلق في هذه
الجنة، ومااعده سبحانه لعباده المؤمنين وصفا غاية في الاعجاز تعطلت بموجبه لغة الكلام، فالبصر يرجع خاسئا وهو حسير، والاذن فيها وقر، والخيال على رحابة
آفاقه يقف مشلول الحراك، امام هذا الوصف المعجز لان العين مهما رأت والاذن مهما سمعت والخيال مهما تناثرت ابعاده، اعجز وأضأل من ان يرقى الى مستوى هذا
الوصف البليغ المعجز فكل ما نملك قوله: انه نعيم تجاوز ما اعطينا من ملكات،
يروى عن ابن عباس رضي الله عنهما قوله: ليس في الجنة من دنياكم الا الاسماء،
بعد ان علمنا من الايات والاحاديث القدسية عن نعيم الجنة وما فيها مما تشتهيه الانفس وتقر به الاعين ما هو الا تقريب لادراكنا الواهي، اما واقع الحال اكبر
واعظم من ان يخطر على البال فاذا كان ذلك كذلك، كيف بنا اذا تحدثنا عن شيء اعظم واجمل من الجنة وما فيها؟
انه لقاء الحي القيوم، ورؤيته بالعين؟
يقول تعالى: (وجوه يومئذ ناضرة الى ربها ناظرة) يقول ابن كثير في تفسير هذه الاية ان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (اذا دخل اهل الجنة الجنة - قال -
يقول تعالى: تريدون شيئا ازيدكم؟ فيقولون: ألم تبيض وجوهنا، الم تدخلنا الجنة وتنجينا من النار قال: فيكشف الحجاب، فمااعطوا شيئا احب اليهم من النظر الى
ربهم وهي الزيادة ثم تلا هذه الآية (للذين احسنوا الحسنى وزيادة) ويقول القرطبي في تفسير هذه الآية: الاول من النضرة التي هي الحسن والنعمة، والثاني من
النظر اي وجوه المؤمنين، مشرقة حسنة ناعمة، يقال: نضرهم الله وينضرهم نضرة ونضارة وهو الاشراق والعيش والغنى (الى ربها)، الى خالقها ومالكها (ناظرة) اي
تنظر الى ربها وابن عمر يقول: اكرم اهل الجنة على الله من ينظر الى وجهه تعالى غدوة وعشية ثم تلا الآية (وجوه يومئذ ناضرة الى ربها ناظرة) وكان الحسن
يقول: نضرت وجوههم ونظروا الىر بهم،
وعن صهيب قال: (فيكشف الحجاب فينظرون اليه فوالله ما اعطاهم الله شيئا احب اليهم من النظر ولا اقر لاعينهم،
بعد ان ادركنا ان الصلاة هي الطريق الى هذا النعيم العظيم والى هذااللقاء الاعظم، وان هذا الفضل من الخالق سبحانه قطعي الدلالة، قطعي الثبوت وانه لا يزول
ولا يتغير ابد الابدين لقوله تعالى: (لا يذوقون فيها الموت الا الموتة الاولى، ووقاهم عذاب الجحيم فضلا من ربك ذلك هو الفوز العظيم)،،
الله اكبر، الخالق جل جلاله يقول لنبيه صلى الله عليه وسلم: فضلا من ربك ذلك هو الفوز العظيم،
وقد استشهد شيخ الاسلام ابن تيمية بصدر سورة (المؤمنون) من قوله تعالى (قد افلح المؤمنون) الى قوله (اولئك هو الوارثون الذين يرثون الفردوس هم فيها
خالدون)، تبين لنا بوضوح ويقين - ان الصلاة طريق الى الجنة والى جانب هذا، ينبغي ان نعلم - كذلك - ان الصلاة طريق الى السعادة والاستقامة الخلقية والفلاح
السلوكي والتماسك النفسي والتوازن الروحي في هذه الحياة الدنيا فتشريعات الاسلام هي لصلاح الدنيا والآخرة معا فالصلاة كما انها طريق الى الجنة، فانها شرعت
لحكمة حياتية،
ومن هذه الحكمة: ان الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر: (واقم الصلاة ان الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر،،،) وان الصلاة معين على مواجهة مصاعب الحياة:
،(واستعينوا بالصبر والصلاة،،) وانها واقية وشافية من امراض نفسية عديدة كالهلع، والجزع والبخل: (ان الانسان خلق هلوعا، اذامسه الشر جزوعا، واذا مسه الخير
منوعا الا المصلين،،) الآيات،
لا اجد ما اختم به الموضوع الا قولي: الا يستحق هذا الفضل منا الشكر والعرفان، والحب، كل الحب لهذا الخالق العظيم، ومن ثم المحافظة على هذه الصلاة التي هي
طريقناالى الجنة ونعيمها الدائم الذي لا يزول، جعلني الله واياكم وعموم المسلمين من اهلها،


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved