في هذه الرواية التي صدرت ترجمتها الانجليزية عن دار نشر رهاركورت بريس في نيويورك يوضع ولد صغير اسمه ايساكو في موضع عائل الأسرة الوحيد عندما يغادر
والده موطنه، وتساعد المسئوليات المادية والعاطفية المرتبطة بموقفه الجديد في تحويله الى رجال، ليس لأنه قد كافح الكفاح الطيب وفاز فيه، بل ان نجاحه في
اطار الرواية يعود الى اعتناقه للقيم الآسيوية التي تحث على الخضوع والسلوك المتزن في وجه الشدائد،
ويعيش ايساكو في قرية صيد صغيرة في اليابان التي لم تشهد ذلك التطور التكنولوجي والنمو الاقتصادي الضخم ويكون في التاسعة عندما يؤجر أبوه نفسه لمدة ثلاث
سنوات لكي يأتي بنقود للأسرة، وقبل ان يغادر ابوه يعطيه أمراً واحداً: لا تدع الأولاد يموتون جوعاً وأنا غائب ، وتهديد الجوع هو تهديد قوي في القرية،
فالصيد ضئيل والمحصول الزراعي على سلسلة الجبال التي تحيط بالقرية لا يذكر، وقد اشترت امه بأجرة أبيه بعض الحبوب ولكن ايساكو الصغير يعرف ان ذلك لن يكون
كافيا فيأخذ قارب ابيه ويخرج الى عرض البحر ويقضي اليوم وهو يصارع الأمواج والعواصف ثم يعود بالرزق الزهيد، وشعر بالألم لعجزه ويؤرقه خوفه من أن يخذل
اباه والأسرة،
ويتقلب الفتى بين مشاعر الأمل العريض واليأس القاتل فإذا صادفته فترة من الصيد الرديء يتخيل موت أخيه أو اخته وتنتابه الهواجس المخيفة اما اذا كان الصيد
وفيراً فيبدو المستقبل مشرقا ويرى نفسه وهو يتزوج من احدى فتيات القرية، ولكنه ينزعج من انها ربما يكون عليها أن تؤجر نفسها هي الأخرى لانقاذ اسرتها مثل
ابيه ولا يبقى معها طويلاً،
والشتار على وجه خاص بالغ القسوة فالصيد يتضاءل الى حد كبير والطفل الذي يصيبه المرض ربما لا يستمر حياً حتى الربيع والعواصف العنيفة غالباً ما تأتي في
الشتاء وهو الموسم الذي يعمد فيه أهل القرية الى انتاج الملح الذي سيحتاجونه للعام القادم فتسحب الغلايات الضخمة الى الشاطىء وتوقد النار اسفلها باستمرار،
وفي العام الأول الذي يغادر فيه ابو ايساكو القرية يدعوه كبيرها الى أن يأخذ دوره على الغلاية مما يعتبر تكريماً كبيراً يضعه في مصاف الكبار، ويكتشف
ايساكو من أحد اصدقائه سر اشعال النيران باستمرار في الليالي العاصفة فقط ففي اجواء الشتاء المضطربة قد تتجه السفينة الى النار ظناً منها انها مرفأ آمن،
وعندما تقترب من الشاطىء تحملها الرياح الى داخل خليج الصخور مما يسهل على القرويين نهبها،
وآخر سفينة نهبتها القرية كان منذ ست سنوات ومنذذلك الحين والقرويون يعيشون على أمل أن ينهبوا سفينة أخرى،
وتموت احدى اخوات ايساكو قبل شهور من سقوط احدى السفن المحملة بالأرز في الفخ وربما يكون هذا هو السبب في ان ايساكو، وهو شخص حساس جداً، يقبل ببساطة قتل
الأفراد الأربعة الذين ما زالوا احياء من طاقم السفينة،
وعندما يسأل ايساكو امه عما حدث لطاقم السفينة عندما صعدها القرويون تجيبه، ليس هناك مكان للشفقة،، عليهم أن يقتلوا، لقد قرر أجدادك ذلك وهذا هو ما يحدث
منذ ذلك الوقت ،
ويوزع الأرز على القرويين، وفي اليوم التالي يرى ايساكو الناس وهم يضحكون ويمرحون فقد انقذهم جميعاً تحطم السفينة،
والرواية هي أول عمل للكاتب يترجم الى الانجليزية وقد ينظر البعض اليها على انها ذات رؤية حتمية على افعال الناس وعواقبها وربما ينظر اليها على انها
امثولة عن العدالة بسبب النتائج البشعة التي أتت بها الحادثة الثانية غير ان ذلك سوف يكون خطأ لأن الوعي المسيطر في الرواية هو الوعي الشرقي وليس الغربي،
وصحيح ان القرويين يرتكبون عدداً من الجرائم يعاقب عليها القانون عقاباً شديداً لو اكتشف امرهم، ولذلك فهم يرتاعون عندما يكتشفون ان مفتش شحن يبحث في
المنطقة عن سفينة غارقة، ورغم ان هذه السفينة لا علاقة لها بتلك التي نهبوها الا انهم يخفون الارز والأشياء الأخرى التي نهبوها من السفينة الأولى،
وبمعنى أكبر فإن هذه الرواية المحركة للشعور توحي بأننا بصورة ما أو أخرى نشبه تلك السفن التي يقذف بها الى الشاطىء أكثر مما يخطر لنا،