النوم إلا قبيل النهوض بساعة واحدة,
امسكت بورقة التقويم بعد ان نزعتها، تأملت التاريخ المدون بأعلاها تراجعت الى الخلف,, افزعني ما تراءى أمامي، اليوم يصادف )24( سبتمبر يوم غاب عن بالي أم
اني غيبته هروبا في واقع مر, وأريد ان أتناسى ذاك الذي أضاء جنبات روحي ذات زمن وأشعل البهجة داخل نفسي واشرقت فضاءات الوجود بفرحتي,, حلم طوقني بعقود
المنى، حتى انبت للفرح جنحانا انطلق بها عبر اماد العمر, وسرت عبر ممرات تتسع امام خطواتي لاعداد المراكب لترحل بنا إلى موانئ الدفء، لتتبدد هموم طاولتنا،
ولتتمدد ذواتنا فوق بساط الاسترخاء والارتياح,, ولكن الرياح العاتية طارت بالحلم وتركتنا بين صخور الواقع وقسوة الانتظار,
آه,, ما أشقى ليلالي الشتاء حين تباغتك وتغرسك نبتة في حقول الصقيع، تمني نفسك بليلة دافئة أو برداء يقيك صفعات تيار بارد!!
لازلت امسك بهذه الورقة اللعينة، وأنا أحاول ان اخفف من وطأة الالم الذي اجتاحني وأذكر نفسي بما حققته من نجاحات لم يصل إلى برجها العالي أي من العائلة,
أوه,, ما الذي يجعلني اتألم؟؟ كل هذا تفعله ورقة تحمل رقما!
ما الذي ينقصني,, اني افضل من غيري بمراحل كثيرة!
لِمَ لا أعيش يومي,, وأبتعد عن المنغصات وكل ما يجلب الذكريات المؤلمة والعواصف المزلزلة!!
حاولت ان اجلس وشعرت بما يشبه الشوك في مقعدي )اوه أي وخز هذا الذي طال مشاعري وجوارحي( من الذي ايقظ الذكرى بعدما نامت خلف اسوار النسيان؟!
أي انامل عبثت بالرماد وأخرجت جمرا متقدا لم تطفئه دموع هاطلة!!
ما أقساك يا ريح الذكرى حينما تهبين من اقصى الذاكرة لتعبثي ببقايا اعصاب مهترئه، في اي وقت تتوقع السقوط في بئر الانهيار,
ا,,ه,, الا يوجد مسكن ليوقف,, زحف الماضي الذي يحاول التمثل أمامي بكل تفاصيله, ما أقسى الاحساس بالهزيمة,
ألهذا الحد يبلغ الالم مبلغه حتى أحني قامتي بكل ضعف وانكسار امام موجة ذكرى دفينة,, حسبت اني دفنتها بين ذرات رمل النسيان في صحراء العمر المهدر!!
ما الذي أصابني,, لماذا يداي ترتعشان,, انني انتفض كعصفور بلله مطر!
اه,, ليتنى استطيع ان اعود الى فراشي، وانام نوما عميقا وحينما اصحو اجد نفسي قد تطهرت من اوثان ذكرى الامس الغارب!!
لاقف منصوبة القامة,, بكل شموخ امام القاعة بين اروقة الجامعة التي ضمتني طالبة، ونصبتني استاذة، اهجي تلميذاتي ابجديات علم النفس,, مدارسه,, علومه,,
نظرياته,, تحليلاته,
موضوعنا )النفس( بكل صباحاتها الجميلة واشراقاتها البهية وبما تمر به من دروب تؤدي إلى تعاستها وألمها,, وانطفاء ينشر العتمة بين جنباتها,
ما أعجب الانسان,, طبيب لغيره ومصدر ألم لنفسه!!
يحرم نفسه مباهج الحياة ويغلق على ذاته صندوق العزلة والانطواء، لان الريح داهتمته ذات مساء وسرقت حلمه الجميل وزرعته بأرض غير ارضه,
وهو يقف وحيدا تحت مظلة الانتظار يجني الحسرة وحرقة الموت,
أمسكت بالورقة ومزقتها,, وعدت إلى فراشي وأنا أُمني نفسي بحلم يورق بحدائق عمري وأمل يغسل عذاباتي,