ومن ثم طبقناه تطبيقاً كاملا، واتخذناه دستوراً نمشي على هديه وتوجيهاته، لأصبحنا أمة مثالية، بما تحمل هذه الكلمة من معنى، وحق لنا أن نقول لمن حولنا
تعالوا وانهلوا من هذا النبع الذي لا ينضب معينه، بدلا من القوانين الوضعية وما سببت لكم ولمن حولكم ولمن حذا حذوكم من المسلمين من الويل والثبور والدمار،
وفقدان الذات, وهذا واجبنا نحن المسلمين وأمرنا بذلك ان نستفيد ونفيد من هذا الدستور العظيم، الذي انزله الله سبحانه آخر كتاب، على آخر نبي، محمد صلى الله
عليه وسلم للناس كافة، يقول تعالى: وما ارسلناك الا كافة للناس بشيراً ونذيرا, وهذا الحديث بدأ بنفي شيء مهم، وهو الايمان، وان المسلم اذا لم يحب أخاه كما
يحب نفسه ينقص إيمانه، ومن كمال الإيمان أن يحب لاخيه ما يحب لنفسه، والايمان يزيد وينقص كما هو معلوم بالضرورة واذا تحقق هذا كمل الايمان واصبح المحب
والمحبوب شركاء في المنفعة، والمجتمع الذي يعيش افراده بهذا المستوى، لا شك انه مجتمع مثالي, لوطبقنا هذا التوجيه النبوي، وعشنا بهذا المستوى الذي يعجز
الوصف عن بيانه، وكم كان بودي لو اعطيت شيئاً من سحر البيان لكي اصف هذا المجتمع الذي اراده الخالق لخلقه، اسلوبا وحياة، ومنهاجاً، حتى نكون اخواناً
متحابين، متعاونين، كما قال عنا سبحانه وتعالى كنتم خير امة اخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله ,, ويقول سبحانه اليوم اكملت لكم
دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام دينا الله اكبر، الله اكبر, الخالق العظيم يقول لأمة محمد صلى الله عليه وسلم اكملت لكم هذا الدين وأتممت
عليكم نعمتي به ورضيت لكم الاسلام, فالكمال من الكامل بعيدا عن النقص, واتمام النعمة من المنعم ليس بعدها نعمة، والرضا من الخالق لنا هذا الدين هو النعمة
الكبرى,,
بربك ماذا نقول، عندما يقوم الناس لرب العالمين، حين نسأل ماذا عملتم بهذا الدين,, هل سرتم على هديه أم ضربتم به عرض الحائط؟,
أمة الاسلام، يا أمة محمد صلى الله عليه وسلم,
لِمَ لا نجدد قيم الاخاء والمحبة والمودة فيما بيننا, دعونا نعود فالعود احمد ورب الكعبة, ونقوم بالدور الذي خلقنا من اجله في هذه الحياة, يقول تعالى وما
خلقت الجن والانس الا ليعبدون والعبادة مطلقة وشاملة وليست مقصورة على الأركان كالايمان، والصلاة، والزكاة، والصيام، والحج فهذه معلومة بالضرورة بل
تتعداها العبادة الى كل شأن من شئون الحياة، صغيراً كان أم كبيراً، ولا شك ان قول الرسول صلى الله عليه وسلم لا يؤمن احدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه جزء
من هذه العبادة وبما اعطانا الله سبحانه وتعالى من العقل والتمييز، ما جعلنا نعرف الخير والشر، هل يقبل أحد منا ان يراق دمه، او يعتدى على عرضه وماله، او
يظلم ويستعبد؟,, فما دمنا لا نقبل ذلك على أنفسنا فمن باب اولى ألا نقبله على الآخرين حتى وان كانوا غير مسلمين,, والاسلام أمر بذلك,
عندما نكون كذلك ويجب ان نكون، سنعيش في هذه الحياة الفانية، في جنة صغرى، ونعيش ما اراد الله لنا ان نعيش، ونعبده سبحانه كما امر ولا نعبد سواه، حتى
يأتينا اليقين,
ومن نعمه التي لا تحصى خلق الحياة، وايجادنا من العدم بأحسن صورة، يقول تعالى: لقد خلقنا الانسان في احسن تقويم وسخر لنا كل شيء في هذه الدنيا، وخلق لنا
الموت وجعله نهاية لكل حي، ثم فرضية الابتلاء على كل انسان من سن الرشد حتى لقاء الموت، يقول تعالى الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم احسن عملا وأمرنا
بأفعال كلها تصب في صالح الانسان السوي ومع ذلك نؤجر عليها، ونهانا عن افعال لا تقبلها الفطرة السوية، ومع ذلك نؤجر اذا لم نفعلها,, ومن المحبة المتبادلة
ان نتعاون على ذلك كله,
عندما نفهم هذا الواقع الذي اراده الله والعمل الذي خلقنا من اجله وادركنا ان هذه الحياة ومن فيها مآلها الى الفناء كما قال تعالى: كل من عليها فان ويبقى
وجه ربك ذو الجلال والاكرام, فالواجب علينا ان نتقبل هذا الواقع وان نسير على هدي الخالق الذي اوجدنا فيه لكي نجتاز هذا الابتلاء الذي فرض علينا، ولنصغ
السمع لقوله عز شأنه: كل نفس ذائقة الموت وانما توفون أجوركم يوم القيامة، فمن زحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور ,
الخلاصة:
من هذه الحقائق التي لا مجال للشك فيها علمنا ان الحياة خلقت للفناء، وان الموت نهاية لكل حي، وبداية للحياة الأخرى، ولولا الموت لما أدركنا قيمة الوجود
والحياة الخالدة في الدار الآخرة، كما علمنا ان الحياة وظيفة وقتية، أُمرنا ان نعمل بها وفقاً لمنهج معين، وبما لدينا من عقل وتمييز أدركنا بهما معرفة
الحق من الباطل، فإن عملنا كما أُمرنا حققنا السعادة في الدنيا والآخرة، وعشنا في جنة صغرى في هذه الحياة الفانية، وإذا لم نعمل كما أُمرنا فلا نلوم الا
انفسنا والمثل يقول: يداك أوكتا وفوك نفخ، وعند التقاعد بلقاء الموت توزع الأجور، والأجور ها هنا ليست مادة ولا منصبا، وانما هي شيء آخر، يختلف كل
الاختلاف عن زخارف الدنيا وما فيها: هو الفوز بالجنة والنجاة من النار، يقول تعالى للفائزين: جعلني الله واياكم والمسلمين منهم، وسيق الذين اتقوا ربهم الى
الجنة زمرا حتى اذا جاءوها وفتحت ابوابها وقال لهم خزنتها سلام عليكم طبتم فادخلوها خالدين وقالوا الحمد لله الذي صدقنا وعده وأورثنا الأرض نتبوأ من الجنة
حيث نشاء فنعم اجر العاملين هذا هو الأجر الذي يستحق أن نعمل من أجله,
والمرء يجب ان يحب لأخيه ما يحب لنفسه يؤجر في الدار الآخرة, هذا صحيح, ولكن لهذا الخلق النبيل فوائده في هذه الحياة الدنيا منها: قلة المشكلات في الحياة
الاجتماعية، وامام القضاء فان المشكلات لا تنشأ إلا حين يكون الانسان أنانياً,