أوزبكستان على عتبة القرن الواحد والعشرين
د صالح محمد الخثلان
تلقيت الاسبوع الماضي دعوة من السفير الاوزبكي للمشاركة في مناسبة اعدت للاحتفاء بصدور النسخة العربية من كتاب الرئيس اسلام كريموف:أوزبكستان على عتبة القرن الحادي والعشرين وقد شارك في المناسبة عدد من اعضاء السلك الدبلوماسي وتحدث عن الكتاب سفراء او كرانيا وروسيا وتركيا و ماليزيا هذا الكتاب يمثل اطلالة على فكر القيادة السياسية في اوزبكستان و على تصوراتها لأهم التحديات التي تواجه أوزبكستان بشكل خاص ومنطقة اسيا الوسطى بشكل عام ويقدم تحليلا مفصلا وموضوعيا لعوامل الامن والاستقرار في منطقة اصبحت محط انظار العالم منذ استقلال دولها اواخر 1991 يتسم هذا الكتاب: أوزبكستان على عتبة القرن الواحد والعشرين بالصراحة في مناقشة و تحليل الرئيس لاهم التحديات، كما يتسم بنظرته المتوازنة لكيفية التعامل مع تلك التحديات
والرئيس اسلام كريموف ومن منطلق ان الخطوة الاولى لحل أي مشكلة تتمثل في الاعتراف بها وفهمها يتطرق لمجموعة من التحديات التي تواجه اوزبكستان واسيا الوسطى في هذه المرحلة التاريخية الحاسمة ومن اهمها النزاعات الاقليمية حيث يشير الى استمرار الصراع في افغانستان واجواء التوتر في طاجيكستان بالرغم من توقيع اتفاقيات المصالحة بين الحكومة والمعارضة، ويؤكد على ان الامن والاستقرار في اسيا الوسطى مرتبط بحل نهائي لهذه النزاعات كما يشير الى التطرف كأحد مصادر التهديد لأمن اسيا الوسطى، ويؤكد على ضرورة التمييز بين الاسلام وقيمة الانسانية ودوره الحضاري، وبين محاولات استخدامه من قبل بعض الحركات السياسية لاغراض خاصة، ويدعو الحكومات الغربية الى تبني نظرة موضوعية الى الاسلام والاعتراف بدوره الحضاري والاعتراف بان مايحدث في الكثير من المجتمعات الاسلامية هو نتاج لمجموعة كبيرة من العوامل الاجتماعية و الاقتصادية والسياسية الناجمة عن التحولات التي تشهدها تلك المجتمعات وعجز حكوماتها عن القيام بوظائفها تجاه مواطنيها في ظل تزايد الضغوط الداخلية و الخارجية وقلة القدرات وضعف المؤسسات
التهديد الاخر الذي يواجه اسيا الوسطى يتمثل في مساعي النفوذ والهيمنة التي يمارسها عدد من الدول واهمها روسيا، حيث يوجد على الساحة السياسية الروسية عدد من الحركات التي تتسم توجهاتها بالتعصب القومي وتنادي بضرورة استعادة ماتزعم انه أراض روسية في البلطيق والقوفاز واسيا الوسطى ويفند الرئيس اسلام كريموف مزاعم الرسالة الحضارية والدور التنويري الذي تستخدمه القوى الكبرى كغطاء ومبرر لنشر نفوذها
ومن بين التهديدات التي تواجه الامن الاوزبكي النزعة الاقليمية الداخلية المتمثلة في تقديم مصالح المناطق والاقاليم في توزيع المشاريع وسياسات التوظيف على حساب المصلحة الوطنية مما يتسبب في خلق عداءات قد تستمر كامنة حتى تتوافر الظروف التي تسمح لها بالظهور الى السطح بشكل يهدد وحدة الدولة وبقائها لذلك نجد القيادة الاوزبكية قد جعلت من محاربة النزعة الاقليمية والعشائرية والقضاء عليها هدفا استراتيجيا لها ومن بين الوسائل التي قد تساهم في تحقيق هذا الهدف يذكر الكتاب التوازن بين مصالح المناطق وتكافؤ الفرص فيما يتعلق بالوظائف وتوزيع المشاريع ومنح استقلالية اكبر للسلطات المحلية وكذلك تعميق الاصلاحات الديموقراطية القادرة على خلق مؤسسات سياسية تكون قناة لتجاوز الانتماءات الاقليمية والعشائرية الضيقة
كما يشير الرئيس الى التناقضات العرقية ومشاكل الرشوة والجريمة وتدهور البيئة كمصار لتهديد الامن الوطني لأوزبكستان والامن الاقليمي لآسيا الوسطى
وفي القسم الثاني من الكتاب يتحدث الرئيس عن مجموعة من العوامل التي تساهم في الامن والاستقرار ومن اهمها: الوعي القومي والانبعاث الروحي، بناء مؤسسات الدولة وتعزيز قدراتها الدفاعية، التحول التدريجي نحو الديموقراطية، استمرار الاصلاحات الاقتصادية مع الاخذ بعين الاعتبار اثارها الاجتماعية، وتطوير البنية التحتية، وتنمية الموارد البشرية، ووضع التشريعات اللازمة لإعطاء الاصلاحات صفة الاستمرارية والبقاء وخلق دولة القانون كما يؤكد على ضرورة الدخول في علاقات تعاون وصداقة على المستويين الاقليمي والدولي
ان اهمية هذا الكتاب تتضح من خلال زاويتين على الاقل: اولا: ان هذا الكتاب يؤكد على وجود رؤية إستراتيجية لدى القيادة الاوزبكية تجاه حاضر الدولة و المنطقة وكذلك مستقبلها ونلاحظ ان الكثير من الدول تفتقد لمثل هذه الرؤية الاستراتيجية وتنشغل حكوماتها بالمسائل اليومية مما يتسبب في دخولها دوامة الاصلاح والفشل ويشل من قدرتها على مواجهة التغيرات الداخلية و التحديات الخارجية ثانيا: تتضح اهمية الكتاب كذلك من مكانة ودور أوزبكستان في اسيا الوسطى حيث نلاحظ انها تتمتع بدور القائد الاقليمي في المنطقة، وسياساتها تحظى باهتمام جميع الدول الراغبة في الدخول في المنطقة والمشاركة في استثمار ثرواتها هذه المكانة لم تأت من فراغ بل هي حصيلة خصائص ميزت اوزبكستان عن باقي جيرانها، ولانبالغ اذاقلنا ان الاستراتيجية التي تتبناها اوزبكستان سواء فيما يتعلق بأوضاعها الداخلية او علاقاتها الاقليمية او الدولية سيكون لها صدى في المنطقة ككل ومن ثم فان هذا الكتاب قد يساعدنا في التنبؤ بمستقبل اسيا الوسطى لذلك ادعو الى قرءاة هذا الكتاب وسيجد القارىء تشابها يصل حد التماثل بين تحديات الامن في اسيا الوسطى وتلك التي تواجه الوطن العربي كما أننا بحاجة الى رفع مستوى الاهتمام بآسيا الوسطى، ولأهمية الدور الذي يلعبه الاعلام أخاطب الاعلام السعودي بشكل خاص والعربي على العموم الى ضرورة بذل المزيد من الجهد لتعريف المواطن وصانع القرار بجميع ما يستجد في منطقة لاتقتصر أهميتها على الجانب الثقافي بل تتجاوزها الى الأبعاد الاقتصادية والامنية والسياسية
أوزبكستان على عتبة القرن الواحد والعشرين إسلام كريموف
شركة المطبوعات للتوزيع والنشر
ترجمة مفيد قطيش
الطبعة الأولى 1997


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved