مصير العالم بين قزوين والخليج 1/2
دصالح محمد الخثلان
في كل مرة نتناول دول الرابطة المستقلةالاتحاد السوفيتي نلاحظ اننا نشرع مباشرة في بيان الاثار السلبية الناجمة عن انهيار النظام السوفيتي فنذكر عدم الاستقرار السياسي والصراعات العرقية وارتفاع معدلات الجريمة ومستويات التضخم والفقر وكذلك التراجع الصناعي والتقني وهذه بلا شك حقائق لا خلاف عليها، ولكن نلاحظ ان انشغالنا بهذه الاثار السلبية للانهيار صرفنا عن بيان ما قد يكون له من ابعاد ايجابية على بعض الشعوب السوفيتية ومن اهمها نيل تلك الشعوب الاستقلال وتحررهامن سلطة موسكو
كما ان شعوبا اخرى حققت مكاسب اخرى وذلك من خلال سيطرتها المباشرة على اراضيها التي كشفت مشاريع التنقيب عن احتوائها على ثروات طبيعية هائلة ستدر عوائد مالية ضخمة، اذا احسن استغلالها وستمكن مواطنيها من تحقيق حياة معيشية كريمة بعد سنوات طويلة من الفقر والمعاناة ومن بين تلك الدول نذكر الجمهوريات الاسلامية قازاخستان وتركمانستان واذربيجان والتي تشهد عواصمها ومنذ الايام الاولى من الاستقلال حركة نشطة جوهرها الرغبة في استغلال ماحباها الله من ثروات نفط وغاز كبيرة جعل الكثير من المراقبين يشبهها بمنطقة الخليج العربي فمنذ عام 1991 لا يكاد يمر يوم واحد الا ويعلن عن توقيع عقد بين حكومات هذه الدول وشركات اجنبية اما بمنح حق التنقيب او الانتاج او التصدير
ولم تعد المنافسة الدولية على نفط وغاز قزوين قاصرة على الشركات الغربية بل سعدت مؤسسات اسيوية يابانية وصينية وكورية وماليزية وهندية وباكستانية لنيل نصيبها من هذه الكعكعة الجديدة وما نلاحظه هو محدودية المشاركة العربية في لعبة المنافسة المربحة حيث تنحصر في مساهمة بسيطة لعمان في مشروع انتاج ونقل نفط حقل تنقيز القازاخي وكذلك مشاركة شركة دلتا السعودية في مشروع انتاج نفط عدد من الحقول الاذرية
ونستغرب حقا غياب شركة بحجم وامكانيات ارامكو السعودية في استغلال ثروات بحر قزوين وهي التي كانت ستجد ترحيبا من حكومات الدول الاسلامية وقد يتساءل البعض عن مصلحة ارامكو في التنقيب والانتاج في مناطق ستكون منافسة لها ونقول ان نفط وغاز قزوين سينتج ويصدر الى الاسواق العالمية ولن يبقى حبيس الارض ومن ثم كان من الفضل ان نبحث عن نصيب لنا في ثروات ستصل الى المستهلك سواء بمشاركتنا او بدونها
ونشير الى ان التقديرات الاولية لاحتياطات بحر قزوين والاراضي المحيطة به تتفاوت بين 90 بليون برميل الى 200 بليون برميل من النفط و 280 ترليون قدم مكعب من الغاز مع بقاء جزء كبير من اراضي المنطقة دون تنقيب حتى الان
واستغلال هذه الثروات ليس امرا سهلا على الاطلاق حيث يواجه مجموعة من المشاكل من اهمها الخلاف على ملكية ثروات بحر قزوين بين الدول المطلة عليه وهي روسيا وقازاخستان وتركمانستان واذربيجان وايران وجوهر الخلاف يتمثل في طبيعة هذا البحر المغلق حيث ترى روسيا وايران وتركمانستان ان بحر قزوين يمثل بحيرة مغلقة مما يعين ان تشترك جميع الدول المطلة عليه في استغلال ثرواته الطبيعية والمائية اما اذربيجان وقازاختسان فتؤكد حكوماتها على ان قزوين يعد بحرا يحكمه قانون البحار الدولي والذي يسمح بتقسيمه بين الدول المطلة عليه وتمتع كل دولة بحق استغلال ما يوجد من موارد في الاجزاء الخاصة بها من البحر ولاتزال قضية الملكية قائمة وان كان البعض يعتقد ان روسيا تستخدم هذه المسالة كورقة ضغط على اذربيجان وقازخستان لاقناعهما بضرورة استخدام الاراضي الروسية كمعبر لتصدير النفط او الغاز المستخرج من قزوين
من ناحية اخرى فإن مهام التنقيب عن هذه الثروات وانتاجها وتصديرها يفوق امكانات دول المنطقةلذلك سعت الى الحصول على مساهمة دولية خلقت تنافسا محموما كانت له اثار سياسية لم تنته بعد ولعل اهم جوانب هذه المنافسة هو موضوع طرق تصدير النفط والغاز الى الاسواق العالمية وذلك لكون الدول الثلاث لا تتصل ببحار مفتوحة وهي بحاجة الى استخدام اراضي الدول المجاورة لنقل صادراتها وتتنافس دول الجوار على الاستئثار بمرور الجزء الاكبر من تلك الثروات عبرها وذلك للحصول علىجزء من عوائد التصدير وقد قدمت مجموعة من البدائل لخطوط انابيب قائمة ومقترحة وهذه الخطوط تسير في جميع الاتجاهات ولكنها جميعا تعاني من بعض الصعوبات فالخطوط الشمالية عبر الاراضي الروسية تواجه مخاطر عدم الاستقرار في شمال القوقاز وبالتحديد في الشيشان وكذلك مشكلة الهيمنة الروسية والتي لاترغب فيها سواء الدول المالكة للثروات او الدول المستهلكة لها وخاصة الغربية كما تواجه المنافذ الروسية مشكلة القيود التي تضعها الحكومة التركية على عدد ناقلات النفط التي يحق لها العبور من البحر الاسود الى المتوسط عبر مضيق البسفور نتيجة لمخاوف بيئية على مدينة اسطنبول وكحل لهذه المشكلة فقد اتفقت روسيا مع بلغاريا واليونان على نقل نفط قزوين الى الموانئ اليونانية عبر الاراضي البلغارية ولكن يعيب هذا المنفذ البديل تكاليفه الباهظة


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved