اعلنوا ابتداء :موت المؤلف كان لابد في المنتهى ان يعلنوا ولو بعد حين:موت الناقد!,, ولايهم اذا تركوا النص معلقا بلامؤلف ولا ناقد!,, ولعلهم ارادوا ان يطيحوا بعنق المؤلف لحساب اطلاق يد الناقد حتى يستفرد او ينفردالناقد بالنص يفعل به ما يشاء مخضعا اياه لما يشاء من ادوات تشريح لا يرى الناقد سواها صالحة لفهم النص الادبي، تلك الادوات الخاصة جدا التي لايملكها معظم القراء ولا حتى يملكها او يعتقد الاكتفاء بها كل النقاد، اي انهم يعملون لحساب الناقد الخاص جدا لاالقارئ، حتى وان استخدموا كلمتي القارئ والقراء وكلمتي الناقد والنقّاد بمعنى، وان استخدموا كلمة القراءة على اطلاقها وهم يضمرون القراءة النقدية بل النقدية ذات الادوات الخاصة جدا,, مع ان المبدع لايبدع من اجل الناقد او النقاد وانما يتوجه الى جمهور من القراء اكثر اتساعاً واقبالا على الابداع من جمهور النقاد,
**يأتي النقد تاليا للعمل او النص المبدع، وبلا عمل ادبي او نص ابداعي لا وجود ولاحياة للنقد الادبي ولا للناقد، وازاحةالمؤلف او اماتته- كما اعلنه الناقد الفرنسي رولان بارت منذ عشرين عاما ، ونهج نهجة بعض نقادنا العرب - هو اتجاه فيه من التطرف المنهجي ما لا تقبله العملية الإبداعية الثلاثية الاطراف:المؤلف/ والعمل او النص الادبي/ والمتلقّي سواء أكان قارئا عاديا ام ناقدا ولا اظن ان مؤلفا - شاعراً كان ام قاصا ام كاتبا مسرحيا - سيرضى او يسعد بازاحته او اماتته واغتصاب نصه منه ليفعل به الناقد ما يشاء، ولا اظن ان العمل او النص سيزيد من قيمته او يثريه ويبهجه انتزاعه من مبدعه وتعليقه يتيماً في الفضاء يحلّق تائهاً ما شاء له التحليق مهما وصلوه بغيره من اعمال ابداعية ينتظم في سياقها او مدارها، اذن لم يبق سوى الناقد هو الذي يسعده ويمنحه المجد والعلاء ان ينفرد وحده بالنص بعد ان ازاح المؤلف او اماته,
ان هذه النظرة - التي يبدو فيها تطرف الانحياز ضدّاومع - تضع الناقد المعتنق لها في حرج شديد حين يتعامل مع النصوص الدينية، فهل سيطبّق عليها منهجه فينفرد بالنصوص دون اعتبار للقائل؟!
** ولا اظن ان احدا يود الذهاب الى الطرف النقيض الاخر والاتفاق مع ماقاله الاديب الروسي الشهير ليو تولستوي من ان النقاد كالذباب يتكاثر على الحصان الذي اضناه العمل فنضح عرقا، بينما الذبابيزن على جسده العرق فيشتته عن عمله الابداع، وما الحصان الذي يعنيه تولستوي هنا سوى المؤلف او المبدع!!
**سيظل النص حيا يدور في فلك مؤلفه مع غيره من النصوص، سوء وصلوه باشقائه من نصوص المؤلف ذاته، او بنظائره وبغيرها في سياقات وافلاك اخرى, وسيظل المؤلف ينعم بالحياة ما بقي النص حيا، وسيظل القراء يقبلون على النصوص المبدعة منسوبة ومتصلة بمبدعيها تحمل مكابداتهم وجينات نسبها اليهم، وسيظل النص يستدعي اسم مبدعه كما يستدعي اسم المبدع عنوان نصه او نصوصه بسماتها وخصائصها الشديدة الخصوصية ، سواء أقدم الناقد على النص ام احجم، وسواء اعلنوا موت النقد او ابقوه حيا يرزق!!
**وبعد,, ان المتنبي لم يصنعه النقاد، ولا اكتشفوا عبقريته الفذّة ، كما لم يكتشفوا ولم يصنعوا عباقرة الابداع على مسار التاريخ,
** الابداع سابق على النقد,,والابداع والمبدع هما الاصل والنقد والناقد فرع او قل نبتة نبتت في تربتهما, الناقد والنقد يعيشان على ما يغذيهما من مائدة الابداع الشهية التي اعدها وطبخها وقدمها: المبدع!
** وتشبيههم للعلاقة بين المبدع وعمله او نصّه بالعلاقة بين الاب وابنه، وان الابن ينفصل عن ابيه وتكون له شخصيته واستقلاله وحريته، تشبيه منحرف ومفارق، ذلك ان الاب لا دور له في تكوين او تشكيل او صياغة لصورة ابنه خلال تشكّله جنينا ولا دور له في غرس طبائعه فيه، فذلك كله لادخل للاب فيه مهما شابهه ابنه، اما المبدعالمؤلف فقد منحه الله موهبة الابداع وجعله حرّا في ابداعه لعمله الادبي يشكّله ويصوغه ويكوّنه حتى يستقيم في صورته التي يطلع بها علينا - مستخدما موهبته ووعيه ولاوعيه وقدراته التي اكتسبها,, مكابدا من اجل خلق عمل ادبي يحمل بلا شك بصماته الخاصة: جماليّا وفكريّا ونفسيّا وثقافيّا,, بل يحمل أنفاسه ودمه في كل نسيجه,,
خالدا ماخلّد عمله او نصّه,
** الذين يرفضونموت المؤلف يتمسكون به حيا يرزق ، خالداً بخلود اعماله او نصوصه,,, تُرى هل مازال الذين اعلنوا موت الناقد او النقد متشبثين باعلانهم عن موته؟!
**ولعلّه من الطريف ان نعرف ان رولان بارت :15-1980م صاحب صيحةمؤت المؤلف في أواسط العقد السابع الميلادي، قد تراجع وتخلّى عن صيحته وآثر العودة السالمة الى المؤلف,